| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

 

الخميس 24 / 5 / 2007

 

 

هـل مـات الجنـوب فــي الجنـــوب ... ؟


حسن حاتم المذكور

اهلـي الأعـزاء : انـا ابنكـم الجنـوبـي ... خادمكـم ومطيعكـم وحدكـم ... سأبخـل عليكم بأسئلتـي موسـاً معلقـاً فـي البلعـوم ... واجوبـة لا ترغبون سماعهـا ... صرخـة ذات حدين ... وخجل اتستـر عليـه ... انكساراكابــر ان لا اكشف عنـه ... هزيمــة نفسيـة ومعنويـة استورثتهـا منكـم ... اخلع بصيرتي حتـى لا اراكـم ليس كمـا ينبغـي ان تكونوا ’ ولا اشعـر بعمـق الهاويـة التي انحدرتـم اليهـا بعيداً عـن حقيقتكم ... وسوف لـن اصارحكـم بمـر الأمور وابشعهـا ’ لأنكـم اهلـي ويجب ان اتحمـل تبعات مكابرتـي .

سأدفـن رأسـي استسلاماً مشيناً فـي اوحال الأحباط وخيبـة الأمـل حتـى لا اراكـم وقـد تغلبت عليكـم القـوة المدمـرة لعادة الهرولـة خلف جلاديكـم والردح علـى طبول مـن يخدعكـم ويهشكـم على بعضكـم تناطحـاً دموياً واستسلاماً لعبثيـة الموت الذي لا معنـى لــه ’ وقناعتكم بأرتـداء بؤس قدركـم .

ما ابعدكـم عـن التراث الأنساني لأمامكم امير المؤمنين علي ( ع ) وعن المعنى التاريخي لأستشهاد امامكـم الحسين ( ع ) وأامتكـم الذين استشهدوا بين مشنوقاً او مسموماً او سجيناً معذباً ’ ومن اجلكـم طبعـاً ... وقــــد ارتضيتـم الوقوف خطاءً مخـدرين خلف اسوار الوسطاء والمخادعين .

تكـرشت اغلب بنوك العالم مـن ابتلاع ثرواتكم وانتم جياع عـرات ’ ورقص المحتلون والغـزات والطامعون علـى جبين جغرافيتكـم ’ ودمكـم وحـده المسفوك ’ وفـي جميع الحالات انتم الخاسرون عليهـا ... والوكيـل والعلاس والسمسار هو دائمــاً مـن بيتكـم ... مسحوا ذاكرتكـم بقطـع خيوط التاريخ بينكم وبين اجدادكـم الذيـن تركـوا لكـم الكثير ممـا لا تقيمـوه او تستحقوه ’ حتى نسيتم انكـم انتم الذين كانوا يومـاً ... وغادرتكم علامات الأستفهام والتعجب وملامـح المعنـى ومبررات الأنتصار مزروعين صبـراً على سباخ جـدب حياتكـم .

اهلي الأعـزاء : سأبقى خادمكم ’ لكن العمـر استعاد ديونـه مـن الصـبر واصبحت مفلساً منـه .. قلبـي لا يصلح للحـسرات لكثـرة ما تخثـر الحزن فيـه .. وعبرتـي سئمـت رتابـة دموعي التي لم تعـد تصلح للبكاء عليكـم’ ولم يتبقـى لـدي غيـر الصمـت انطـق بـه دخان القهـر فـي رئتـي ... لأذكركـم فقط ’ انكـم نسيتم كونكـم العراق الـذي كان .. وكذلك العراق الذي لا يمكـن لـه ان يأتـي جـديـداً الا مـن جنوبكـم .

