| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

الخميس 18/9/ 2008



مـن يصّنـع الكـراهـيـة ... لا يـنـتـج الحـب

حسن حاتم المذكور

غيّرت عنوان المقالـة مراراً بغيـة ايصال فكرتـي للمعنيين بصناعـة الكراهيـة بين الناس ’ وكذلك للمعنيين بصناعـة الحب ودفيء العلاقات الأنسانيـة ’ وايضـاً للذين لا يرون ثمـة فواصلاً اخلاقيـة ووطنيـة وانسانيـة بين الحب والكراهيـة ’ لتصبـح نواياهـم الساذجـة جسراً غيـر معنيـاً بهويـة العابرين عليـه ’ وللجميـع ليعلـم كـل موقعـه ويأخـذ حصتـه مـن السؤال ليبحث فـي ضميـره ووجدانـه وسلوكـه العام وممارساتـه اليوميـة عمـا لديـه مـن الأجابات التي تحدد مكانـه في ايـة ورشـة هـو .
عند زيارتي الأخيرة للعراق في 21 / 04 / 2008 ضمـن وفـد للمثقفين العراقيين للتضامـن مـع قضيـة الكورد الفيليـة ’ حاولت ان اجعـل جُـل وقتي للتعرف على العراق الآخـر وليس للأهـل والأقارب والأصدقاء حاولت فـي تلك الفتـرة متعمـداً ومجازفـاً احيانـاً في البحث عـن بقايـا صناعات المحبـة والتسامـح والأخـوة والصداقات الحميمة بين الناس فـي الأسواق والتجمعات السكنيـة ’ المقاهي والمطاعـم وباعـة الجملـة والمفرد في الشوارع ومـع المارة وسواق التاكسي واصحاب الحرف وكذلك بعض المعنيين فـي السياسـة والثقافـة والفـن والأدب والأعلام ’ رأيت لاول مـرة الوجـه المغيّب للعـراق ’ علاقات الناس ببعضهـا تمارس عفويتهـا في اعادة اصلاح نسيجهـا التاريخـي ’ كـل يمسك بقدر استطاعتـه وحرصـه وصبره بالطـرف الآخـر مـن خيط المحبة ’ ورغـم كـل عواصف واتربة ودخان الكراهية والأحقاد التي تثيرها ناسفات ومفخخات الدسائس والفتـن والغـدر والنوايـا اللئيمة ’ يعتصم الناس بحبـل الـود وتقاليد الألفة فيمـا بينهـم ’ فـي الأسواق المزدحمة بالباعـة والمشترين ثمـة تقاليـد عراقيـة لازالت راسخـة وعلاقات روحيـة تعّبـر عـن ذاتهـا ساخـرة لم ينل منهـا التفسخ المؤسساتـي على امتداد اكثـر مـن ( 45 ) عامـاً ’ النكتـة لا زال طعمهـا عراقيـاً والفرح كالحزن ينبعث من اعماق الرئة والثقة بالآخر ومعنويات التحدي لازالت متفائلة بفرج قريب ومستقبل افضل’يتحدثون عـن نهايـة العصـر الذهبي للطائفيين والمذهبيين والعنصريين ’ والحليم لا يبقى ملدوغاً من جحر بعينـه ’ واذا علموا بأستشهاد قريب لهـم يعلقون بمرارة " قتلـه صوتــه الذي رمـاه بغيـر مكانـه ... او كـل لحيـه يجـي خر.. مـن اديهـه .. او حيـل ويانـه اذا مـا تعلمنـه مـن غلطتنـه " وامثلـة كثيرة بليغـة السخريـة والمعنـى الناقـد ’ عـن مسؤول كبيـر كان بغلاً وقـد تقمص شخصيـة الأسـد واذل الأسود .. وخروفـاً انتحـل ( زوراً ) شهادات عليـا تؤهلـة ان يكـون نـمـراً .. وثعلبـاً يحمـل الدكتوراه فـي الأمـن القومي والوطنـي لقفـص الدجاج مجلساً للنواب ولكثرة تغيبـه عـن مسؤولياتـه بأتجاه بيت اللـه الحرام ’ يطلقون عليـه ( الحاج مجلس النواب ) مليشيات .. عصيدة مـن فدائيي صـدام والبعث الشيعـيي وحثالات اخرى تسلحت وتجمعت في مكاتب السيد الشهيد للوساطـة مـع مصادر اصحاب النعمـة فـي دول الجوار ’ تأمـر بالمعروف وتنهى عـن المنكـر لتجعـل مـن العقيدة والمذهب قرباجـاً يجلـد ظهـر المستقبـل العراقي .
فـي السليمانية واربيل قمت واصدقائي بزيارة للأسواق العامـة والمحلات التجاريـة ’ نعلن هويتنـا عربـاً ’ لـم نشم اطلاقـاً الرائحـة الكريهـة لسؤ الفهـم ’ حيث هناك الألاف مـن العرب خاصـة مـن بغداد ومـدن الجنوب والوسط يمارسون حياتهـم واعمالهـم وعلاقاتهـم مـع اشقائهـم الكورد عاديـة جـداً ’ يتناقشون وقـد يختلفون لكنهـم دائمـاً لا يغادرون اطـار الأخـوة وهـذا هـو الأهـم ’ فـي مدينـة حلبجـه المنكوبـة بطاعون العنصريين والطائفيين اخترنـا ان نلتقي مـع شاهـد مـن ضحايا المجزرة وكان قـد فقد اغلب عائلتـه ولا زال البعض منهـم يعاني اضراراً نفسية وصحية قـد تلازمهـم اجيالاً ’ كنـا نتوقـع ردود افعال وعتباً غير ودياً وهذا حقهـم ’ لكـن الرجـل وبمنتهى الود والتواضـع جهّز على عجـل مائـدة تـدل على تقاليد في الكرم ’ ورحبت عائلتـه بوجودنـا عربـاً بينهـم ’ وقال الرجـل نصـاً " العراق بريء ... وكذلك شعب العراق ’ انـه النظام البعثي ’ ومثلمـا قتلنـا قتلكـم معنـا .. نحـن اخـوة ويجب ان نعيـد بنـاء العراق مسالمـاً يحـب اهلـه متصالحـاً معهـم لا يفرق بينهـم ... نحتاج الى المحبـة والتسامـح والأخـوة والمساواة وتعزيز الثقـة والعيش سويـة فـي امـن واستقرار ’ وعلينـا ان نكون حذرين مـن عـودة ذلك الزمـن الظالـم " .
