| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

 

الأثنين 22 / 1 / 2007

 

 

اشكاليــة الخصوصيــة العـراقيـــة


حسن حاتم المذكور

اشكاليـة العلاقات العراقيـة العراقيـة داخل المجتمع العراقي ، قوميات وطوائف ومذاهب ومعتقدات وعلاقات مختلفـة وغيرها ... يجب النظر اليها من زاوية وطنية .

كل شيء في الوجود لـه خصوصيـه تميزه ، وداخل كل خصوصيـة جملة خصوصيات تميزها عن بعضها وتنظـم مجمل تفاعلات وانشطة وتطورات الكيان سلباً وايجاباً ، عموماً ليس هناك للركود على حالة واحدة مجالاً.

شعوب العالم ومجتمعاته لكل منها خصوصيتـة ايضاً وخصوصيات تتشكل منهـا اوجـه النشاط الثقافي والمعرفي والحضاري والموروث الأجتماعي التي تدفع الخصوصية الرئيسيـة ( الدولـة والمجتمـع ) الى التطور والتقدم والأبداع واحياناً العثرات والتراجعات والأنتكاسات .

العراقيون كأي شعب آخر لهم خصوصيتهم التي تشكلت تاريخياً من مجموعـة خصوصيات متباينـة في وجوه عديدة ومؤتلفة حول قواسم مشتركـة عديدة ايضاً .

خصوصيـة العراق ، انـه يتكون من قوميات واديان ومذاهب واعراق وكذلك معتقدات ومنظومـة ثقافات ولغات واعراف وتقاليد ترسخت وتعايشت وساهمت في بناء الهويـة العراقيـة المشتركـة ( الخصوصيـة ) عبر الآف السنين.

العراق لا يمكن لـه ان يكون غير العراق ... ولا يمكن له ان يكون لغير اهلـه الذين ساهموا واشتركوا في بناءه وتكوينه وانجازه ككيان وخيمــة وطنية مشتركة للجميع ، بهذه الحالة لا يمكن لـه اطلاقاً ان يكون جزاءً او قطراً من كل آخـر خارج اطار كينونتـه العراقية ، ولا يمكن له ان يكون مثلاً جزاءً من الأمة العربية او الكردية او التركمانية او غيرها ’ فالأمر يعد تجاوزاً على الحقيقة التاريخية التي تؤكـد اصالـة العراق المشترك بين جميع مكوناتـه.

العراق كذلك لا يمكن له ان يكون جزاءً من الأمـة الأسلاميـة وهو الذي يجمع بين اضلاع تاريخـه المسلمين بمختلف مذاهبهـم والمسيحيين على اختلافهم والصابئـة المندائيين والأيزيديين واليهود ، الأمـر يحدث فقذ في حالات الغزو والألحاق المجحف والألغاء الجائر .

من الخطاء الفادح ان تكون للعراق هويـة قوميـة او دينيـة او مذهبيــة محددة تتعارض مـع الحقيقة التاريخيـة لخصوصيته ( هويته المشتركة ) ، ان الأمر سيكون في هذه الحالـة شاذاً مثيراً للرعب والمخاوف والقلق على المصير بين المكونات الآخرى غير المعنيـة بتلك الهويـة المفتعلـة والمتغطرسة التي ستتحول مع الزمن الى نزعات عنصريـة وطائفية مشبعـة بثقافـة التعالي و التجبـر واحتقار الآخر ورفضـه والغائـه وميول العدوانيــة والأبادة والأجتثاث عبر الصدامات والتصفيات الدمويـة .

الخصوصيـة العراقية هي بمثابـة سكين ذا حدين او وجهين لحالـة واحـدة ... فيمكن ان تكون سبباً للتوحـد والأندماج الطوعي والتطور والبناء التاريخي والتقدم والأزدهار ’ ويمكن لها ان تكون سبباً للأختراقات والتدخلات والأحتقانات واشعال سعير الأحقاد والفتـن والأقتتال والخراب بين ابناء الوطن الواحــد .

العراق عرف الحالتين ، في احداهما حقق الأنجازات والمكاسب التاريخيـة وفـي الثانيـة دفع ضريبـة الخراب والدمار واستمر يراوح بين تلك الحالتين الى يومنا هذا وهو الآن يدفـع الثمن غير المسبوق من حيث حجـم الكارثـة .

اهل العراق عليهم ان يفهموا خصوصيتهم المشتركـة جيداً ’ ثـم خصوصيـة بعضهم الآخر’يحترموهـا ويجعلوهـا سبباً للتعايش والألفـة .

العربـي العراقي يجب ان يفهـم حقيقتـه عبر فهـم حقيقـة الآخرين ’ عليـه ان يستوعب كـون هناك كردي عراقـــي وتركماني عراقـي واقوام آخرى عراقيـة ’ جميعهـم اشتركوا ويشتركون معــه فـي الوطـن .. وعليـه ان يحترم ويقدس شراكتهم معـه ’ تلك التي تتعارض مـع نزعات التفرد والطيش والأستهتار ’ وبنفس الطريقـة والعقلية على الكردي والتركماني ان يفكرا كما سيفكر العربي العراقي مستقبلاً ’ على انهم اجزاء يتكون منهـم الكل ( العراق ) ’ الذي هو هويتهـم المشتركـة ’ وبنفس الوقت ان يفهم الجميع ان للأجـزاء كامل الحريـة ان تقرر برغبتهـا ووعيهـا وارادتهـا وكامل استقلاليتها طبيعـة علاقاتهـا مـع بعضهـا .

