| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

الأثنين 27/12/ 2010

 

المرأة في الزمن الذكوري

حسن حاتم المذكور         

انه الزمن بكل تفاصيله الذكورية ’ وعبثية ارهاصاته وعنجهياته ثم توافقاته وتحاصصاته ومشاركاته اخيراً ’ لا يمكن لـه ان يصنع مستقبلاً للأمـة وهو يعطل اكثر من نصفها ’ ولا ينجز امناً وسلماً اجتماعياً ونسيج طبعـه المغامرة والوقيعة والدسيسة والمفاجئات غير السارة ’ ولا يحترم الجمال والحب ونور التسامح والتواضع والسمو الأخلاقي والثقافي وهو محكوماً بعادات وتقاليد منغلقة على سلبياتها ’ انه الزمن الذي لازمن له .

المجتمع الذي يلغي نصفه ’ لا يمكن له الا ان يكون معوقاً ’ والدولة التي تحاول السير على قدم واحدة وتعمل بيد واحدة في جسد مشلول اكثر من نصفـه ’ ما هي الا اكثر عوقاً وموتـاً .

انـه العراق في بداية مخاضاتـه ’ وسيكون مشواره طويلاً ’ لكنـه سيكتمل رغم نوايا العاطلين في تعطيل نصفـه .

نتذكر امهاتنا وخالاتنا وعماتنا وجاراتنا ’ في الريف العراقي ’ كن يعملن مع الرجال فلاحات ومربيات ويديرن مسؤولية مجتمعهن الصغير ( الأسرة ) بنجاح ’ يشتركن في الحوار ويناقشن في الأمور ويعالجن الكثير من الأشكالات في حياة القرية ’ كالخطوبة ومستلزمات الزواج ويجعلن من الأعياد والمناسبات فرصـة للتسامح والتصالح وعودة الوئآم والمحبة وتعميم الفرح ’ ولم نرى واحدة كانت معطلة او محنطة داخل بيتها ’ وفي المدينة كانت المرأة في مقدمة التفوق الدراسي والنشاط الوظيفي والأجتماعي والوعي الوطني ’ ولم نسمع ان امرأة اشتركت في انقلاب دموي او جلادة في اوكار التعذيب او اغتصاب كرامة ومواقف الآخرين ’ وان حدث استثناء نادر ’ فخلفه دسيسـة ذكوريـة ’ كنا نشاهد رجالاً يقبلون يـد الأم ورأس الزوجـة والأخت ’ دون استنكاف او ترفع من الأقتراب منها ’ وكنا نخاف الأب ونطيعه خشيـة لكننا نحترم الأم مربية ونلتزم بوصاياها ونصائحها المفعمـة بروح المودة ’ ولم اذكر ان امي وخالتي وعمتي وجارتي قد خدشت خاطري ’ وبعفوية منتقات من اجمل تقاليدنـا ’ كنا نسير خلفهن ونستمتع باحاديثهن ونغفى حالمين في احضانهن ’ وحتى عندما اصبحنا يافعين ’ كانت الأم تشكل نسيج ابداعاتنا ولا معنى للقصيدة واللوحـة والأغنية والرقصـة اذا ما عبرت عن عمق العلاقات الروحيـة والأنسانية مـع الأم ــ المرأة ــ لكننا وعندما اصبحنا ضمن النسيج الذكوري ووقعنا في شراك طيش فحولتنا وصدقنا عنتريات ضعفنا جحدنا روح المسيح فيهن وتمردنا واستأثرنا بزمانهن وشوهنا قيمهن’ انه انقلاب وارتداد ثقافي واخلاقي واجتماعي مخيف وترخيصاً لمعنى الحياة .

في لقاء اربيل الأول ’ والذي دعى اليه السيد مسعود البرزاني ممثلي كتل الطوائف والقوميات والمذاهب الفائزة والمعنية برسم خارطـة تحاصص السلطات والأمتيازات والثروات ’ ومن مجموع اكثر من ستين مندوباً ’ لم نرى بين المجتمعين امرأة واحـدة ’ وقد احتجت في حينـه السيد صفيـه طالب السهيل مثلما احتجت على حالة المصالحة كونها " رفعوا الأجتثاث عن البعث وحولوه الى النساء " .

عودتنا الأئتلافات والكتل عندما تعلن عن اندماجاتها اوانشطاراتها وبهلوانياتها ’ يكون المتصدرون امام الكاميرات ذكوراً فقط ’ وخلفهم وخلف خلفهم ذكوراً ايضاً واحياناً يصادفنا ان تلتقط الكاميرا رأس امرأة في نهاية الطابور ’ وفي حالـة الأستعراضات المجانية تكلف المرأة كناطقة رسمية او متحدثة بأسم الكتلة وعندما تقترب ساعة صفـر التحاصص وتوزيع الأسلاب’ ينتهي دورها بطريقة مهينة’ وقد عبرت السيدة ميسون الدملوجي عن خيبـة املها في تصريحها الأخير ’ كذلك عبرت السيدة آلا طالباني في جرأة كلمتها داخل مجلس النواب ’ عن بؤس الموقف الرسمي ( الحكومي ) من حقوق ودور المرأة العراقية حيث حذفت تماماً من التشكيلة الحكومية بأستثناء وزيرة بلا وزارة .

