| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

 

الثلاثاء 24/1/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

اعترافات عراقيي الخارج ( 2 )

 

حسن حاتم المذكور
smathcor@web.de

نعم هاجرنا وهُجرنا وهربنا ورفضنا ان نرفع راية المساومة مع الجلادين وانظم الينا من رفعها وفي طرق موتنا ومحطات وحشتنا وقسوة غربتنا كنا نمسك بخيوط الأنتماء للوطن ونتدفاء بذكرياتنا واحلام عودتنا ولم يفلت من قبضات ارواحنا حبل التواصل مع اهلنا ’ وفي لحظات الأحباط واليأس كان الوطن حاضراً’ غذاءً لأرادتنا وفيتامين معنوياتنا ومحفزاً لنا ودافعاً نحو استغلال فرصة تواجدنا في عوالم التقدم والتحضر والتطور وتراكم التجارب الحية ورسوخ مباديء القانون والعدالة ومفاهيم الحريات الديموقراطية لنكتسب منهم النافع والمثمر لشعبنا’ ورغم حصار الغربة اندفع اغلبنا لتعلم اللغات الحية والمعارف النيرة والسبق في التجارب الرائدة ’ فأكتسبوا الكثير وتشكل داخل كيانهم مخزوناً هائلاً من المعارف والخبرات على الأصعدة الفكرية والسياسية والأقتصادية والأعلامية والفنية والأدارية ’ ورفضوا قطعاً منحها لمن لا يستحقها رغم ترغيب ووعيد سفارات النظام البعثي وحصار ومطاردة وتصفية بعض كوادرنا من قبل زمر ووكلاء اجهزة مخابراته .

كنا نقاتل ظروفنا وعسر حالنا من اجل تقديم العون لأهلنا المحاصرين في الداخل ’ وكم منا ــ اكاديميين وخريجين ومثقفين اعلاميين وكتاب وشعراء وفنانين ــ ورغم ان اعمار بضهم لا تسمح لهم للمجازفة في الأعمال الشاقة’ لكنهم كانوا يقدمون عليها ويتحملوان معانات انجازها بغية الحصول على مبلغ متواضع كي يخففون به وطاءة الحصار عن عوائلهم ومعارفهم .

بعد التغيير في 09/نيسان/2003 ازدحم بعضنا على حدود الوطن’ اخترقوا المسافات والروتين وعلى طبق من الأخلاص والصدق والعاطفة حد السذاجة ارادوا تقديم ما يملكون من اجل علاج الجروح والعاهات التي تركها النظام البعثي على جسد المجتمع العراقي .

اصطدمنا مع الأسف بحدود داخلية تفصل بيننا وبين الأوضاع ومجالات العمل والخدمة المثمرة ’ وجدنا انفسنا محاصرين داخل الوطن المحاصر اصلاً بالملثمين والتكفيريين وزمرالقتلة والخونة والمختلسين ومظاهر فساد المحاصصة والفرهود الشامل ’ وقوى غريبة تتعامل مع العراق وكأنه ليس منهم ولهم وآخرى تهدد وتغتال بدم بارد خيرة الكوادر الفكرية والسياسية والأكاديمية والناشطين في المجالات المعرفية الآخرى ’ وتنال من حرية وخصوصية وكرامة المخلصين للوطن وتدفع بهم مضطرين لتكرار الهجرة بصحبة المهاجرين الجد وترك البيت ( لمطيره ..... ) .

صحيح ايها السادة ’ اننا لم نألف طرق الأختلاس وتهريب ثروات الوطن وسرقة ما بجيب ابناءه’ ونعتبر الرشوة اهانة يجب ان يحاسب عليها القانون والأعراف ’ والمحسوبية تغييب للطاقات والكفاءات الخلاقة ’ والكسل واللأابالية بالمصلحة العامة تصرف معيب ’ والشللية والفئوية والتمترس الحزبي والطائفي والقومي العنصري اوبئة مدمرة للأخلاق والروابط الأجتماعية ’ والنزاهة والأستقامة والأمانة صلة اخلاقية وانسانية بين المواطن ومجتمعه .

تلك هي اسباب مشكلتنا معكم ايها السادة’ نقولها صريحة ضمن سياق اعترافاتنا وندعوكم للكف عن الخلط بيننا وبين عفش قانون تحرير العراق من مؤسسات واحزاب وشخصيات ملمعة’ انهم لم يشاركوننا فعلاً مرارة قسوة الهجرة ومعاناة الغربة وثمن المواجهة الفعلية مع الزمر البعثية ونظامهم الدموي الى الحد الذي يتنازلون فيه عن الوضع المستقر والمزدهر احياناً لأمتيازاتهم وانتفاخ حساباتهم المصرفية .

ايها السادة غير الكرام : دعاة الفرقة ومفتعلي التفرقة كفوا عن زراعة النوايا السيئة بيننا وبين اهلنا’ نحن لهم ومعهم تجمعنا هوية الوطن وخيمة العراق’ استقبلونا بحفاوة وسقطت وتعانقت دموع فرحة لقائنا على تراب الوطن ’ انهم اهلنا ونحن ابنائهم احترموا او تجنبوا على الأقل الأساءة الى حرمة وقدسية روابطنا .

اسرقوا ... اختلسوا ... ولتقطر اقلامكم والسنتكم كذباً وتزلفاً وادعاءً’ واتركوا دموع ما تبقى من امهاتنا وخالاتنا وعماتنا واخواتنا تبلل شيباتنا ’ نريد ان نسمع هلاهل الفرح العذب من الحناجر الدافئة ’ خفضوا ضجيج ( ضرا... ) اسهالاتكم الذهنية ودعونا نستمع الى احاديث اخوتنا واصدقائنا واحبائنا فأننا مشتاقون لبعضنا’ نريد بلا ملل اجترار ذكرياتنا واعادة نسيج التعارف والألفة والمودة التي اصابها الزمن العاهر .

ليس في نيتنا منافستكم على ما هو مشين’ وليس في عجالة لفتح الأضابير التي سينتهي بها الأمر حتماً الى طاولة لجنتي النزاهة واجتثاث البعث’ لدينا ما هو اهم من سخافة ترهاتكم ’ لكننا على ثقة لو عاد نصف مليون فقط من مجموع الأربعة ملايين من عراقيي الخارج لتغيرت الحالة واختلفت الصورة تماماً ولأصبح الفساد والأختلاس وتهريب الثروة الوطنية وكذلك الرشوة والمحسوبية امور مخجلة اجتماعياً يعاقب عليها الراي العام قبل القانون وهذا مالا ترغبوه ولا يرغبه الآخرون ’ تلك هي مشكلتكم ’ حدودها وخلفياتها وعفونة طويتها .