| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حامد الحمداني

 

 

 

 

الأربعاء 16/8/ 2006

 

 

ماذا سيقول وندل ولكي لو عاد اليوم إلى العراق من جديد

 

حامد الحمداني

في أوائل الخمسينات من القرن الماضي حضر إلى العراق الخبير الاقتصادي المعروف آنذاك [ وندل ولكي ] بدعوة من الحكومة العراقية كي يدرس سبل تطوير الاقتصاد العراقي ، وتحسين أدائه بما يساهم في رفع مستوى معيشة الشعب العراقي ، وقد قام السيد [ وندل ولكي] بدراسة أحوال الاقتصاد العراقي آنذاك بكل جوانبه ، واطلع على أحوال المجتمع العراقي فهاله ما رأى وما وجد ، وقرر مغادرة العراق واعدا الحكومة بإرسال تقريره حال الانتهاء من إعداده ، وبعد أيام أرسل تقريره المعروف في مظروف ، والذي تضمن عبارة قصيرة واحدة ، وكانت تلك العبارة تتضمن التالي :
{ شعب جاهل تحكمه عصابة من لصوص } .
تذكرت ذلك التقرير وأنا أرى اليوم والحسرة تدمي فؤادي على ما نشهده في عراقنا المنهوب والمنكوب ، الفساد والرشوة والسرقات التي ضربت أطنابها في جميع مرافق الدولة من القمة حتى القاعدة ، ولم تقتصر تلك السرقات على الأفندية من حكامنا الجدد ، وإنما شملت المعممين على مختلف ألوانهم وأشكالهم فقد استحلوا المال الحرام دون واعز من دين أو ضمير، ولم تعد السرقات بألوف ولا حتى ملايين الدنانير ، بل سرقات كبرى بمليارات الدولارات ، من قبل قادة العراق الجدد ممن كانوا يسمون أنفسهم بالمعارضة لنظام صدام حسين القمعي الفاشي سارق قوت الشعب ، والذين دخلوا العراق وراء الدبابات الأمريكية، وبوأهم الحاكم الأمريكي بريمر أعلى مناصب الدولة في مجلس الحكم ، وفي الحكومات التي شكلها الأمريكيون فيما بعد ، والتي أفرزت لنا نظاما طائفيا مدعوما بميلشيات عاثت وتعيث في البلاد فسادا ونهبا وقتلا وتخريبا بما لم يعرفه الشعب العراقي من قبل .
تذكرت ذلك التقرير وأنا أسال نفسي :
إذا كان وندل ولكي قد وصف الوضع الاقتصادي والاجتماعي في العهد الملكي بهذا الوصف ، وهو ما لا يمكن مقارنته بأية حال من الأحوال بوضعنا الحالي هذه الأيام ، فماذا سيقول لو عاد اليوم إلى الحياة ، ودعته حكومتنا الرشيدة ليضع لها تقريراً عن الوضع الاقتصادي للعراق ، وأحول الشعب العراقي البائسة ، وهو يعاني اليوم أقسى الظروف التي لا يمكن أن يتحملها الإنسان ، حيث القتل على الهوية بالعشرات وأحياناً بالمئات كل يوم ، باسم الدين والطائفة ، وحيث يقتل الشيعي أخاه السني، ويقتل السني أخاه الشيعي، وحيث يُطارد وُيهجر ويُقتل المواطنون من الطائفتين المسيحية والصابئة بكل وحشية، وحيث تمتهن الحقوق والحريات الشخصية للمواطنين ، وتفرض ميلشيات الأحزاب الدينية الشيعية الحجاب على المرأة العراقية ، وُتهدد بالقتل كل من لا تلتزم بالحجاب ، وحيث البطالة تعم البلاد بشكل رهيب حيث بلغت أحد عشر مليون عاطل استناداً إلى مصادر الأمم المتحدة التي أشارت على ذلك مؤخراً ، وحيث يفتقد المواطن أهم الخدمات الضرورية من كهرباء وماء صافي ورعاية صحية ووقود ، وحيث الجهل بلغ الحد الذي لم يبلغه في أوائل القرن الماضي !! .
لا شك أن السيد وندل ولكي سيصرخ على الفور أعيدوني إلى قبري ، فلقد تخلف الشعب العراقي مئات السنين عما وجدته عليه في أوائل الخمسينات من القرن الماضي وتبوأ المعممون المتخلفون السلطة وسيطروا على كل مرافق البلاد بفضل سيدهم بوش ، ووقع العراق في براثن المحتلين الأمريكيين والبريطانيين وأزلامهم الجدد من جديد .