| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

 

الثلاثاء 26 / 12 / 2006

 

 

المحاصصــة الوطنيـــة ... !!!

 

حسن حاتم المذكور

هل ان النكتة السمجـة التي تكررها علينا حكومتنا المنتخبــة !! ويضحك فيها علينا غيـرنا هي حقاً مصالحـة وطنية .. ام عـودة بعثيــة ... ؟

لغتنا العربيـة الجميلـة سامحها الله .. امتهنت النفاق منذ ازمنة بعيدة ... الدجالون والأفاقون والمتلونون والمرتزقة يصنعــون منهـا ادواتهم في الهجاء والمديح في غير مكانـه’ بواسطتها يعرضون الباطل في طبق من الحقيقة وبها يستنسخون من العشائر الصحراوية جمهورية ديموقراطية شعبية اشتراكية عظمـى .. ومن رئيسها عقيـداً قائـــداً مظفـراً مفكراً مؤلفاً منظراً محاظراً ... ومن الأمـي المنحرف المهزوم ’ ضرورة منتصراً بطلاً رائداً اذا مـا نطق نطقت الأمــة ’ واذا ما انهزم انتصرت الأمـة ’ وابادة الألاف في هزائمـه المعيبـة هي قادسيات وامهـــات للمعارك في حروب الأمـة المهزومـة .. وتستطيع لغتنـا ان تفتعل انتصارات للأمـة بحجـم اندحاراتها المفجعـــــة’ فأذا ما احتلت اسرائيل الجولان ووقفت على ابواب دمشق واحتلت سيناء وعبرت السويس الى شواطيء الأسكندرية فلغتنا سامحها الله تقنعنـا بالعكس تماماً وتثبت عبر اغانيها الوطنية واناشيدها الحماسية وعواء اعلامها والنبـــــاح المنافق لقادتهـا على ان الأمـة منتصرة وان اسرائيل مهزومـة مرميـة في البحـر.. واذا ما تكشفت الحقائق الموجعـة وفضائح الهزائم ’ تستطيع لغتنـا ان تغطـي بأسمال مفرداتها ورثاثـة بلاغتها الموروثـة وتقنعنا وتدعونا للأحتفالات بأنتصارات موهومـة ’ ورغم كل اشكال التحجر والتخلف والهزائم والأتكالية والأستباحة وعملية الأنقراض المتواصلـة فلغتنـا تصـر وتجعل من الغيبوبة يقضـة ومن السذاجة والجهل وعياً ومن مغادرة التاريخ الأنساني نهضـة ومن تدهور القيم والأخلاق والمثل مجداً لخير امـة انزلت للعالمين !!!

ذات اللغـة الجميلـة المنافقـة تكتظ مفرداتها المخادعـة في الحالـة العراقيـة الراهنـة .

الديموقراطيـة ترفع لافتـة اعلامية براقـة على ابواب فضائح التعصب والتطرف الطائفي العنصري ’ وعلى واجهات دكاكين مدعي العلمانيـة والليبراليـة في ازمنة اختلاط الأوراق .

الوطنيــة المفردة المقدسة الجميلة تم حشرها حقاً يراد بـه باطلاً ... فهناك مصالحة وطنية ووفاقاً وطنياً’ واتفاقاً وطنياً ومجلساً وطنيا للعشائر وآخر للهيئآت والمرجعيات ’ وهناك ايضاً مليشيات وطنية وفرق موتاً صدريـة وضاريـة وتكفيرية وبعثية وجيوش سرية وطنية ’ وموعودون بتغيير وزارياً وطنياً او حكومـة انقاذ وطني ’ والحبل على الجرار .

المصالحة الوطنية التي ابتدأت وجهاً آخراً لمشروع المحاصصـة ’ نهجاً ترسخ عبر مجلس الحكم المؤقت تقاسم للعراق على اصعدة الأرض والأنسان ’ واستمر واقعاً مريراً عبر كارثة حكومتي علاوي والجعفري ... وعبر عمليتين انتخابيتين واستفتاءً على الدستور ... ورفعت حكومـة الأخ المالكي الغطاء تماماً عن الفضيحـة الفاضحـة لمشروع المصالحـة على انـه انقلاباً محاصصاتياً ابيضاً لعودة البعث ’ ونرى الآن نتائجـه في التدفق المخيف لرجالات وجنرالات ورموز ومنظمات الموت والدمار البعثي على ابواب العمليـة السياسيـة المفتوحة على مصراعيها للقتلـة والمجرمين القدامى والجدد .

