| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

الأحد 29/8/ 2010

 

الذات التالفـة : تنتج الرذائل

حسن حاتم المذكور        

سفالـة الذات ’ تعبير عن خراب شامل يبدأ من نقطـة الطفولـة ’ عاهـة يتعرض لها المـرء في مجتمع كان السبب في تشويهاته واحياناً يمارس الأفراط في القسوة تدميراً لما تبقى من دون ان يقدم المساعدة ’ ثـم يدفع بـه في مراحل متأخرة للعداء والكراهية واخذ الثأر مـن المجتمع بكاملـه ’ وتلك الظاهـرة المدمـرة اخذت في العقود الأخيرة ابعاد خطيرة داخـل المجتمع العراقي’ حيث يبدأ المصاب بكراهية نفسه ثم الأخرين لتتسع فتنال من المجتمع’ في قناعتة ’ ان الجميع هم اسباب خرابه وان شعوره بأنه لا يعني شيء ’ يجعله حاقد ورافض لكل الأشياء الجميلة .

يُنقل عـن هتلـر وموسوليني وفرانكو والنميري وصدام حسين وغيرهـم مـن رموز تدمير المجتمعات ’ جميعهـم ابتدأوا طفولـة شاذة وقد تعرضوا لقسوة المجتمع ’ فجاءت قسوتهم ردود افعال ثأريـة تجاوزت حتى حدود مجتمعاتهم .

روايـة حول صدام حسين مصدرها الجلاد ناظم كزار’ مفادها انـه كان يختار بعض الشباب ممن يمتازون بالقوة والوسامة ’ وبعد ان يكملوا معـه ما يرغبه تتم تصفيتهم واستبدالهم بفتره قصيرة ’ وتلك الرواية تبقى غير دقيقة ’ لكنها تشكل احدى تقاسيم الخراب الذاتي لمثل تلك النماذج الدموية .

تلك الحالات تظهر اعراضها احياناً حتى على بقيـة الناس’ ابتداءً من الوزير حتى الشرطي وعلى درجات متفاوتة من حيث الخطورة ’ وللبيئـة العراقية تأثير على خصوصيـة تلك الظاهرة ’ لكنها وفي جميع الحالات لا تشكل قاعدة داخل المجتمع العراقي .

حدثني صديق يسكن القاهرة ’ وقد شاهد بعض العوائل الفقيرة يسكنون داخل عوامات ( بلـم ) ’ وقد سمع بعضهم في الأمسيات يغنون لمصـر " مصر الحبيـة ... وام الدنيـا .. " ’ وقال : اندهشت عندما سمعت فقراء القاهرة الذين اضطرتهم اوضاعهم للسكن بين وداخل المقابر ’ يعبرون احياناً عن حبهم غير العادي لمصـر ’ وان ذكرتهم ببؤسهم ’ يجيبوك ( اننـا نغني لمصر الحبيبة تاريخ وحضارة ومستقبل ’ وليس للرئيس وحكومتـه ) .

لو استمعنا الى غرف البالتاك العراقية او قرأنا بعض الصحف ومنها المواقع الألكترونية بشكل خاص لواجهنا احياناً ما يجرح القلب ويهين الكرامـة والضمير ’ فالشعب بالنسبة للبعض’ قطيع من الغوغائيين والطبالين والرداحين واهل شقاق ونفاق ( وحفاي ) ولصوص وجهلـة وعبيد وخراف وعديمي الأصول ولا يستحقون الا صدام حسين ’ ويخلطوا احياناً اوراق ثورة 14 / تموز 58 الوطنية مع اوراق انقلاب 8 / شباط /63 الدموي’ ويتجاهلون العلاقـة الروحة التي تجمع الملايين والزعيم عبد الكريم قاسم والكراهية لصدام حسين’ حيث عندما سقط نظامه لم يجد بيتاً عراقياً واحداً يرحب بـه فأضطر للأختفاء داخل حفرة حقيرة لا تليق الا بـه ’ ولا يعني ذلك انهم يجهلون الحقائق ’ بقدر ما هو تعبير عن شهوة الأنتقام عبر اهانـة الناس وجرح مشاعرهم ’ في ذات الوقت نتذكر كيف ان ارياف العراق ومدنه كانت حواضن آمنـة لمناضلي الحزب الشيوعي العراقي ومجاهدي حزب الدعـوة وجميع الرافضين للنظام البعثي انذاك رغم كل المخاطر المترتبة على تلك المواقف التضامنيـة .

