| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

الأربعاء 22/12/ 2010

 

معارضون من ذلك الزمان ...

حسن حاتم المذكور         

استذكرت فيلماً تدور احداثه حول ( آخـر كاوبوي ) يسكن غابة جبلية ، وحسب تقاليد اسلافه قرر السفر الى تكساس ، وفي اول مدينة على طريقه شاهد التغييرات الهائلة ، الخط السريع والشوارع ونظم السير واسواق السوبرماركت والأضاءات ، وعند مخالفة لنظام العبور اعترضته امرأة من الهنود الحمر وايدها شيخ مكسيكي ، ثم اخبره شرطي المرور ، ان سير الخيول في الشوارع العامـة يجب ان يكون مرخصاً من قبل الجهات الرسمية ، ونصحه ان يسلم سلاحه لأول مركز للشرطة ، وفي مطعم وجد الهنود الحمر والمكسيك والأفارقة والبيض على مائدة مشتركة ، اقتنع اخيراً ان الواقع قد تغير من حول منزله في الغابة ، ولم يعد يصلح للزمن الجديد ولا الزمن يناسبه وليس بأستطاعته تغيير قناعاته ، ففضل ان يبقى كما هو روحياً ونفسياً ومعنوياً لينهي زمانه كآخر (كاوبوي).

الأمر يذكرنا بمعارضي ما قبل الأمس ، متوسدون ذاكرتهم خلف الواقع العراقي ولم يروا منـه الا ظهره يحللوا ويكتبوا ويتصوروا الأشياء بذات الرؤيا السوداوية المتشائمة يجترون احباطات ومعاناة واشكالات داخليـة وبعضها تاريخيـة ، ليس لديهم مخرجاً منها الا معارضتهم لكل ما هو قائـم ، ولا اعتراض على روح المعارضة بشكل عام على الا يكون الهدم غايـة بذاتها ، خاصة اذا كان هناك ثمة مجال للأصلاح والتغيير والبناء ، مصرون على ان يستمروا معارضين فقط ، بينما بأمكانهم ان يكونوا ناقدين بنائين في ذات الوقت ، انهم لا يرغبون ذلك وربما لا يستطيعون رؤيـة الجوانب المضيئة في الواقع العراقي ، فكل شيء بالنسبة لهم ظلام وتخلف وخراب ورجعية وعمالة واجندة خارجية ولم يتركوا للناس الا الترحم على دموية النظام البعثي ، وكأن العراق محنطاً في متاحف مخيلتهم ، ربما يتجنبون رؤية الحقائق حتى لا يفسدوا لـذة سوداويتهم .

بعضهم يفتعلون مهام الدفاع عن حقوق الأنسان ’ والسجناء منهم بشكل خاص ’ ويفتعلوا مظلومية سجن في ابو غريب ومعتقلات سرية في وزارتي الدفاع والداخلية وكأن الأمر حقيقة ’مع اننا نتفق معهم علـى ضرورة احترام ادميـة السجين ’ لكن هل بأستطاعتهم ان يقدموا دليلاً واحداً ’ على ان قوى الأمن قد طرقت ابواب اهلهم واحتجزت ذويهم واقاربهم وجيرانهم لأسباب سياسية تتعلق بالحريات الشخصية ’ ام ان المعتقلين هم مجاميع مسعورة سافلة من ارهابيي النظام البعثي والقاعدة كل منهم متهماً بقتل العشرات من الأبرياء تحت اسم المقاومـة ... ؟

ان السادة يخلطون الأوراق تماماً وينقلوا للقراء ما تفبركه ماكنة الأعلام البعثي من تشويهات واكاذيب ويستعيرون مـن مشاجب الدسائس البعثية كل ما من شأنه ان يبرر ويعزز سلبيتهم ازاء الواقع العراقي ’ وقد نتفق معهم على ان هناك اخطاء وتراجعات ونظام مقيت للتحاصص وتدهور في الخدمات وضعف في الأنتماء والولاء وانحرافاً عن قيم المواطنـة واستهدافاً للمشروع العراقي ’ غير ان هذا وجه آخـر لعملـة الحقيقة العراقية ’ وهناك وجهاً مشرقاً لها ’ وفي جميع الحالات ’ فالعراق يقف على سكـة مستقبله وقوى دفع قاطرة التحرر والديموقراطية والبناء والتقدم الى الأمام ’ هي الآن اكثر حيويـة وقدرة من محاولات قوى الردة للعودة بها الى الوراء ’ انهم يفسرون الواقع بروح منغلقة محبطة الى جماهير واعيـة منفتحة على نفسها متفائلة بمستقبلها’ ونحن على ثقـة من ان السادة غير مقتنعون اصلاً بما يكتبون ’ انهم يعانون من داخلهم وبعقلية الثأر يتصرفون ازاء الواقع ’ انهم ضحايا تراكمات تارخية يرتدون اسمالها ثوباً لا ينفع ترقيعه بالجديد ’ ولا يعنيهم او يشغل بالهم الا ان يجدوا او يفتعلوا مادة تجنبهم الخروج عن واقعهم’ ليواصلوا بقاياهم معارضون من ذلك الزمان’ تماماً كما كان عليه ذلك ( الكاوبوي ) المسكين مع انه اكثر صراحة مع زمانه وصدقاً مـع ذاتـه .

اغلب المتشائمون مقيمون في اوربـا ’ وعلى اساس واقعهـا وقيمهـا وتقاليدها العريقـة يحاكمون الواقع العراقي المنهك بالسلبيات الموروثة ’ ومن دون النظر الى طريق المراحل والتجارب المريرة التي استغرقت المجتمعات الأوربيـة عقوداً من المعانات والتضحيات ’ يقارنون الحالة العراقية التي تعيش الآن مواجهات شرسة مع قوى الردة البعثيـة وتكفيريي القاعدة وطائفيي وعنصريي البعض من اصحاب السلطة والمال ’ تلك القوى التي لاتريد ان تفقد مواقعها او تضحي في مصالحها حتى لو تطلب الأمر سحق التجريـة الديموقراطيـة الفتية ’ انهم يريدون مـن العراق ان يتجنب دفع تكاليف صناعـة تجربتـه الديموقراطيـة واستبدالها بما هو معلب وجاهز تحت الطلب ’ وعلى العراقيين ان يقفزوا الواقع حرقـاً للمراحل التي بدونها لا يمكن الحديث عن مستقبل ديموقراطي وتلك مستحيلات وامور غير ممكنة لا توجد الا في مخيلـة المتشائمون ’ ومن اجل تعميم روح الأحباط والأنهزامية ’ يتجاهل المحبطون ’ على ان هناك حالـة تغيير نشيطـة تتجذر مع الأيام والثواني ’ ويقضـة وعي غير عادية تعبر عن ذاتها ردود افعال ونشاطات نامية متصاعدة ومنظمات مجتمع مدني تواصل تقييم المراحل وتجاربها وتطوير حيوية واستقلالية فعلها الوطني الأنساني من داخل المجتمع العراقي ’ ان افآق المستقبل تشير الى ان هناك تغييرات ملموسة في الموازين ستحصل على صعيدي الأنتصار والهزيمـة’ وقد تنفجر من داخل صناديق الأقتراع لأنتخابات 2014 وبعدها’ وهناك تحولات وتطورات كثيرة ستكسر جليد التشاؤم والأحباط وتأخذ بيد الناس بعيداً عن حالـة الترقب السلبي واللاابالية .
 

free web counter