| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حامد الحمداني

WWW.Hamid-Alhamdany.com

Alhamdany34@hotmail.com

 

 

 

الخميس 16/7/ 2009


 

حذار: من المقامرة بمصير العراق

حامد الحمداني

يبدو إن القيادات القومية الكردية مصرة على السير على حافة الهاوية، إنهم يقامرون بمصير العراق شعباً ووطناً، غير عابئين بكل التحذيرات التي أطلقها ما زال يطلقها كل الحريصين على وحدة العراق أرضا وشعباً، وتعزيز روابط الأخوة التي تجمع أبناء الشعب العراقي بكل مكوناته العرقية والدينية والطائفية من أجل إرساء دعائم السلام والأمان في ربوع الوطن، والتفرغ لإعادة بناء البنية التحتية العراقية المهدمة، ومعالجة مشكلة البطالة المستشرية، ومكافحة الفقر والأمراض الفتاكة التي تنخر بالمجتمع العراقي، وتأمين الخدمات العامة من ماء صالح للشرب وكهرباء، وصرف صحي والنهوض بمستوى الخدمات الصحية والتعليمية.

أنهم يدفعون الأمور نحو الصراع المسلح بينهم وبين العرب والتركمان في سعيهم المحموم للسيطرة على محافظة كركوك، والجانب الأكبر من محافظة الموصل، ومحافظة ديالى، وحتى محافظة الكوت، فيما يسمى بالمناطق المتنازع عليها!!، تلك التي سطرها الحاكم الأمريكي السيئ الصيت بول بريمر في دستوره العتيد!، والتي جرى تثبيتها في الدستور الحالي بعد أن قاطع جانب كبير من الشعب العراقي تلك الانتخابات التي جاءت ببرلمان بأغلبية التحالف الكردي بزعامة الطالباني والبارزاني مع قائمة الائتلاف الشيعية بزعامة عبد العزيز الحكيم، والتي مكنت قوى الإسلام الطائفي الشيعية، وقوى التعصب القومي الكردية من الاستئثار بأغلبية المقاعد في الجمعية الوطنية التي أخذت على عاتقها صياغة دستور العراق الحالي، والذي جاء في جوهره مواد الدستور الذي وضعه الحاكم الأمريكي بول بريمر، وأتاح البرلمان ذاك الفرصة أمام القوى القومية الكردية والقوى الطائفية الشيعية لتضمين الدستور مواد وفقرات باتت أشبه ببراميل بارود تنتظر من يشعل فيها الفتيل لتندلع من جديد حرباً قومية بعد تلك الحرب الطائفية التي اجتاحت العراق على أثر جريمة تفجير مرقد الإمامين العسكري في سامراء.

وجاء الدستور الذي وضعته حكومة البارزاني والطالباني لدولة كرستان ليزيد في الطين بله، ويصاعد من المخاطر التي باتت محدقة بالعراق بشكل جدي غير مسبوق، حيث بدأنا نسمع أصوات طبول الحرب على لسان القيادات الكردية التي تخرج علينا كل يوم بتهديد جديد.

إن القيادات الكردية تقامر بمصير العراق وشعبه، وهي بهذا السلوك تلعب بالنار التي إذا ما اشتعلت فلن يستطيع أحدا من إطفائها، وستكون كارثة على الجميع ، فلا يظنن أحداً بأنه سيكون بمنأى من نيرانها، وعند ذلك سيندم أشد الندم من أشعلها، أو من كان السبب في إشعالها.

إن القيادات الكردية تقع في خطأ جسيم إذا تصورت أنها ستنجح في مشروعها بتمزيق العراق إلى أشلاء، لتقيم على تلك الأشلاء دولتهم الكردية، فالعراق واحد لا يقبل القسمة، وإن كان تمرير الدستور الذي يتمسك به البارزاني اليوم قد جرى بسبب الجهل الذي يعم المجتمع العراقي، وبسبب مقاطعة جانب كبير من أبناء الشعب للانتخابات الأولى، ومن دون أن يقرأ أغلبية المصوتين محتويات الدستور، ويدرك معانيها، فقد بات الشعب العراق يدرك اليوم أن تقسيم العراق، وتحويله إلى دويلات لن يمر أبداً، وسيذود عن وحدته واستقلاله بكل الوسائل والسبل، ومهما غلت التضحيات في سبيل الوطن.