الناس فـي القاعـدة الشعبيـة وعلى اختلاف انتماءاتهـم يواصلون صنـاعـة المحبـة والأخـوة والحياة الأمنـة المشتركـة .
فـي الطرف الآخـر مـن جسـر العلاقات الأجتماعيـة هنـاك من يواصـل وبكـل الطاقات المحليـة والأقليميـة والدوليـة صناعة الكراهية والأحقاد والفتـن لحـرق حاضـر ومستقبـل المغلوب على امرهـم داخـل المجتمع العراقي والأضعف مـن مكوناتـه ’ يشعلون حريق الدسائس وبؤر التآمـر والتنكيـل فـي الآخـر والأنقلاب على الوعود والألتزامات لآهـداف طائفيـة مذهبيـة وقوميـة ضيقـة ’ ليجعلوا مـن العراقيين وبمختلف انتماءآتهـم حطبـاً جاهـزاً للأشتعال مكاسبـاً للملعـونين اصحاب النوايـا والمخططات الفاسـدة .
وقـدر لنـا ايضـاً ان نقضـي وقتـاً داخـل المنطقـة الخضراء وبين اروقـة مجلس النواب بشكـل خاص ’ وعلى ضـوء معلوماتي وانطباعاتي المسبقـة ومـا شاهـدتـه فعلاً توفـرت لدي امكانيـة المقارنـة بين الشارع العراقي مصدراً لصناعـة المحبـة والأخوة والتفاؤل بمسقبـل علاقات انسانيـة ’ وبين مجلس النواب ورشـة لصناعـة الكراهية وفبركة التصعيد ’ مجلساً ولعـدم صلاحيته يجب احالته في استفتاء شعبي الى مجمع اللأضروريات.
بين صناعتي المحبـة والكراهيـة هناك حيـزاً وقائيـاً مـن الأخلاق والشرف لا يمكن للأنسان السوي ان يتجاهلـه ويتجاوزه عبـر افتعال المبررات للسلوك المنحرف وخلط الأوراق ’ فالصـدق لا يشبـه الكذب والأخلاص يختلف عـن الخيانـة وعامـل الخيـر لا يجتمـع مـع عامـل الشر ... وحـرائق الفتـن لا تطفيهـا الا ميـاه التسامـح والألفـة والوفاق ’ كذلك الحب والكراهيـة لا يمكن ان يلتقيـا او يجتمعـا فـي سلـة واحـدة ومصنعـي الكراهيـة لا ينتجـون حبـاً على الأطلاق .
الأمـر يثيـر القلق والخوف فـي الحالـة العراقيـة ونحـن نشاهـد الملايين المغيبـة تتطوّع حطبـاً لمحرقـة الكراهيـة والأحقاد والفتـن وترقص على طبـول وعبثيـة جنون التصعيــد الغبـي ’ ففلان المنحرف تكونت حوله عشيرة وعلان وفلتـان شكلا مليشيات تتغوط اسهالاتـها الدمويـة عدوانيـة وثأرات وتخريف فـي الشارع العراقـي المسالـم .. وخربان وضرطـان وبعـد ان مسحـا سيمـاء دم الضحايـا عـن ماضيهـما القريب وتوضيا بغسيـل المصالحة الوطنية ’ شكلا صحوات ويقظات وديموقراطيات ومجالساً عشائرية مدفوعة الثمـن وبالعملات الصعبـة ’ المختلسين المفسدين شكلوا بمسروقاتهـم احزابـاً ومنظمـات للوفاق والأصلاح الوطنـي المنافق والمحتال ( مـن البيضــه ) دخـل طرفـاً يعتد بـه داخـل العمليـة السياسيـة ’ طبخـة مجلس نـواب التحاصصات والتوافقات والأبتزازات والمساومات وتوزيع الغنائـم والأسلاب ’ لـم تعـد نافـذة المفعول ويجب الأستغناء عنهـا او استبدالهـا .
اختلطت الأوراق وتبعثرت المقاييس وتمزقت القيم ’ واصبـح الأمر بمجملـه وبكـل بساطـة ووضوح يشكـل معركـة مصيريـة شرسـة بين القلـم ( معرفـة ) وكاتـم الصوت ( جهلاً ) ... ومـن سينتصر اخيراً ... ؟ انــه القلـم بكـل تأكيــد ... متــى ... ؟
نحيـل السؤال الى مـن يمتلك اجابته مـن الخيرين والمخلصين مـن مثقفين وسياسيين احزابـاً وطنيـة ومنظمات مجتمع مدني مستقلـة فاعلـة ... هؤلاء وحـدهم القادرون على وضـع العراق على طريق خلاصـه ومستقبلـه الديموقراطي التعددي الفدرالي ضمـن اطار وحـدة التحرر الديمقراطي والسلـم والمساواة والتطور الأنساني .


18 / 09 / 2008



 

free web counter