| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حامد الحمداني

WWW.Hamid-Alhamdany.com

Alhamdany34@hotmail.com

 

 

 

الخميس 29/6/ 2011                                                                                                    

 

هذه أحدى مآثر ثورة 14 تموز، فماذا قدمتم يا حكام العراق الجدد؟
(3)

حامد الحمداني

إصدار قانون الإصلاح الزراعي

كان إصدار قانون الإصلاح الزراعي في العراق بتاريخ 30 أيلول 1958 يمثل ثورة اجتماعية حقيقية في أبعادها الإنسانية، إنه بحق تاج المنجزات التي حققتها الثورة لصالح ثلاثة أرباع الشعب العراقي، طبقة الفلاحين التي كانت تكدح وتشقى ولا تملك من دنياها شيئاً، تعمل طوال حياتها لصالح الإقطاعيين الذين استغلوها أبشع استغلال، وتركوا الفلاحين يعيشون في فقر مدقع، يسكنون الأكواخ الخالية من أبسط الشروط الصحية، حيث لا ماء نقي صالح للشرب، ولا كهرباء، ولا كساء، ولا أية خدمات صحية، أو ثقافية، أو تعليمية، يعملون بأكل بطونهم لا غير.

كانت ديون الإقطاعيين قد أثقلت كواهلهم، وأجبرتهم على  العمل في خدمة الإقطاعي، حيث ينص قانون العهد الملكي على عدم جواز ترك الفلاح عمله في خدمة الإقطاعي، طالما هو مدين له.

وكان الفلاح مضطراً للاستدانة طول السنة من أجل تأمين الحاجات المادية له ولعائلته انتظاراً لموسم الحصاد، واستلام حصته من الريع، الذي كان يذهب معظمه إلى جيب الإقطاعي.

وهكذا فقد جاء هذا القانون ليحرر هذه الملايين الغفيرة من أبناء الشعب، والذين يكونون العمود الفقري للمجتمع العراقي، ولينتزع  المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية من الإقطاعيين، ويحدد الحد الأعلى للملكية الزراعية بـ 1000  دونم من الأراضي المسقية، و2000 دونم من الأراضي الديمية، تعتمد على المطر وتوزيع الأراضي المستملكة على الفلاحين الفقراء.

كما فرض القانون على جميع الملاكين استغلال الأرض وزراعتها لحين إكمال إجراءات الاستملاك والتوزيع، وتقرر البدء باستملاك الإقطاعيات الكبيرة، وأوضح القانون أن دفع التعويضات للإقطاعيين، سوف يجري حسب القيمة الحالية للأرض، تسدد على مدى 20 سنة بفائدة سنوية مقدارها 3 % سنوياً، وتوزع قطعاً لا تزيد عن 30 دونما من الأراضي المسقية، وما بين 60ـ 120 دونماً من الأراضي الديمية، على أن يدفع الفلاح ثمن أرضه المقرر بقرار اللجان المختصة مضافاً إليها 20 % من أصل القيمة، لتسديد مصاريف الاستملاك، وُيقسّط المبلغ على الفلاحين الممنوحين أراضي لهم على  20 سنة، هذا ما جاء به الفصل الأول من القانون.

أما الفصل الثاني فقد أختص بأحكام تأسيس الجمعيات الزراعية التعاونية وتنظيمها من أجل رفع كفاءة الفلاح العراقي وزيادة الإنتاج، ولتسهيل الحصول على المعدات الزراعية الضرورية، والأسمدة والمبيدات الحشرية.

أما الفصل الثالث فقد نظم العلاقة بين صاحب الأرض والفلاح المستأجر، وفرض العقود الكتابية بينهما بصورة مباشرة على أن لا تقل مدة العقد عن 3 سنوات، ومنع القانون طرد الفلاح، أو حبس وسائل السقي على أن لا يخل الفلاح بالتزاماته تماماً، وحدد حصة الفلاح من الزراعة ما بين 55 ـ 60 % من الإنتاج السنوي.