أن على القيادات الكردية أن تعي هذه الحقيقة لكي لا تورط نفسها، وتورط الشعب العراقي قاطبة بحرب قومية كارثية لن يربح منها مشعلوها أبداً وسيكون النصر حليف من يدافع عن وحدة الشعب والوطن.

إننا نكن للشعب الكردي كل المحبة والاحترام، ولقد وقف الشعب العراقي بكل قواه الوطنية إلى جانبه في نضاله من أجل الحقوق القومية، ومن أجل العدالة الاجتماعية، ومن أجل الحرية، أسوة بشقيقه الشعب العربي في العراق، وعلى قدم المساواة في الحقوق والواجبات.

لكنكم أشعلتم في نفوس أبناء شعبكم روح التعصب القومي والشوفينية اللعينة بدل أن نتشروا روح المحبة والأخوة بين أبناء الشعب عرباً وأكراداً وتركمان وآشوريين، مسلمين ومسيحيين وصابئة وأيزيدية، وقد جنيتهم من سلوك هذا السبيل بعث التعصب القومي لدى الجانب العربي، وخسرتم أصدقاء الشعب الكردي من المثقفين الذين ناضلوا طوال عدة عقود جنباً إلى جنب مع أخوتهم الكرد، وتلك حقيقة ينبغي أن يدركها الجميع، فكل فعل يقابله رد فعل مساوِ له في المقدار ومعاكس في الاتجاه.

إن أخشى ما يخشاه، كل الحريصين على صيانة الوحدة الوطنية، وصيانة استقلال العراق إن يفلت زمام الوضع، وينطلق الصراع القومي الذي يهدد به البارزاني، وعند ذلك ستقع الطامة الكبرى، وستتحول الحرب الأهلية لا سمح الله إلى حرب إقليمية، وستكونوا عندها أول الخاسرين، وستضحون بكل ما تحقق للشعب الكردي الشقيق منذ أن تم فرض الحماية الجوية الأمريكية البريطانية على المنطقة الشمالية من العراق عام 1991 وحتى اليوم.

إن التمسك بمواد وفقرات جرى فرضها بذلك الأسلوب المعروف أمر خطير يهدد الوحدة الوطنية، ولا بد من أعادة النظر بهذا الدستور بما يحقق الوحدة الوطنية، والتآخي القومي والديني والطائفي بين سائر مكونات الشعب، ولا بد من إعادة النظر الجذرية بمواده التي تحمل بذور الفتنة والصراع والحرب الأهلية، وسيتحمل كل من يصر على مواصلة السير في هذا الاتجاه مسؤولية إشعال الحرب الأهلية، وسيدفع الشعب العراقي بكل مكوناته الثمن باهظاً، وبوجه خاص من يبادر بإشعال الفتيل.

إن على القيادات الكردية أن تعيد النظر في مواقفها التقسيمية، وتعيد النظر في دستورها الذي لا يشك أحداً في انه دستور لدولة منفصلة عن العراق ستعلن سواء كان اليوم أو غداً أو بعد غد، فهو لا يخدم مصلحة الشعب الكردي، بل يعرضه إلى مخاطر جسيمة.

إن على الجميع العمل على إعادة اللحمة بين سائر مكونات شعبنا، ونبذ التعصب القومي والديني والطائفي، وتعزيز الوحدة الوطنية، وزج قوانا الموحدة في النضال من أجل استعادة حرية واستقلال العراق، وجلاء القوات المحتلة، التي هي سبب كل هذا البلاء الذي حل بالشعب والوطن، فالعراق هو وطن الجميع، وهو يتسع لنا جميعا أخوة متحابين، وثرواته الوفرة ملك الجميع، ونحن قادرون على تحقيق حياة كريمة ومرفهة لسائر العراقيين دون تمييز إذا ما توفرت لنا النيات الطيبة والصادقة، وإذا ما توفرت لنا حكومة وحدة وطنية حقيقية، بعيدة عن المحاصصة الطائفية ، وبعيدة عن التعصب القومي والديني والطائفي، تقوم بسن قانون جديد للانتخابات، وسن قانون الأحزاب والجمعيات يمنع بموجبه تأليف الأحزاب على أساس ديني أو طائفي أو عرقي، ويؤكد على احترام الديمقراطية والحريات العامة، لكي يكون لنا برلمان يُنتخبُ بكل حرية وشفافيه، بعيداً عن التأثيرات الطائفية والقومية، وسن دستور علماني يرعى ويصون الحقوق والحريات العامة والخاصة، ويحقق العدالة الاجتماعية للجميع دون استثناء.



 16/7/2009
 

 

free web counter