ان احترام دور المرأة ومكانتها داخل المجتمع والدولة ’ يشكل جوهر وماهية التحولات الديموقراطية ’ اما تجاهلها ومحاولـة تغييبها المصحوب بالنظرة الدونيـة احياناً ’ فما هو الا علامـة فارقـة لدونيـة الزمن الذكوري ’ اما رقعـة الـ ( 25 % ) داخل البرلمان ’ والتصريحات والأدعاءات التي لا تعني منطقها ’ ما هي الا احتيال على الواقع المزري اساساً .

كتبنا واقترحنا وتمنينا ان تتخلى الحركة النسوية عن رقعة الـ ( 25 % ) وتخرج من تحت عباءة الطائفة والقوميـة والمذهب وتطرح نفسها قـوة مستقلة تلخص دورها ومواقفها وانسانية ووطنيـة برنامجها في كتلة برلمانية تمثل كيانها الأجتماعي ’ حتى لو تأخر انجازها فأنها على الطريق الصحيح .

لا نعلم ان كانت الرسالة قد وصلت وتم استيعاب الدرس واكتملت القناعات ’ من ان حقوق المرأة العراقية وادوارها داخل الدولة والمجتمع ’ لا يمكن تحقيقها الا ضمن سياق الوعي الديموقراطي وتحقيق المكاسب والأنجازات الأجتماعية والثقافية من داخل الشارع النسوي المندمج مع الرأي العام وجزء من الحراك الشامل داخل المجتمع العراقي ’ علماً ان الحركة النسوية لا تقف وحدها في مواجهة قوى الظلام والردة التي تعد مسؤولة عن اغتصاب حقوقها وحرياتها ومبادراتها وحتى النيل من ادميتها ’ فهناك قوى مهمـة مؤثرة كالمكونات الدينية والقومية والأثنية التي تتعرض الآن الى هجمة اضطهاد واجتثاث منظمة ولها نفس المصالح والحقوق والآمال في انتصار تيار التحرر والديموقراطية على عموم العراق ’ ان محاولات تغييب الديموقراطية عن حياة المجتمع العراقي ’ تشكل الآن مفترق الطرق ونقطـة المواجهة بين قوى الظلام والردة وقوى التحرر والديموقراطية ’ وهنا يجب ان تندمج جميع القوى الخيرة ذات المصالح المشتركة في تحقيق الحريات الديموقراطية والعدل والمساواة داخل تيار وطني ديموقراطي يتنفس برئـة المشروع العراقي المشترك من داخل الخيمـة الوطنيـة ’ فهناك هوامش ديموقراطية واخرى على اصعدة الأعلام والثقافة والأتصالات يجب استغلالها بوعي وصبر ومثابرة ’ وكسر الحواجز المفتعلة بين ملايين العراقيات والعراقيين في الخارج مـع اهلهم في الداخل ’ وتطوير الوسائل الفكرية والثقافيـة والسياسيـة ’ واختيار افضل النماذج واثمرها لتنظيم الصفوف وتعزيز العلاقات وتطوير التنظيمات كمـاً ونوعـاً ’ ويجب ( وهنا الأهم ) ان نتجنب روح التشائم والترقب السلبي ونعمل من داخل الحالة العراقيـة والواقع القائم مهما كثرت سلبياتـه وقلت ايجابياتـه ابتداءً من تحرير المرأة من حجابها الروحي والنفسي ومحاولات تحنيطها فكرياً وسياسياً وثقافيـاً واجتماعياً ’ كجزء من تحرير الفرد والجماعات والمكونات من مظالم الدولـة والمجتمع ’ اننا بذلك الفعل الأنساني سنحرر ديموقراطيتنا من حجابها ونأخذ بيدها بعيداً عن ارهاصات الزمن الذكوري المحجب اصلاً ’ ساعتها نستطيع القول ’ اننا قد ادينا ماعلينا من التزامات ازاء شعبنا ووطننـا وقدمنا ما نستطيعـه ’ انها مهمـة سترفع رايتها الأجيال القادمـة .

واخيراً نتساءل : هل ان الوعود التي اطلقها السيد رئيس الوزراء قبل تشكيل حكومتـه ’ من انه سينصف المرأة العراقية عبر اشراكها في الحكومة كحد ادنى لحقوقها المشروعـة ’ ام ان الأمر محكوماً بارادة تشكيلة نصف المجتثين ’ وتمر الوعود في وقت قد تجاوز الوعي غيبوبتـه واصبحت الوعود بلا عهود لاتروي عطش الحقيقـة .؟

26 / 12 / 2010

 

free web counter