| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حامد الحمداني

WWW.Hamid-Alhamdany.com

Alhamdany34@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 1/2/ 2012                                                                                                    

 

هل يدفع الشعب العراقي فاتورة الصراع على السلطة؟

حامد الحمداني

يعيش المواطن العراقي اليوم محنة ما بعدها محنة، وهو يشهد هذا الصراع الرهيب بين قادة القوى السياسية المشتركة بالسلطة، وكل جهة تحاول الاستئثار بها  بكل الوسائل والسبل، مما يهدد في اندلاع الصراع المسلح الذي عانى منه الشعب عامي  2006 و 2007 .

ولم يدر في خلد الشعب العراقي الذي كان تواقاً للخلاص من نظام طاغية العصر صدام حسين وحزبه الفاشي، والخروج من ذلك الوضع القاسي، ليصبح  ضحية وضع أشد قساوة وأفضع، حيث تراق دماء المواطنين الأبرياء في شوارع بغداد وسائر المدن العراقية الأخرى على أيدي القتلة المأجورين.

نعم لم يدر في خلده أن يشهد هذا الصراع العنيف بين قادة الكتل والأحزاب السياسية على السلطة، تاركين الشعب تحت رحمة القوى الإرهابية الصدامية وميليشيات أحزاب الإسلام السياسي الظلامية، وحتى أجهزة السلطة الأمنية التي حولت حياة المواطنين إلى جحيم لا يطاق،  جراء الجرائم التي يقترفونها كل يوم بدم بارد، وعن عزمٍ وتصميم لإنزال اكبر الخسائر البشرية والمادية بالشعب العراقي، بسياراتهم المفخخة والعبوات المزروعة على الطرق والشوارع، والأحزمة الناسفة للانتحاريين الظلاميين المجرمين، والمسدسات الكاتمة للصوت،  حتى بات المواطن العراقي لا يأتمن على نفسه حتى في بيته .

وبدلا من توحيد القوى والأحزاب السياسية التي عارضت نظام الطاغية صدام جهودها للتصدي لهذا الوباء الخطير الذي يعصف بالبلاد والعباد، فقد جرى تحويل مجرى الصراع بين هذه القوى إلى صراع طائفي خطير بين الشيعة والسنة !! عامي 2006 و 2007، ووصل هذا الصراع إلى الحد الذي جرت فيه أعمال القتل الوحشية على الاسم والهوية، ولعب الإعلام المتخلف والمتعصب لهذه القوى دوراً خطيراً في تحشيد العناصر المتخلفة وغير المنضبطة، وزجها في هذا الصراع الرهيب الذي سبب إزهاق أرواح عشرات الألوف من المواطنين الأبرياء، وتشريد أكثر من مليونين من المواطنين الذين تركوا مساكنهم وأعمالهم ومدارس أبنائهم هربا من الموت على أيدي ميليشيات أحزاب الإسلام السياسي.

لقد تخلت هذه القوى والأحزاب عن وطنيتها العراقية، واضعة نصب أعينها الحصول على المكاسب والمغانم من خلال سعيها الحثيث للإمساك بالسلطة حتى لو احترق العراق بأهله، ففي حين نشهد كل يوم عشرات الضحايا من المواطنين المقتولين خنقاً أو ذبحاً أو رصاصة بالرأس وهم معصوبي الأعين ومكتفي الأيدي على يد العناصر الإرهابية التي لم تبقَ وقفاً على العناصر الصدامية والظلامية، بل يشاركها اليوم العناصر المحسوبة على السلطة بما فيها عناصر تنتسب إلى قوات الأمن المفروض فيها حماية الأمن والنظام العام والحفاظ على أمن المواطنين، وقد اعترفت وزارة الداخلية بأن عصابات الموت في الأجهزة الأمنية قد مارست هذا العمل الإجرامي الشنيع بحق المواطنين الأبرياء .

لقد تخلت هذه القوى التي فقدت ثقة الشعب بها جراء مواقفها إلا مسؤولة، عن وطنيتها العراقية، وباتت أداة طيعة بيد القوى الإقليمية، والقوى الإمبريالية، فقد وضعت قوى سياسية عنبها في سلة إيران، ووضعت قوى أخرى عنبها في سلة سوريا، وقوى ثالثة وضعت عنبها في سلة السعودية، ورابعة وضعت عنبها في سلة أمريكا و بريطانيا، ولكل منها أجندتها وأهدافها البعيدة المدى مستعينة بما تقدمها هذه الدول من دعم مادي ولوجستي لقاء الخدمات التي تقدمها هي لهذه الدول بالضد من مصالح الشعب والوطن .

ولم تتعلم هذه القوى الدرس من تجارب التاريخ، وتناست كل تلك المؤتمرات التي كانت تعقدها يوم كانت في المعارضة الوطنية خارج الوطن، وتوافقها على توحيد الجهود لبناء عراق ديمقراطي موحد، ينعم فيه شعبنا بالسلام والحرية والعدالة الاجتماعية التي حُرم منها لعقود طويلة .

لقد تخلت هذه القوى عن الشعب في أحلك محنة تعصف به، ولم يعد ما يهمها سوى تحقيق مآربها الأنانية، وتعطشها للسلطة والاستئثار بها  والسعي لتحقيق أهدافها الخاصة حتى ولو أدت إلى تمزيق العراق شعباً ووطناً.

الشعب العراقي أيها السادة تنتابه اليوم خيبة أمل كبرى بكم، فقد تلاشى الأمل الذي كان يحلم به على أيديكم، وأصابه اليأس من إصلاح الأوضاع المأساوية التي يعيش بظلها، فلا أمان واطمئنان على الحياة، ولا خدمات اجتماعية وصحية وثقافية، والبطالة بلغت أعلى معدلاتها، والجوع والفقر والأمراض تنخر بالمجتمع، وانتم عنه لاهون، وعلى السلطة تتصارعون، ولخدمة الأجنبي تتسابقون.

الوضع خطير أيها السادة، ولم يعد هناك متسع من الوقت إلا القليل لتكفروا عن أوزاركم، وتعودوا إلى شعبكم، وتدعو جانياً مصالحكم الحزبية والشخصية الأنانية، ولتكونوا عراقيين أوفياء حقاً وصدقاً، وليشد بعضكم إزر بعض، ولتحافظوا على وحدة الشعب والوطن، وتقفوا وقفة رجل واحد ضد كل من يسعى لإحداث الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد بمختلف قومياته وأديانه وطوائفه، والحيلولة دون نشوب الحرب الأهلية من جديد، والتي لن ينجُ منها أحد أبداً، وسيلعن التاريخ كل من يدفع أطياف الشعب العراقي المظلوم نحو الكارثة.

 

31/1/2012

 

free web counter