ما يثير الأستغراب ’ ان بعض الكتاب والباحثين والمؤرخين’ يستعيرون من علماء الأجتماع الكبار ما يناسبهم من مقاطع وبعد فصلها عن سياقها ’ يحولوها الى شتيمـة مهينـة للمجتمع العراقي ’ وما اثار دهشـة واستغراب واستنكار الكثير مـن الكتاب والقراء الأفاضل ’ ان احد الكتاب وعلى موقع صوت العراق كتب بتاريخ 10 / 08 / 2010 مقالاً موجهاً الى العراقيين " ...ما بالكم ساكتين وصامتين يا عبيـد الأمس وخـراف اليوم ..." ثم يواصل ’ " ... فحتى الخراف ذاتها تمعمع عندما تعطش وتجوع .... فما بالكم انتم المحسوبين على فصيلـة البشر .. ؟ ! ... " فكانت شتيمـة وبذاءة واهانـة غير مسبوقـة لشعب بكاملـه لا يمكنها ان تصدر عـن انسان سوي على الأطلاق ’ تذكرنا بشتائم صدام حسين عندما اتهم العراقيين ( بالحفاي ) والغوغاء والدخلاء وعديمي الأصول وغيرها من الأسقاطات البعثيـة ’ مع ان بعض البعثيين ’ يحاولون الآن الأبتعاج عن اساليب التسقيط والتشويه لكثرة ما استهلكتهم واستهلكوها ’ لكن بعض كتاب!!! الأزمنة الأخيرة استورثوها ويمارسونها بوقاحة وأقنعة مموهـة .

في اوربا مثلاً يمكن شتيمة النازية والفاشية والدكتاتورية والعنصرية لكن من غير المسموح بـه اطلاقاً ’ ان تشتم او تسيء الى الشعب الألماني او الأيطالي او الأسباني ’ فالأمر يعـد اهانة سافرة قـد تعرض المسيء الى الأجراءات التأديبية بما فيها القانونية ’ اضافة لذلك ’ لم نصادف شخصاً شتم شعبـه واهان امتـه ويصف المجتمع الذي يدعي الأنتماء اليه بالعبيـد والخراف او الغوغـاء والحفاة وعديمي الأصول’ انهـا حالة انحطاط وعاهة متأصلة لا يمكن معالجتها بالعتب والنقد والحوار’ سوى احتقارها وتجاهلها وتجنب التلوث بقذارات السفالة الذاتيـة لمصادرها .

هنا لا نعني اطلاقاً بعض الذين تعرضوا الى مظالم غير عاديـة كالتهجير والأنفلـة والأبادة والتغييب ’ عندما يعاتبون شعبهم ووطنهم ببعض القسوة ’ لكن قلوبهم وضمائرهم لا يمكن لها ان تكون الا مفعمـة بحب الناس والأرض ’ ومعدنهم الوطني لا يمكن له ان يكون الا ذات المعدن الذي سبب لهم كل تلك المعاناة ’ فالعراقي دائماً مصاب بجنون عشق الوطن والأهل ’ عكس ما هو تحت اليد من القطط السمان من طائفيين وقوميين عنصريين الذين استهلكوا عافيـة العراق وساوموا انظمـة الجوار على حاضر ومستقبل شعبـه كدلالين فاقدي الذمـة والضمير ’ فجميعهم لا يشكلون زاويـة للنظر فيها الى الحقيقـة العراقيـة ’ فهناك العراق الآخر الذي يعيد العراقيون تشكيلـه كل لحظـة ’ وهناك الاف الألاف من ضحايا الجمهوريات الدموية للبعث العروبي ’ لا زالوا يحترقون شموعاً من اجل العراق والعراقيين ’ علوم وفنون واداب وابداعات وثقافـة وطنيـة شاملـة ’ وهناك شعب ورغم كثرة مصائد الموت اليومي في طريقه ’ يواصل العبور بأتجاه حلمـه في الحريات الديموقراطيـة والعدالـة والمساواة ’ ورغم الأحباطات وخيبات الأمل’ فلا زال ثابتاً صابراً مصراً على الوصول الى مستقبل اجيالـه الزاهر .

اخيراً : ورغم اهميـة بعض غرف البالتاك والمواقع الألكترونيـة في انعاش وتعميم الوعي الديموقراطي بعيداً عن رقابـة ومؤثرات وضغوط السلطات ’ وتلك الظاهرة الأيجابيـة يجب ان تثمن وتدعم ’ لكن بذات الوقت ’ على مديريها ومحرريها ان يتقوا اللـه بشعبهم ووطنهم والخيرين من ناسهم ’ ويراقبوا بدقـة ما يكتب ويقال من اساءات وبذاءات تنال مـن المجتمع او بعض مكوناتـه ’ وقد تلحق الأذى والأضرار بذات الجهة التي يكتبون اليها او يتحدثون فيها وتصبح ضريبـة على سمعتها وهذا ما لانتمناه .
 

29 / 08 / 2010
 

 

free web counter