أما الفصل الرابع فقد أهتم في تحسين وضع الأجير الزراعي، حيث نص على تحديد الحد الأدنى للأجور السنوية لمختلف المناطق الزراعية،على أن تقوم بتحديد الأجور، لجنة يشكلها وزير الزراعة، ويرأسها موظف كبير في الوزارة، وممثل لأصحاب الأراضي، وممثلان عن الفلاحين المزارعين، على أن يصادق الوزير على قرارات اللجنة. كما نص القانون على إلغاء قانون [ حقوق وواجبات الزراع لسنة 933 ]، وتقرر بموجب القانون تشكيل اللجنة العليا للإصلاح الزراعي برئاسة رئيس الوزراء، وتكون قرارات اللجنة قطعية.

حدد القانون مدة تنفيذه بخمس سنوات، وأعلن عبد الكريم قاسم ـ رئيس الوزراء ـ غداة إعلان القانون في 30 أيلول 58 ـ بأن الثورة وجدت أن القانون المذكور هذا هو الأساس في الإصلاح الاجتماعي، وأضاف بـأن الملاكين الصغار لن تمس أراضيهم، أما الكبار فسوف يعوضون تعويضاً عادلاً، وبذلك سجل عبد الكريم قاسم مأثرته الكبرى بتصفية الإقطاع ركيزة الإمبريالية والنظام الملكي المنهار في العراق. (13)

 نظرة في القانون:

من خلال قراءة متأنية لهذا القانون نستطيع القول أن القانون الذي نال موافقة جميع أطراف جبهة الاتحاد الوطني بمختلف اتجاهات أحزابها، وموافقة اللجنة العليا للضباط الأحرار، كان بحق ثورة اجتماعية كبرى تخص حياة أغلبية الشعب العراقي، وكانت له نتائج إيجابية كبيرة، أثرت على مستوى حياتهم المعيشية وحررتهم من نير الإقطاع، وفتحت الطريق واسعاً أمام إجراء تغييرات كبيرة واسعة في علاقات الإنتاج لصالحهم مما لا يمكن نكرانها أو التقليل من شأنها.

غير أن القانون لم يكن يخلُ من السلبيات التي يمكن تلخيصها بما يأتي:

1 ـ كان تحديد الحد الأعلى [ 1000 ] دونم من الأراضي المروية،و[2000] دونم من الأراضي الديمية يمثل مساحة كبيرة منحها القانون للإقطاعيين، وكان بالإمكان تحديد نصف هذه المساحة لهم فقط. 

2 ـ إن جعل مدة نفاذ القانون خمس سنوات كان طويلاً جداً، وكانت ذات تأثير سلبي على القانون، نظراً لما قام به الإقطاعيون من تخريب اقتصادي، بسبب استمرار نفوذهم طيلة تلك المدة، وكان من الأفضل أن لا تتجاوز مدة نفاذه أكثر من سنتين على أغلب الأحوال.

3 ــ إن مبلغ التعويضات الذي فرضه القانون أثقل كاهل الفلاح، في وقت كان فيه لا يملك شيئاً عندما صدر القانون، وكان بالإمكان التعويض كحد أعلى عن 10000 دونم فقط، وما زاد عنها يستملك دون تعويض، مما يخفف عن كاهل الفلاح المعدم، ويوفر له مجالاً أوسع لتطوير أوضاعه الاجتماعية، والاقتصادية. كما كان يقتضي مصادرة الأراضي العائدة للخونة من كبار الإقطاعيين الذين ساموا الفلاحين سوء العذاب طوال عقودً طويلة من الزمن دون تعويض.

4 ـ كان المفروض أن يتعرض القانون لمسألة صيانة الإنتاج الزراعي، وإدامته وصيانة المشاريع الزراعية كمشاريع الري، والمكائن الزراعية، والحفاظ على إنتاجية الأرض الزراعية، ومراقبة توزيع المياه بصورة عادلة، ومنع الإقطاعيين من القيام بالتخريب الذي أدي إلى هبوط الإنتاج الزراعي، وكان ينبغي النص على فرض العقوبات الصارمة بحق كل من يحاول التخريب، وحرمانه من أي تعويض.

 

29/6/ 2011

 

هذه أحدى مآثر ثورة 14 تموز، فماذا قدمتم يا حكام العراق الجدد؟ (2)
هذه أحدى مآثر ثورة 14 تموز، فماذا قدمتم يا حكام العراق الجدد؟ (1)


 

free web counter