انا مطيعكـم وخادمكم فقط لأنكـم وحدكـم قبلتـي ومرجعيتـي ... اتبعكـم وسأواصـل متعثـراً فـي بقايا تبكيكـم آخـر قطرات جفافهـا ’ وتصرخ خلفكـم : قاتلوا الموت الذي يقتلكم ’ واقتلوه ... وعـن عمـى بصيرتكم ازيلـوا ضباب الخداع الذي يضللكـم وحجاب الشعوذة الذي يستهلككـم ’ توقفوا عـن ان تكونـوا كسـرب نمـل فاقد الرشد يبحث عن متاع حاضـره مـن الحزن والكئآبـة والتفاهـة مسكونـاً بجلـد الذات وعقاب النفس مستسلماً لقـــــد ره الأسواء.

احتضنوا جغرافيتكـم وطنـاً منـه تشبعون وتكتسون وتتعافون وتفرحون وتمرحون ’ فالحيـاة لهـا حـق عليكـم ’ ولا تستورثوا اجيالكم شـر مصائبكــم ... انهـم ابـرياء .. واقطعوا بشجاعـة خيوط عذاباتكـم مـع شرقكـم الطائفـي وغربكم وشمال غربكـم القومـي’ لقـد اهلكتكـم واستبدت بكـم شـهـوة اطماعهـم وقسوة طباعهـم’ فعلـى ارضكـم وحـدهـا روح عقيدتكـم ونبـل انتماءكـم .

اهلـي واحبائي : كيف نسيتم انكم اعظـم مـن العظماء واعلم مـن العلماء وانبل من النبلاء واشرف مـن الرموز والبيوتات واجـدر مـن غيركـم في الحياة على جغرافيتكم ’ لأنكـم الناس والتاريخ والأرض ’ ولأنكم الجنوب الخالـد نجمـة على غــرة الأزمنــة ’ والحاضنـة التـي لا يمكن للعراق الجديد ان يولـد الا مـن رحمهـا .

اهلـي ابنـاء الجنوب : عبـر ثقوب بؤس واقعكـم ارى اجدادكم السومريين والبابليين يلملمون اذيال تاريخهـم ويرحلون حيث البدايات ’ ليعودوا بجيـل آخــر يستحقهـم وجديـر بشـرف ارثهــم ’ وارى امير المؤمنين ينزف خيبـة امـل ويـده على اوجاع قلبـه والحسين يبكيكم دموعاً بلـون دمكـم على جنازة حاضركـم , وأأمتكم وكـل مـن استشهـد مـن اجلكم يلطمون فـي مجلس عـزاء اربعينيتكـم .. واشاهـد ايضـاً الوسطاء والدلالين والمنتفعين الذين لا يحسنون غيـر خداعكم وتضليلكـم على جـرف نهـر دمائكـم الطاهـرة يبيعون ويؤجرون ثم يتبولون على ما يتبقـى ’ واشاهدكم ايضـاً تطلقون الرصاص على صدور بعضكـم ’ والوطـن يجتـر احزانـه وخيبـة املـه على ابواب المنافي حيث بنات وابناء جنوبـه مهجرين ومهاجرين او مسروقين فـي بيوت الرذيلـة فـــي دمشـق وعمان ومواخيـر العهـر في محميات الأسر الخليجية .

اهـذا هـو الجنوب الذي يجتث تاريخـه مسيحيين وصابئـة مندائيين وكـرد فيليين وغيرهـم مـن مكونات تاريخه ويتـرك اثارهـم كحفـر الجـدري على وجهـه الجميـل مـن دون ان تهـزه رجفـة نـدم وشعور بخجـل .

هـل مـات الجنوب فــي الجنـوب ... وهـو حــي فينــا ... ؟

اشعـر الآن ان صـراخـي هـذيان مآزوم ... وقلمـي ينـزف تخـريفـاً ’ فقـررت ان ابتلع مـوس هزيمتـي ’ واكسر قلمـي واقول كلمتـي صمتـاً .. وربمـا ستكون الآخيرة مذبوحـة بسيف مـن سرقكـم ومرجومـة بحجار جهلكـم وغفلتكـم ورعـونـة فورتكـم ’ غيـر خائفـة او نادمـة مـا دام هنـاك مـن يؤبنهــا كشهيــدة .


23 / 05 / 2007