| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

                                                                                      الأحد 8/1/ 2012

 

الأقلمة : وسيلة لغايات بعثية ...

حسن حاتم المذكور

كما أشرت في مقالتين سابقتين , أن مادة تشكيل الأقاليم التي وردت في الدستور العراقي, كانت مصيدة لاصطياد القضية العراقية استطاعت أنظمة الجوار أن تجعل منها مشروعا مشبوها لأقلمة العراق وتمزيق كيانه وإلغاء هويته , وكما اشرنا أيضا أن بنات وأبناء المحافظات والمكونات ترفض ذلك المشروع اللئيم وتضغط أوجاعها وتصبر على معاناتها حتى لا تنجح قوى الردة والعمالة أن تشرذم مجتمعها أو تجعل من وطنها فريسة تتصارع عليها قطط الطامعين , ومن يشارك في تنفيذ تلك المؤامرة السافلة , هم فقط علاسة الدار من وكلاء ودلالين ومرتزقة محليين , وكذلك بعض القوى التي ترى أنهاك العراق ثم تجزئته مكسبا طائفيا تحلم به وتنتظره بمنتهى الخبث والدناءة , هذا الأمر تعرفه الملايين, وشخصت الأدوار المشبوهة لتلك الحثالات الطارئة التي تمتص عافية العراق ثم تبصق شماتة على جسده المنهك .
أخر إنذار لمجلس محافظة الأنبار , الذي هدد بإعلان الانبار إقليما , وكالعادة كان في مقدمة شروطه , إطلاق سراح ( الجماعة ) وسحب القوات العراقية النظامية ( ليبقى البيت لمطيرة .... ) والاهم من كل ذلك , توزيع الثروات على أساس مساحة المحافظة , هذا بعد أن تم في الزمن ألبعثي انبرت الكثير من أراضي المحافظات الأخرى وبشكل خاص محافظتي النجف وكربلاء .
المدهش في الأمر والرائع في ذات الوقت , أن المحافظات الجنوبية والتي يستلم منها العراق أكثر من 80% من ثرواته ليعاد توزيعها على محافظات دعاة الأقلمة , ترفض وبوطنية عالية مشروع أقلمة العراق وتقسيمه , وبدون أنانية وضيق أفق مناطقي تتعامل مع أهل شقيقاتها من المحافظات الأخرى , وتنظر إلى العراق وطناً للجميع , كان وسيبقى ولا يمكن اختزاله بمرحلة النفط , انه الجنوب ومثلما أعطى حضارات رائعة , سوف لن يبخل بثرواته حتى ولو تضورت مدنه جوعاً وخراباً وتخلفاً أو جعلوا منها مختبراً لمظالم الجلادين .
مجالس بعض المحافظات ( مع الأسف ) لا تستوعب تلك الحقيقة , عديمي الوفاء بلغت بهم السذاجة ورعونة العنجهيات حد الوهم , على أن الجنوب سيجعل من طيبته ونكران ذاته وغفلته أحياناً , جسراً لعبور أصحاب النوايا غير السليمة, و يواصل دفع قوت مواطنيه ضريبة لتعود إليه مفخخات و لاصقات و عبوات و كاتمات و أحزمة ناسفة , و أعمال غادرة و دسائس و مؤامرات تريد العودة بالعراق إلى مربع صفر المقابر الجماعية .
مجالس بعض المحافظات ( وليس أهلها ) تعتقد أن مشروع أقلمة العراق المدعوم إقليميا ودوليا أحيانا هي ألورقه الرابحة للتغلب على العراق وشعبه , إنهم على وهم مبين , ورغم بشاعة جرائمهم وحجم الضحايا , فالعراق سيرمي مرحلتهم في بالوعة أفعالهم الخسيسة ويغتسل عاجلا من أوحال تاريخهم المعيب .
على الحكومة والخيرين من خارجها أن يدركوا , بأن العراقيين قد اجتازوا نهاية صبرهم وأصبحت مجانية موتهم وخراب مدنهم مسؤولية يجب أن يتحملها الجميع لوضع حد لتلك المعاناة , وليعز عليهم ويصعب أن يروا شعبهم ووطنهم في أتون محرقة الفتن والتآمر , والقتلة يتبخترون شرا في اخطر مفاصل الدولة .
البعث يساوي الغاية تبرر الوسيلة , وفلسفته الانقلابية لا تؤمن بغير الانقلابات الدموية , وان ادعاءاته الوحدة والحرية والاشتراكية ما هي إلا وسيلة لتبرير غاياته في الغدر والتسلط الدموي , وان قمع وتصفية الخيرين من بنات وأبناء الحركات الوطنية والقومية والدينية , كانت ولا تزال في مقدمة وسائله بغية استرجاع حكمه وفرض إرادته الدموية , وما نشاهده اليوم من دخوله العملية السياسية , ما هو إلا وسيلة لغاية تدميرها من داخلها , وان الأدوار التي تمارسها بعض الأطراف كالشحن الطائفي و إثارة الفوضى و تعميم الفساد و الرذيلة والفتن و فبركة الدسائس و أسباب الشك و الريبة لتدمير العلاقات بين الأطراف الأخرى, إلى جانب توقيت التفجيرات النوعية واستيراد المتخصصين على التفخيخ والتفجير وإيوائهم , كل هذا وكثير غيره ما هو إلا وسائل بعثية قذرة لتبرير غايات أكثر قذارة من اجل استرجاع السلطة والعودة بالعراق إلى أزمنتها في الاقتتال الداخلي والإبادات والحروب الخارجية وفتح أبواب العراق للطامعين من دول الجوار والأنظمة العروبية منها بشكل خاص , تلك الحقيقة التاريخية يجب أن لا تغيب عن بال العراقيين .
قد لا نختلف مع البعض , على أن البعث كنظام وتنظيم وعقيدة قد سقط وعودته أصبحت مستحيلة , لكنه كفلول حاقدة ستتواصل فواجع وكوارث وأسباب دمار شامل داخل المجتمع العراقي , تلك الحقيقة قد لا يفهمها إلا من لا زال يعاني أوجاع جسديه ونفسية ومعنوية واجتماعية , تلك التي تركتها فيه الوسائل البعثية من داخل أوكار التعذيب ومراكز التصفيات والإبادات الجماعية , وكذلك الشرائح التي اجتُثت وأنفلت وغُيبت الآلاف من بناتها وأبنائها .
نقول للذين غاياتهم وطنية نبيلة , أن اجتثاث البعث فكرا وعقيدة وتنظيما وممارسات دموية , تعد من أنبل الوسائل التي ينبغي اعتمادها دون إبطاء أو مساومة .
قد تكون محاولات أقلمة العراق وتمزيق كيانه أخر وسيلة سيلعبها بعث الجوار في الداخل العراقي , لكنها سوف لن تكون الأخيرة, فمشاجبه لوسائل الغدر والوقيعة والخيانة والعمالة سوف لن تنضب على المدى القريب , لهذا يجب اليقظة ومزيد من الحذر وسرعة وقوة الردع .
 

8 / 01 / 2012


 

 

free web counter