| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حامد الحمداني

 

 

 

 

السبت 31 /12/ 2005

 

 

 

 

أطلقوا سراح الكاتب الدكتور كمال سيد قادر

 

حامد الحمداني

لم يكن يدور في خلدي أن أشهد هذا الانتهاك الصارخ لحرية الرأي في كردستان العراق ، ونحن الذين توسمنا أن تكون كردستان مناراً للديمقراطية التي ستمتد أنوارها على أرض العراق الطيبة كافة ، بعد تلك العقود السوداء من الطغيان الذي مارسه النظام البعثي الفاشي ، وبشكل خاص نظام صدام حسين الديكتاتوري الوحشي البشع .
لكن آمالي وآمال الكثير من أخواني المثقفين قد خابت بعد الذي جرى في تلك المنطقة التي كانت الملجأ لكل أحرار العراق المناضلين ضد الطغيان الصدامي وأجهزته القمعية ، والتي بذل أبناء الشعب الكردي دماء مئات الألوف من أبنائه لكي يعيش في ظل نظام حكم ديمقراطي حقيقي يقدس حقوق الإنسان وحرية الرأي والمعتقد ، والتعبير بكل حرية ، ونقد كل ما يجده من سلبيات تتناقض والمبادئ الديمقراطية والحريات العامة ، وفي مقدمتها حرية التعبير عن الرأي دون خوف من سيف النظام الدكتاتوري وأجهزته القمعية .
لقد صُعقت كما صُعقَ الكثير من الأخوة الكتاب والمثقفين العراقيين لنبأ الحكم الصادر على الكاتب الكردي الوطني الدكتور كمال سيد قادر بالسجن لمدة ثلاثين عاماً من قبل المحاكم في كردستان العراقية عقاباً له على مقال انتقد فيه السلبيات والفساد الذي ينخر بالمجتمع العراقي ، وكردستان جزء من هذا المجتمع ، ذلك الفساد الذي أصبح حديث الجميع تتناوله جميع الصحف وصحافة الإنترنيت وكافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ، لكنني لم اسمع لحد الساعة أن أحداً من الذين تحدثوا عن الفساد قد أحيل إلى المحاكمة في بغداد أو أي مدينة عراقية أخرى عدى كردستان .
فأي محكمة هذه التي أصدرت هذا الحكم الجائر بحق الكاتب كمال سيد قادر ؟
وأي قاضي هذا الذي قبل على نفسه أن يصدر هذا الحكم ؟
وعلى أي مادة قانونية استند القاضي الهمام في حكمه الجائر هذا ؟
وهل هناك في كردستان قانون يجري إتباعه غير قانون العقوبات البغدادي النافد في العراق ؟
ليدلنا القاضي الذي حلف اليمين يوم أصبح قاضياً على هذه المادة التي استند إليها في قراره الذي تجاوز عقوبة الإعدام في البلدان الديمقراطية بثلاثة أمثال .
إن كان القاضي قد أصدر الحكم الجائر بذاته دون فرض من أية جهة عليا فقد اقترف جريمة مخالفة القانون ، وجريمة خيانة القسم الذي أداه ، وإن كان قد تم فرض قرار الحكم عليه من السلطة السياسية ، وهذا ما أعتقده ، فقد خان ضميره ، أو باعه بثمن بخس على حساب الحق والعدل .
لست هنا في معرض الدفاع عن صحة أو عدم صحة ما جاء في المقال ، وإذا ما اقترف الكاتب كمال سيد قادر جريمة التشهير ونقل أخبار كاذبة ، أو انه نقل ما وجده حقاً واقعاً على الأرض ، لكني الذي أود التأكيد عليه أن جريمة التشهير لا تتفق مع القرار المجحف الذي أصدره القاضي بحقه إطلاقاً ، وبالتالي فإن هذا القرار هو قرار سياسي وليس قضائي ، وهو بلا شك يتعارض ومبدأ الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة ، بل وينسفها من الأساس ، وإذا ما استمرت هذه المحاكم في إصدار قرارات جائرة كهذه فإن الحلم بفيدرالية كردستانية ديمقراطية ستغدو مجرد أوهام ، وسيسود النظام القمعي الدكتاتوري الذي كافح الشعب الكردي الشقيق عقوداً طويلة ضد تسلطه على رقابهم ، ولا فرق بين دكتاتورية صدام وأي دكتاتورية أخرى ما دام الهدف واحد .
إنني أدعو السلطة الحاكمة في كردستان العراق ، ومن منطلق الحرص على التجربة الديمقراطية الوليدة في كردستان بشكل خاص والعراق بوجه عام ، ومن منطلق حبي الخالص للشعب الكردي الشقيق إلى إطلاق سراح الكاتب الدكتور كمال سيد قادر فوراً ، وتجنب استخدام هذه الوسائل القمعية ضد المواطنين ، وفي المقدمة منهم الكتاب والمثقفين الحريصين على مصلحة البلاد ، وحقوق الإنسان والعدالة ، وإجراء تحقيق عادل يتولاه قاضٍ نزيه يحترم قدسية اليمين والعدالة ، حول ما جاء في مقالة الدكتور كمال سيد قادر ، ومعالجة الخلل والفساد إن صح ما ذكره في مقاله حرصاً على مصالح الشعب والوطن ، وإذا ما ثبت بطلان ما ذهب إليه فعلى المحكمة أن تقرر العقوبة التي ينص عليها القانون ، والتي لا اعتقد أنها تتجاوز السجن لبضعة أشهر أو الغرامة .
إن ما يؤسف له أشد الأسف هذا الصمت الرهيب لنقابة الصحفيين ، والكتاب والمثقفين والحقوقيين الأكراد على هذا الحكم الجائر الصادر بحق زميل لهم ، فهذا السكوت يشجع السلطة على المضي في هذا السبيل المنافي للديمقراطية وحقوق الإنسان ، وإذا كان الضحية اليوم هو الدكتور كمال سيد قادر فغداً سيكون الآخرون معرضون لهذا المصير بلا أدنى شك ، أو أن يروا ويتلمسوا الجور والظلم دون أن ينبسوا بحرف واحد احتجاجاً ، ويرتضوا بالعبودية ولتذهب الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى الجحيم .
أما القاضي الذي أصدر هذا الحكم الجائر فليس أمامه إلا أن يستقيل ويتوارى عن أنظار المواطنين من أبناء شعبه خجلاً ، وليعتذر للدكتور كمال سيد قادر ويعترف بحقيقة كونه قد أصدر حكماً تم فرضه عليه دون وجه حق ، ويكّفر عن هذه السيئة الكبرى التي اقترفها ليس في حق الدكتور كمال سيد قادر ، بل بحق كل المواطنين المؤمنين بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان .