| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

الأثنين 28/6/ 2010

 

مظاهرات مشروعة واختراقات مشبوهـة ...

حسن حاتم المذكور        

التظاهرات الأخيرة في البصرة والناصريـة وردود الأفعال في بعض المدن العراقيـة ’ تدل على حالة وعي وضعت للصبر نهايتة ’ وابتداءت تبحث عن ماهيتها التي غيبت في ظلام لعبة التحرير وترسيخ البدائل الطائفية والعرقية .

على الخيرين مـن داخل الحكومـة وخارجها ’ ان تتفهم تلك الظاهرة والتعامل معهـا وطنيـاً وانسانياً ’ ومـن منطلق الصدق والأمانـة تبادر ايضاً لحمايتها مـن اختراقات قوى الأحقاد والثأرات والفتن .

لا يعرف تاريخ نضالات الشعب العراقي ’ تظاهراته واعتصاماته واضراباتـه اي شكل مـن اشكال العنف والتجاوز على مؤسسات الدولـة والأعتداء على موظفيهـا او رفع الشعارات واطلاق الهتافات التي لا تخدم مصالحها وحقوقها المشروعـة .

لا يستطيع اي منصف ان يستكثر على الجماهير المغدورة حقها الدستوري في التظاهـر والأحتجاج على مـن يسيء اليها او يستبيح كرامتهـا وحرياتهـا ويختلس ويهرب ارزاقها وثروات وطنها ’ مع الحذر الشديد والتمييز الدقيق بين احقيـة ووطنيـة وانسانيـة التظاهرات الأخيرة وبين الذين حاولـوا الأندساس داخلهـا واستغلال نقاط ضعفها وتصدر موجتهـا والتصيد مكاسباً في مياه معاناتها ’ حيث اكد البعض ’ على ان الذين رموا الدوائر الحكوميـة وموظفيهـا وقوات حفظ الأمن بالحجارة والقناني الفارغـة كانوا قـد تسللوا مـن بعض الحسينيات القريبـة والتابعـة لبعض الأطراف المعروفة ’ ويتهمون ايضاً بأن الذين اطلقوا النار على المتظاهرين كانوا مـن خلايا المليشيات النائمـة داخل قوات حفظ الأمـن وخارجها ’ هنا على المتظاهرين ان يمسكوا حالاً بمن يحاول الأندساس بينهـم والأساءة الى اهدافهم وتسليمه الى اقرب مؤسسـة امنية للتحقيق معـه وكشف هويته ’ كذلك على قوات حفظ الأمن وفي حالـة ان يطلق اي كان النار على المتظاهرين ’ ان تلقي القبض عليه حالاً ومحاكتـه ميدانياً مهما كانت الجهة التي ينتمي اليهـا.

ما يثير الأستغراب والقرف الشديد ’ ان البعض مـن بعثيي القائمـة العراقيـة حاولوا استثمار الحدث الى ابعد الحدود ولأهداف لا علاقـة لها بالمطاليب المشروعة للمتظاهرين’ وقد خرج علينا مـن على فضائيـة الشرقيـة وبطريقة مثيرة للسخريـة السيد اياد علاوي وهو يتحدث الى الأمة مرشداً واعضاً متباكياً وقد وضع دوره في عذابات العراقيين وتدمير امنهم وانهاك وطنهم خلف لسانـه ’ متناسياً ايضاً ادوار قطيعـه من المفخخين والأنتحاريين في تدمير ما حاول العراق بناءه على اصعدة الحالة الأمنيـة والبنيـة التحتيـة والمشاريع الخدميـة ’ يذكرنا الأمر بقفزة البعث على ظهر حقوق ومصالح العمال اثناء اضراب سواق السيارات بسبب ارتفاع اسعار البنزين قبل انقلاب 08 / شباط الدموي بقليل ’ وكيف التقت وتزاوجت مخططاتهم الشريرة مع فتوات التكفير التي شرعنت في حينـه الأبادة الجماعيـة لبنات وابناء العراق ’ فكانت الطلقـة الأولى للأنقلاب والتي اصابت مقتلاً من ثورة 14 / تموز / 58 واشرفت على تصفيـة قياداتها وجماهيرها الوطنيـة ’ فكانت مجازر وحشية لأهل العراق .

الملفت للنظر والأستغراب ايضاً ’ ان البعض من قيادات المجلس الأسلامي الأعلى والتيار الصدري’ تصرفوا وكأنهم لم يكونوا جزأً من الحكومـة واكثرية داخل مجلس النواب السابق وكانوا سبباً في تعطيل الكثير من القوانين التي كان بوسعها ان تحل الكثير من الأزمات وتحدث انفراجات كثيرة على اصعدة الخدمات والأصلاحات العامـة ’ وبدلاً من ان يتحملوا مسؤوليتهم ويقدموا اعتذاراً امام المتظاهرين’ بعكسه يرموا ما هم متهمين به على الأخرين ثم ينسلوا ’ انهم يمارسون ادواراً مضحكـة سوف لن تحضى بقبول الجماهير العراقيـة التي جربتهم مثلما جربت غيرهم على امتداد السبعـة سنوات الأخيرة .

رغم كل الأختراقات المشبوهة ’ تبقى التظاهرات الأخيرة ظاهرة صحيـة وردود افعال وطنيـة ’ ومهما كانت ازمة الكهرباء سببها المباشر ’ فأنها تعبر عن حالة احباط وخيبـة امل ونفاذ صبر تبلور اخيراً في التظاهرات الرافضـة لمجمل المأزق الذي نتج عن اسقاطات نظام التحاصص وتوافقات الفرهود الشامل ’ تلك الظاهرة الغريبة التي اصبحت الآن ’ تقاليد واعراف وعادات وثقافـة خطيرة ’ لا يمكن التصدي لها والحد من اثارها المدمرة الا بوعي الجماهير المليونيـة ويقضتها ورفضها القاطع عبر التفسير الصحيح والممارسة السليمـة للحريات الديموقراطيـة والدفاع عن مكتسباتها .

الجماهير العراقية ومن تجربتها المريرة مع المتصدرين للعملية السياسية’ ادركت ان البدعة الجديدة ( المشاركـة الوطنيـة ) ما هي الا وجهاً جديداً لذات العملـة الكاسدة .

الذين لا يريدون فقدان ناخبيهم وقاعدتهم الشعبيـة والتضحيـة بسمعتهم ’ عليهم ان يتفهموا ردود افعال الحركـة الجماهيريـة ويحترموا ارادتها ومطاليبها ويدركوا طبيعـة واسباب التحولات الجذريـة في عمق المجتمع العراقي ’ حيث ان الحركـة الجماهيرية الواسعة سوف لن تتعامل مستقبلاً مع واقعها بعفويـة ساذجة وعواطف بليدة ’ وستتوقف عن ان تكون قطيعاً خلف الطائفـة والقوميـة ورهينة القائد والمرجع والخطيب والمنقذ الظرورة ’ انـه زمـن مثلما ابتدأ مع غفلـة الملايين ’ سينتهي عند يقضتها .

هنا على القوى الوطنيـة والديموقراطية ان تلتحق بوعي الشارع العراقي الذي تجاوزها بعيداً ’ وان لا تشغل وتبدد طاقات جماهيرها بنشاطات استعراضيـة على هامش الحراك الحقيقي داخل المجتمع العراقي ’ وان لا تتخلف عنـه اكثر مما هي عليـه الآن ’ فحركـة التغيير والتقدم لا تعرف الأستراحة والأنتظار ولا ينفع معهـا الهروب المريح الى الأمام .

 

28 /06 / 2010
 

 

free web counter