| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

                                                                                      الجمعة 30/12/ 2011

 

في العراق : السياسة فوق القانون

حسن حاتم المذكور

بعد السقوط , كان مفروضا ً أن يرى العراق انفراجا ً مناسبا ً في الحريات الديمقراطية يرافقه عملية هدم و إعادة بناء مؤسسات الدولة البعثية , ويخلع عنه تاريخا ً دمويا ً, ويعيد للناس حلمهم المشروع في مستقبل أفضل .
لا نعلم : لماذا عومل العراق بالطريقة التي نراها , وكأن دخوله مرحلة الفوضى والخراب ملزمة , وعلى سياسييه أن يتقاسموا المتبقي بدءا ً من وضع العملية السياسية على ظهر القانون وتجاوز حقوق الضحايا . وكأن الدولة قد فقدت دورها وضرورتها وأصبحت مجرد مواد دستورية على طاولة قمار العملية السياسية التي أصبحت هي العراق والعراق هي .
منذ ثمانية أعوام , وبعد كل جريمة ترتكبها قوى الإرهاب الرسمية وغير الرسمية ويخرج المنفذون في وسائل الإعلام يعترفون بأبشع الجرائم, وعندما تحاول الحكومة اتخاذ بعض الإجراءات القانونية الرادعة , يكون الرد الإستباقي موجة تفجيرات نوعية ترافقها تصريحات واعدة متوعدة بعظائم الأمور وتأزما ً مفتعلا ً للعملية السياسية يتطلب حلولا ً فورية عبر الاتصالات والمشاورات والإبتزازات ثم التوافقات مدعومة بزيارة مفاجئة لمسؤول أمريكي رفيع المستوى , بعدها ينتهي الأمر ( الأزمة ) إلى الطاولات الأخوية المستديرة حيث القانون عليها مذبوحا ً والدستور بقايا ( لشّـــــة ) ودم الشهداء ومعاناة الضحايا فدية ( نموت وتحيا العملية السياسية ).
هكذا ومنذ أكثر من ثمانية أعوام والمجزرة قائمة والموت اليومي متواصل والتصالحات والتوافقات والتحاصصات سارية المفعول والعملية السياسية بخير و فوق القانون طبعا ً وطرق الإعفاء عن القتلة والمخططين مفتوحة وتجميد القصاص العادل في الثلاجة الرئاسية مهيئا ً لدسائس التهريب .
آخر جريمة نوعية مرعبة كانت في يوم الخميس المصادف 22\12\2011 والتي أخذت طريقها كحلقة في مسلسل مسرحيات الحفاظ على سلامة ومستقبل العملية السياسية , حيث خرج فيها على وسائل الإعلام حماية ( أقارب ) نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وأدلوا باعترافات في غاية الخطورة حول مسلسل جرائم بشعة مهندس التخطيط لها كان السيد الهاشمي تبعها تصريح لرئيس الوزراء مدعوما ً بأضبارة إرهاب تحت اليد للسيد الهاشمي , في هذه الحالة . كان منطقيا ً أن يحال الهاشمي إلى القضاء ليثبت التحقيق المحايد إما إدانته أو براءته .
الأمر جاء مغايرا ً , فقد تم تهريب الهاشمي إلى إقليم كوردستان ليحصل كالعادة على الحماية والأمان حتى تتم التسوية على حساب القانون والدستور ودم الضحايا لتعود المياه إلى مجاريها وتواصل العملية السياسية مسيرتها .
كما نعلم : في جميع دول العالم, من أولها إلى ثالثها توجد ثلاث سلطات , تشريعية وتنفيذية وقضائية مفصولة عن بعضها وتتمتع بكامل استقلاليتها , كل تمارس وظيفتها بعيدا ً عن نفوذ وتأثير غيرها , الأمر في العراق مغاير تماما ً فالعملية السياسية فيه كبول البعير معاكسة لأعراف ومضامين قوانينها ودستورها وباستطاعة كل طرف فيها الانقلاب عليها وابتزازها , وبوسعه اتهام القضاء والتطاول على وظيفته واستقلاليته وفرض إرادته لتحقيق ما يناسبه.
الشعب العراقي بجميع مكوناته , لا يفهم ما يدور حوله من ألغاز وعجائب ومتناقضات والتعامل معه كقطيع لا حول له ولا قوة , عندما يرى متهما ً بمثل تلك الجرائم التي شاهدها ونقلها الإعلام الرسمي وغير الرسمي , يجد حمايته وأمنه وحريته في مدينة عراقية من خارج حدود عاصمة الدولة , وماذا سينتظر لو تكرر الأمر ( لا سامح الله ) وفعلت البصرة وميسان وتكريت والرمادي مثلما تفعله اربيل والسليمانية ويصل الأمر إلى حد تقاسم القانون والدستور ووظائف الدولة والاستهانة بأرواح الشهداء وحق الضحايا .
فأي صلة بعد هذا ستبقى بين الحكومة والشارع العراقي , وهل يحدث مثل هذا الذي نراه بغير العراق ..................؟؟؟؟
ـــــ أهذا هو حقا ً طريق المستقبل العراقي الذي تعهدت به أطراف العملية السياسية لناخبيها , أم إنها أطراف الأزمة العراقية التي يشكل الإرهاب والفساد أبرز تقاسيمها ......؟؟؟؟ِ
ـــ هل تعلم الحكومة العراقية , أن صبرها غير المبرر على الأوضاع الشاذة تلك , سيزيد من معاناة المجتمع العراقي ويمزق وحدة مكوناته . ويكلف الدولة هيبتها وانسجام وفعالية مؤسساتها ....؟؟؟؟؟
ليبقى المتفائلون في تفاؤلهم , والمتشائمون في تشاؤمهم وبينهم تضيع لحى الملايين من بنات وأبناء العراق , فمن يتابع وعي الشارع العراقي والتطور النوعي في مواقفه اليومية إزاء العملية السياسية , ويعيد تقييم تجاربه المرة معها , يجده في واد ٍ والعملية السياسية في وادٍ آخر , يفصلهما جدار هائل من الإحباط وخيبات الأمل وانعدام الثقة , ستنعكس مفاجأته صاعقة من داخل صناديق الاقتراع للانتخابات


 

30.12.2011


 

 

free web counter