العراق المجروح حـد الموت ’ منهكاً مطروحاً على طاولـة تقاسم الحصص والأسلاب’ كل يرفع حجـم الدمـاء التي سفكها والأستعداد غير المشروط لأرتداء ثوب الخيانـة والسمسرة والطلاق النهائي مع ما كان يسمى العراق فــي مفهومهم .

المصالحـة ( المحاصصة الوطنيـة ) ’ لا يهم مع من وبين من ومن يتم تقاسم السلطـة والوطن انساناً وجغرافية وثروات .. الزيتونـي مـع العمامـة .. الهيئـة مـع الحـوزة .. الفدراليـة مع الأمارة .. حتى بلغ الأمر فضاعـة وكأن العراق تاريخا وحاضراً ومستقبلاً كان وسيبقى ثلاثـي المنشأ لا غير .. ثلاثـي الأستئثار والفرهود المحاصصاتي بين الآخوة الشيعـة والآخـوة السنـة والأخـوة الأكراد ’ وتحت ثقل فورة التعصب والتطرف وجنون الفرهود المحاصصاتي تهمشت وتأنفلـت وتتعرض للأنقراض المكونات الآخرى للعـراق .. فغير الشيعي يجب ان يغادر فدراليـة النفوذ الشيعي ’ وغير السني يجب ان يغادر امارة النفوذ السني ’ وغير الكردي الكردستاني يجب ان يتوقف عند حدود الأقليم .

الناس لم تجد الجواب المنقذ لتساءلاتها .

هل هم الآن معارضـة لحكومـة انتخبوها كشر لا بد منـه ... ام انهم جزءً من مناوراتها ومصالحاتها ومحاصصاتها وفضائحا وتبعيتها وواقعها اللاسيادي ..؟

نحن الملايين خارج العراق ’ من نصـدق ... ؟

المنتفعين المختلسين المتحاصصين المتصالحين المتقاسمين المختلفين على حجم الغنائم داخل المنطقـة الخضراء من ان هناك عراقاً جديداً ديموقراطياً فدرالياً تعددياً .. وهناك ايضاً عملية سياسية جاريـة ناجحـة زاخــــرة بالمكاسب التاريخية .....؟

ام نصدق الملايين المهمشـة المذعورة الخائفـة من اهلنا في مناطقهم الحمـراء المصبوغـة بدماء بناتهم وابنائهم’ وهم يصرخون ويستغيثون على ان العراق يحترق ويحتضر ويعاد قتلـه .. المليشيات وفرق الموت تغتال وتفجر وتذبح وتمثل وتمارس بدم بارد العديد من هوايات القتل الجماعي .. الأنسان العراقي مثله مثل العراق وحده يقتل ويباد ويجوع ويتعذب فاقد الأمن والأستقرار ... ؟

قال لي احد الأصدقاء من العراق مازحـاً ’ كان صدام حسين دكتاتوراً مجرماً قاتلاً لكنـه اقل كفاءة من الورثــة .

اشعر بالحزن والأسى .. ودموعي تسقط في داخلي واتساءل .

هل حقاً ان هؤلاء الذين نراهم كانوا فعلاً معارضين لنظام صدام حسين ... ؟

وهذا الفيض من الأنشاء الزاخر بمفردات الورع والعفـة والتقوى لم يشعراصحابه بنوبة الحرج والخجل من ذلك المفضوح رشوة واختلاساً وسمسرة وهم يواجهون الناس ..؟ انــه الصلف وانعدام الحياء .

وهؤلاء المنتخبون والمنتخبات ’ المنتفعون البلداء الكسلاء المتغيبون عديمي الشعور بالمسؤوليـة’ يرفعون ايديهم او يمتنعون بأستشارة الآخر ’ يحق لهم ان يعلنوا " انتخبنـا شعبنـا " وان ثقـة العراقيين واصواتهم اصبحت تافهـة الى هذا الحـد ... ؟

ولله .. سأحمل تلك الأسئلـة موساً في البلعوم .. وجرحاً لا افهمـه ولا يفهمني .. لا اطيقـه ولا يطيقني .. لا اصالحــه ولا يصالحنــي .. استنجـد بمن يتدخل بيني وبينـه ويجيبنــي .


26 / 12 / 2006