| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

                                                                                      الأحد 15/1/ 2012

 

العراق و العملية السياسية

حسن حاتم المذكور

هل أن العراق اكبر من العملية السياسية , أم إنها فوقه ... ؟؟؟
لا نعلم ما يعتقده البعض من المشاركين في العملية السياسية , أن كان العراق هو ألأكبر أم العكس , ما نعلمه أن الأمر ملتبساً عليهم , لهذا ولد عنهم هامش الحريات الديمقراطية و الحد المقبول من عدالة توزيع الثروات الوطنية استنساخاً مشوهاً لا يشبه ما هو متعارف عليه في التجارب العالمية.
في النظم البرلمانية لا يوجد بين الشركاء شئ اسمه الصراع , و الذي يبلغ أحياناً مستوياته الدموية, هناك تعارض أو تباين في الأفكار و وجهات النظر و التصورات و البرامج داخل عمليه قاسمها المشترك خدمة الوطن و الإنسان.
ما يحدث في العراق أمر أخر , فالصراعات أخذت أبعاداً مأساوية تجاوزت حدود منطقتها الخضراء لتصبح لعبة إقليمية و أحياناً دولية في غاية التعقيد و الخطورة , فإلى جانب الصراعات الداخلية , هناك من جعل العراق ميداناً لصراعات خارجية لا ترحم , متقمصاً ادوار الدلالين والوكلاء ممتهناً وظيفة إضعافه وإذلاله مقابل مكاسب طائفة قوميه واغلب الأحيان شخصية عشائرية وحزبية ضيقة , لينتهي به فريسة على طاولة أطماع أنظمة الجوار .
هل حقاً أن بعض الزمر و الأفراد التي أشبعت الوطن ترخيصاً و بيعاً و المواطن موتاً و معاناة , تمثل شرائح و مكونات عراقية...؟
على هذا السؤال أجاب الدكتور مؤيد عبد الستار في مقالة له بتاريخ 8\1\2012 تحت عنوان " السنه في العراق اكبر من القائمة العراقية " أشار فيها إلى أن بعض الزمر الفاسدة أو المتهمة , إذا ما ثبت عليها ارتكاب جرائم قتل أو فساد فلا يمثلون في هذه الحالة أي شريحة أو مكون مهما ادعوا , فالشرائح و المكونات التي يتشكل منها المجتمع العراقي , هي اكبر من أن يدعي الانتماء إليها أو يمثلها فاسد , - هذا ما فهمته ضمناً و أرجو أن لا أكون مخطئاً - .
أشارة في غاية الأهمية وضعتنا أمام سؤال أخر.
أين ينبغي أن يقف من يحب شعبه ووطنه ويحترم انتماءه ويقدس هويته من كل هذا الذي يحدث و يتكرر مأساة على مسرح العملية السياسية... هل أن نقطة الحياد بين العراق والتدخلات المدمرة لأنظمة الجوار , أو بين نهج الإصلاح و البناء و عقائد الهدم و الخراب و كذلك بين لإرهاب و ضحاياه , تشرف من يقف عندها متفرجاً سلبياً ...؟
على هذا السؤال أجاب الكاتب القدير الدكتور عبد الخالق حسين في مقالته بتاريخ 26\12\20011 تحت عنوان "هل يجوز الحياد بين الإرهاب و ضحاياه" حيث أشار إلى جملة حقائق ووقائع معززة بالموضوعية الدالة ,أن الحياد بين العراق وقوى الإرهاب و الردة , لا يدل على موقف سوي بقدر ما هو عوق نفسي و أخلاقي وسياسي واجتماعي , انه حالة ترقب سلبي شاذة بين وطن مظلوم مفروضاً أن يكون الولاء إليه أصيلاً , و بين قوى شريرة معتدية تتدخل في شؤونه تنكيلاً بشعاً ,و مثل هذا المستحيل لا يمارسه إلا من كان معطوباً تالفاً من داخله .
هذا أيضاً ما يعنيه الدكتور عبد الخالق حسين, إني هنا استعين بثقتي و معرفتي بمواقفه الوطنية .
أسئلة كثيرة تنتظر الإجابات السليمة من اجل تقويم الحالة العراقية وردم الهوة المخيفة التي تفصل بين العراق و العملية السياسية .
نحن هنا ليس بصدد المصالحة أو التوافق بين الوطن والعملية السياسية , هكذا أمر ليس وارداً , إننا بصدد إصلاح وترشيد العملية السياسية وتحجيم أضرار سلبياتها لتصبح جديرة بوطن مثل العراق له ما يميزه تاريخياً و حضارياً وجغرافياً واجتماعياً واقتصادياً , عملية سياسية تعالج أمرها من داخلها عبر النقد والمصارحة ورغبة إصلاح ترافقها عملية استئصال جريئة لما تعلق بها من الأدواء القاتلة التي تسربت إليها من مستنقع الأوبئة الموروثة من مراحل التسلط البعثي .
أن عودة العملية السياسية إلى دائرة المصالح العليا للشعب و الوطن , هي في الأساس مهمة القوى الخيرة من داخل المجتمع العراقي ,و كذلك المخلصين من داخل العملية السياسية ذاتها , الأمر في هذه الحالة يتطلب صبر ووضوح رؤيا وثقة عالية بالنفس , و فوق ذلك كله , أمل كبير في المستقبل العراقي .
في اعتقادنا أن الشرائح و المكونات العراقية و مثلما هي اكبر من الزمر و الأفراد و كذلك العشائر و الأحزاب , و منها يتكون المجتمع العراقي , فالوطن ممثلاً للأرض و الإنسان يبقى هو الأكبر , وهوية الانتماء والولاء التي تلتقي عندها جميع الشرائح و المكونات .
أن الولاء للعراق , لا يتعارض و الانتماءات الفرعية و الروابط الاجتماعية الأخرى , بل يعززها كمنطلقات حضارية , فالعراق يعتز بمكوناته’ قوميات كانت أم طوائف ومذاهب و معتقدات , لكن ما يخشاه أن تصل حالات التطرف عند البعض إلى مخاطر الطائفية و العنصرية والعشائرية والحزبية الضيقة , و تنتهي بهم سادية الكراهية و الأحقاد و شهوة الثأر و الانتقام حد مواجهة الوطن و خيانته والاشتراك طرفاً بالعمليات الإرهابية و تسهيل الاختراقات الإقليمية سمسرة على حساب السيادة الوطنية و كرامة المجتمع و الدولة , إنهم أسرى منافعهم ومصالحهم العائلية والعشائرية والفئوية , وهم في الواقع غير مخلصين حتى في ولائهم للشرائح والمكونات التي يدعون الانتماء إليها وتمثيلها , مثل هؤلاء الذين يتكررون فضائح إرهاب و فساد’ حالهم حال الذي يطعم كلبه من لحم أمه , هكذا يتعاملون مع العراق , معذرة قد يكون الوصف بشعاً ’ لكن الموصوف أكثر بشاعة , وهنا يجب عدم الثقة بمثل هولا ء والتعامل معهم , بعكسه يجب تصفيرهم رحمة بعافية العراق و هيبته .

 

14 / 01 / 2012


 

 

free web counter