الأمر ذاتـه ينطبق على الأديان والمذاهب ’ فلا يمكن لطرف ان يفرض حقيقتـه ( اغلبيتـه ) على الآخرين ’ وكذلك هويتـه ومعتقـداتـه ويجعل الدولـة والمجتـمع لا يرتديا الا عبائتـه الطائفيـة والمذهبيـة فقط ’ ويستعيـر اسباب الفرقـة والصراعات والتصادم والتسلط واسلحـة الفتنـة مـن مشاجـب التاريـخ البعيـد ’ ويؤسس في قلوب اغلبيته سادية العـدوان ورغبـة الأنتقام وابادة واجتثاث الأضعف ( الأقليـة ) التـي لا تحمل فـي قلوبهـا غيـر حب الوطـن وتدعيم السلم الأجتماعي ورغبـة البناء وتحقيق الأنجازات وثقافـة الوطـن والأنسان المشتركـة .

الوحدة الوطنيـة ، ومن اجل ان تكون حقيقـة راسخـة وواقعاً معاشاً برغبـة الجميع ، يجب ان تكون قاعدتهـا الثقـة المتبادلـة بين مكونات المجتمع العراقي ... يجب ان يطمأن الكردي على حاضره ومستقبل اجيالـه مـع شقيقـه ( فـي الوطن ) العربي ، وكذلك يطمأن التركماني الى شقيقـه الكردي ، والأقليات الى الأكثريات .

وهكذا يجب ان تكون الثقـة والعلاقات بين الطوائف والمذاهب الأسلاميـة وبين الأديان الآخرى ، وتنتهـي مظاهـر القلق والذعر والخوف الذي تثيره الأكثريات فـي نفوس الأقليات ، قوميـة كانت ام دينيـة او مذهبيـة ’ وتختفـي نهائياً ظواهـر الأنفلـة والألغاء والأبتلاع وحالات التهجير والأبعاد والأجتثاث .

من اجل اعادة الحقيقـة الى موقعهـا اللائق في التاريخ والحاضر والمستقبل ، علـى الوطـن ان يصالح ابناءه ويعـتذر عن التجاوزات والمجازر والمظالم التـي تمت بأســم ابناءه ايضاً ، فالعربي عليـه ان يصالـح شقيقـه الكردي والكردي التركماني ويتصالحـا الشيعـي والسني ، والمسلم مـع المسيحي والصابئي المندائي والأيزيدي واليهـودي بصـــدق ونزاهـة ورغبـة وسريـرة مغتسلـة من بقايـا الأوهام وتزوير التاريـخ ، ويتسـع الوطن لجميـع اهلـه وعلى حساب الغرباء والدخلاء ان تطلب الأمـر ذلك .

تلك هـي اسس الوحـدة الحقيقيـة ، بعكسهـا تكون حالـة من الأنفصال الروحـي والنفسي والفكري والوجداني والعاطفي بين مكونات الشعب العراقي ، وذلك هـو الشطـط الذي يجب تجنبـه وقطـع دابـر تكراره .

ان حريـة مكونات الشعب العراقي في تحديد الطريقـة والصيغـة التي تتعايش فيها مع بعضهـا ، وطبيعـة العلاقات فـي اجواء من الديموقراطيـة والتحضر والعدل والمساواة ، هـي الخطوات السليمـة والعمليتة فـي طريق التجانس والتعايش والتعاضـد والتوحـد المستقبلـي ، بعكسها تكون حالـة من الأنفصال والتشظـي غيـر المعلن وعلى جميع الأصعدة .

قـد يعتقـد البعض بأن الأمـر مجرد خيال ومثاليـة مفرطـة ’ او دعـوة متعمـدة مغرضة لتجزاءة العراق ’ فـي رأيي ان ذلك الأعتقاد خاطيء ويعبر عن عطب تاريخي يجب اصلاحـه ’ وبنفس الوقت تفنـده محطات تاريخيـة كثيـرة وشهود الآف السنين .

ان الأصرار على تمزيق العراق وتشظيـه وتجزأتـه داخـل اطار وحـدة العنف والمظالم وانعدام الثقـة ، هي جوهـر الأزمات والأقتتال والأنتكاسات الوطنيـة والأجتماعيـة ، وهنـا يجب على اهل العراق بكل مكوناتهم ، ان يتسلحوا بالوعـي والأدراك والواقعيـة ويخلعوا عنهـم جلـد الأنانيـة وضيق الأفق ويتجنبوا الأنحرافات والهزائم والكوارث ويصلحوا فـي ذاتهـم ذلك العطب التاريخـي القاتـل لأشكاليـة خصوصيتهـم

22 / 01 / 2007