| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

الأثنين 20/10/ 2008



الوحـدة الوطنيـة : فـي بازار المتطرفين

حسن حاتم المذكور

الدولـة العراقيـة ومنذ تأسيسها عام 1921 ’ لم تعرف ربيـعاً فـي العلاقات الوطنيـة ـــ العراقيـة العراقيـة ـــ بين مكونات المجتمع العراقي يمكنـه ان يعطي ثمـرة الحريـة والعدالـة والمساواة تحت خيمـة النسب التاريخي والحضاري .
التسلط العنصري الطائفي والتفرد الأيديولوجي ’ دمـر العلاقات التاريخيـة بين المكونات وشوه الثقـة وعمم الخوف والأحقاد والكراهيـة والتنكيـل في الآخـر تهجيراً وانفلـة واجتثاثـاً وابادات فرديـة وجماعيـة وضـرب بيئـة التقاليـد والأعراف الأجتماعيـة والموروث الأنساني فـي الصميـم .
كان النظام البعثي العروبي آخـر الحرائق التي اتت على ثقـة الناس ببعضهـا وامـل استعادة روح التعايش والتسامح والمحبـة بين المكونات التاريخيـة للعراق .
بعد التغيير الذي حدث في 09 / نيسان / 2003 ورغم انه كان احتلالاً لـه دوافعـه الشريرة ’ غير الذي تمناه وانتظـره اهـل العراق .
وقف العراقيون عند ابواب التغيير خائفون حذرون بين تجاربهـم المريرة مـع المخططات الأمريكيـة على امتداد اكثر مـن خمسة عقود ’ وبين طموحهـم المشروع الى مستقبل ديموقراطي آمـن ’ فكانوا صادقون مـع انفسهـم ومـع الأحتلال ومع القوى التي قفزت بمساعدتـه على قمـة تمثيلهـم طائفيـاً وقوميـاً ومذهبيـاً ’ غيـر ان الأحتلال وكعادتـه القديمـة استغـل نقاط ضعف بعض القوى التي تعاملت معـه وكانت متطوعـة لمواصلـة الموروث البعثي ثقافيـاً واخلاقيـاً وفكريـاً ونفسيـاً وممارسـة ’ فأدخلهـم معـه اوراقـاً يلعبهـا مـع اهـل العراق لينتزع منهـم ما تركـه النظام البعثي مـن بقايـا وطـن ’ فكان مجلس الحكم الموقت ثم الأنتخابات الأولى والثانية والأستفتاء على الدستور جواكـره الأهـم للأيقاع بالعراق داخـل مصيدتـه التاريخيـة ووضـع مصيره على الطريق الخطـاء للتحاصص والتوافق وتقاسم المتبقي مـن العراق اسلابـاُ ’ وفتـح امام تلك الوجـوه الشرهـة ابواب الثروات الوطنيـة والسلطـة والجـاه وشجع دوافـع ورغبات الأختلاس والفساد والرشوة واسباب السقوط في مستنقعات الرذيلة ’ وشجعهـا ودعمهـا مادياً ولوجستياً على تشكيل المليشيات واجهزة التنكيل وفرق الموت السرية انجازات خطيرة (للفوضى الخلاقـة) واشرف كذلك على معاقية وتصفية القوى والشخصيات الوطنية اذا مـا رفضت ان تكون اطرافـاً او اسبابـاً فـي المحنـة العراقيـة والمآزق المدمـر ’ كذلك فتـح الأبواب لدول الجـوار لتدخل اطرافاً في لعبة انهـاك العراق واخضاع شعبه لشروط الأمر الواقع ’ كـل تلك الحالات ومسلسل البشاعات يحاول المقاولون المحليون نفاقـاً وادعاءً الثرثرة حول الوحـدة الوطنية .
مجلس النواب المنتخب مـن قبل الشعب ’ والذي كان مفروضا ان يكون ملتقاً وطنياً للتسامح والتصالح والمحبة والوحـدة والبنـاء ومؤهلاً لـوضع ضمادات الشفاء على الجراح القاتلـة التي تركهـا النظام البعثي على الجسد العراقي ’ اصبح مع الأسف مستنقعـاً للتطرف العنصري الطائفي ينضـح عفونـة الكراهيـة والأحقاد والعداوات والأبتزازات والغـدر بالآخـر ’ ومـا حدث اخيراً في الأجماع الهجين الذي لا يشرف احـداً على الغـاء المادة ( 50 ) مـن قانون انتخابات مجالس المحافضات التي تمنـح بعض الحقوق المتواضعـة للمكونات غير الكبيرة ’ كانت قرصنـة تفتقـر الى ابسط القيم الأخلاقيـة والأجتماعيـة مـن حيث الأسلوب والممارسـة والنوايا الموتورة ’ حيث تـم التصويت على الغـاء دور المكونات العراقيـة الصغيرة وتهميشهم بقسوة ودناءة ’ ثـم ورغم الأجماع الفاضـح ’ يتنصل الجميع سخرية بعـد ان انجزوا ما يرغبوه مـن فعلتهـم المشينـة ’ سوى انهـم اثبتوا هذه المرة ذكاءً ودهـاءً وشطارة ’ حيث لم يتهمـوا الأرهاب والقاعدة والوهابيين في مؤآمـرة ودسيسـة ذلك الأجماع داخل مجلس النواب ’ وتلك فلتـة نحسبهـا لهـم ( وطاح حظ الوكت ) .
مسلسـل المجزرة التي ارتكبت ولا تزال بحق الأخـوة المسيحيين اغتيالاً وتهجيراً وحرقاً للكنائس والبيوت ’ وكالعادة استنكرتها او اتهمت الأطراف بعضها ’ بينمـا دمـاء الأخـوة المسيحيين التي تسيل مـن انياب ومخالب بعض الأطراف والقوى والقوائم التي تشترك وتقود العملية السياسيـة مؤتلفـة داخـل مجلس النواب في المنطقـة الخضراء ’ فهي ان لم تشترك مباشرة فأنهـا على علم ودرايـة بمن نفذهـا ’ ومـن لم يكن صريحـاً مـع الضحايا ’ فسوف لن يكون بريئـاً ’ وان تلك الأعمال والأدوار ستكون مقلقـة لجميـع مكونات المجتمـع العراقي وتشكل ايضـاً تدميراً فعليـاً لمباديء واواصر ودواعي واسباب الوحـدة الوطنيـة بين المكونات .
ان النهـج الراهن للوحـدة الوطنيـة هو حالة عقاب جماعي يفرضـه الكبار من مركز القرار على الصغار وبأي صيغـة كانت ’ انـه حالة مسخ وتقطيـع للروابط الروحية والنفسيـة والمعنويـة التي تجمع بين المكونات ’ وحالة انفصال وجداني تعبـر عـن الرفض المخضب بالدمـاء والمعاناة مـن داخـل كروش القروش الطائفيـة والقوميـة بعـد حالات الأبتلاع الوحشيـة .
وبمـا ان الأخوة العربيـة الكردية تشكل حجـرالأساس الذي لا بديل لـه للوحدة الوطنيـة والمستقبل الديموقراطي التعددي الفدرالي فهي مستهدفـة مـن قبل الذين لا يرغبوا ان يروا العراق منصفـاً مع مكوناتـه .
يعتقد البعض سذاجـة : ان الأخوة العربيـة الكرديـة يمكـن اختزالهـا بنزوة عهـد او مساومـة او كلمـة (شـرف !!!) ثملـة يعطيهـا السيد الجعفـري مثلاً للسيـد جلال الطالباني ’ او مجرد وعود واتفاقيات على الورد او ثقـة تتعكز على الذاكرة واعتماد النوايـا ( الطيبـة !!! ) بين الأئتلاف الموحـد والتحالف الكردستاني فـي اجواء الأبتزازات والمساومات والمناورات تشترك فيهـا وتفترق وتتخاصـم احيانـاً اغلب الكتـل السياسيـة ’ ان تلك الأساليب والممارسات والطرق التي تعتمـدها القوى الفوقيـة وبسريـة تامـة ’ سوف لـن تثمـر على الأطلاق اخـوة عربيـة كرديـة او حـد ادنى مـن الوفاق ناهيـك عـن الوحـدة الوطنيـة ’ ولنـا فـي التاريخ القريب ادلـة وشهود وتجارب مخيبـة للآمال ’ ان الأخـوة العربيـة الكرديـة هي في الحقيقـة ’ منظومـة قيـم واخلاق وثقافات وطنيـة ومصائر مشتركـة وفهـم متادل وعلاقات تتسـع لخصوصيات واهداف كـل مكون ’ تلك الأخـوة لا يمكن لهـا ان تتحقق بدون رغبـة ودور وفعـل الملايين مـن العرب والأكراد ’ واذا ما اردنـا حقـاً ان تكون تلك الأخـوة اساسـاً صلبـاً للوحـدة الوطنيـة ’ فيجب ان تكون جماهير المكونات الأخرى طرفـاً ايجابيـاً مؤثـراً بنـاءً في دعائمهـا ومسيرتهـأ .
الوحـدة الوطنيـة ’ هي قضيـة الملايين ولمصلحتهـم ولحمايـة حاضرهـم وضمـان مستقبل اجيالهـم ولا يمكن تحقيقهـا الا جماهيرياً ابتداءً مـن القاعـدة الشعبيـة الو اسعـة ’ امـا المصالح الشخصيـة والفئويـة والحزبيـة والعشائريـة وتشابكهـا الى جانب الأفرازات الضارة للعنصريين والطائفيين وثقافات الأستفزاز والترصـد والتصعيـد ’ فهـو طريق لتكريس الفرقـة والتمزق والضعف العام ثـم الأنهيار والخسارة المشتركـة ’ وهـذا مـا لا نتمنـاه مستقبلاً كئيبــاً للعـراق .


20 / 10 / 2008


 

free web counter