| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

الخميس 14/8/ 2008

 

مظلوميـات مشتركــة ... وجهـد ممـزق .

حسن حاتم المذكور

فـي لقـاء مـع قداسـة الكاردينـال عمانوئيل الثالث دلي قال : ان اهـل العراق مظلومين ويحتاجون الى التضامن فالكارثـة وقعت على الجميـع ... كذلك طالبنـا سماحـة السيـد علي السيستانـي : ان نتضامـن مـع بعضنـا " جميعكـم عراقيون ومظلوميتكـم واحـدة ووطنكـم وشعبكـم يحتاجكـم جميعـاً متضامنين " كان هـذا اثنـاء سفرنـا الى العراق وفـداً للتضامن مـع اشقاءنـا الكورد الفيليين ... فـي طريقنـا الى اربيـل واثنـاء استراحـة لنـا في مطعـم كان صاحبه مـن الأخـوة الشبك ’ رحب بنا ودعانـا ان نزورهـم الى ديارهـم وقراهـم لنتعرف عليهـم ’ وكرر " نحـن عراقيون واخوانكـم ونرحب بكـم " ’ فـي لقـاء مـع بعض الأخوة الأيزيديين عاتبونـا ايضـاً وطالبونـا ان نزورهـم حيث سكناهم واهلهم ومراجعهـم لنتعرف عليهـم ونطلـع على احوالهـم ومجازر الأبادة والأجتثاث التي تعرضوا ويتعرضون اليهـا ونشاركهـم احتفاليـة يـوم شهيـدهـم الذي سقط فـي المجزرة الرهيبـة في 14 / آب / 2008 واكدوا كذلك عراقيتهـم وانتماءهـم وشراكتهـم فـي الوطـن ’ وحـول مبـدأ وواجب التضامـن الأخـوي عاتبنـا اشقاءنـا التركمـان وكذلك الكلدواشوريين والصابئـة المندائيين وغيرهـم ’ كمـا عاتبنـا اهلنـا في الجنوب العراقي ودعونـا لزيارة مدنهـم وقراهـم حيث الفقر والجهـل والأمراض وغيرهـا مـن مظاهـر القـرون الوسطـى .

هكذا هـو العراق مظلومـاً مـن رأسـه حتـى اخمص قدمـه وجرحـه يمتـد مـن شمالـه حتـى جنوبـه ’ وشعوبـه ورغـم حجـم المآساة ’ تمارس غيبوبـة الوعي جلـداً وتعذيباً للذات .

تمامـاً كمـا قال رجلـي الدين الفاضلين : ان العراق مستباحـاً ومظلوميـة اهلـه مشتركـة وجلاديهـم لا يميزوا بيـن هـذا المكـون او ذاك .

نسمع احياناً صرخـة للكورد الفيليـة وبعيـدأ عنهـا استغاثـة للأيزيديين وابعـد منهـا للكلدواشوريين والصابئـة المندائيين والشبك وغيرهم ’ كـل يحمـل اسباب انفراديته وعزلته ثـم ضعفـه فـي مواجهة وحـدة الظلم والتنكيل .

اسأل احيانـاً : لماذا لا يتوحـد الجميع حول وحـدة مظلومياتهـم ليتضامنـوا مـع بعضهـم ... ؟ السؤال بأجوبتـه يجرنـي الى سؤال آخـر اكثر اهميـة واستثنائيـة ... لمـاذا لـم يتوحـد الكورد الفيليـة مثلاً حول وحـدة مظلوميتهـم ...؟ بعكسـه مع الأسف نرى هـذا التنظيـم يصـرخ هنـا وذاك التنظيم يستغيث هنـاك والثالث لا نعرف ايـن وتحت عبـاءة مـن ... ؟ وكذلك الكلدواشوريين تصرخ وتستغيث مظلوميتهـم بثلاثـة حناجـر او اكثـر وتتفرق بعـدّة اتجاهات بينمـا مظلوميتهـم لا تملك الا مصيراً واحـداً واتجاهـاً اوحـداً ’ والأمـر لـم يكن افضـل بالنسبـة للأشقـاء الأيزيديين وكذلك التركمـان ... واحيانـاً يهبط الأمـر في علاقات ممثليهـم مـع بعضهـم الى مستوى الأتهامات والتخوين والتنكيل وبأسم مـن يدعون تمثيلهـم ويضـع البعض منهـم مآساة ومصيـر شرائحهـم فـي بزارات المنافع والمكاسب السريعـة فئويـاً وشلليـاً وشخصيـاً ’ وتبلع سلبيـة تلك الأنانيـة حـد التضحيـة بحاضـر ومستقبل الشريحة وبأسم الحرص والدفاع عنهـا !!! بينما الأمـر في حقيقتـه حالـة تمزق واضعاف وتهميش يستغلـه الأخرون ارقاماً واصواتـاً انتخابيـة يحشون بهـا صناديقهـم ’ بعدهـا تستيقض الشريحـة متأخـرة على واقعهـا المآساوي وخسارة جهدها وصبرها وتشظي احلامها في مطبات الوعود والمجاملات والتسويف ورشوة المتصدرين واسكاتهم .

مظلومية الجميـع عراقيـة ولا يمكـن لهـا ان تتحلحـل وتحــل ثـم تحدث المعجزة بقدوم الفرج مشتركاً ان لـم يتوحد الجميع حول مصالحهم وحقوقهم فـي وطـن للجميع .. ان يتوحـد جميع الكورد الفيليـة حول خصوصيـة ومظلومية شريحتهـم وهكـذا يفعـل التركمان والأيزيديين والصابئـة المندائيين والكلدواشوريين وغيرهـم ’ ثـم يتوحـد الجميع عراقيـاً ’ حيث لا يمكـن لأية شريحـة ومهمـا كانت جهاديتهـا ونضالهـا ان تؤكـد ذاتهـا وتعالـج مآساتهـا وترفـع مظلوميتها وتحقق اهدافهـا وتسترجـع حقوقهـا خارج اطـار الجهـد الوطنـي المشترك ’ والأمـر لا يتعارض اطلاقاً مـع الأنتمـاء القومـي والطائفي والمذهبـي وكذلك الحزبي لهـذه الشريحـة وتلك الفئـة وذاك الفـرد او هـذا ’ كذلك لا يمكـن للقوميـة والطائفـة والمذهب والحزب ’ ان يكونـوا منصفين اذا مـا حاولوا ان يلغوا خصوصيـة الشرائـح التي تتكون منهـا تاريخيـاً او تؤجـل معالجـة ازمتهـا ورفـع مظلوميتهـا مـن اجـل العافيـة المتضخمــة لمصالحهـا .

فـي العراق الجديد مـن زاويتنـا ’ تتشكل افاق جديدة للتحرر والديمقراطيـة والسلم الأجتماعي والعدل وسيادة القانون والمساواة بين جميـع مكونات المجتمـع العراقي ... افاق حقوق الأنسان وتحرر المـرأة عبر التحولات الأيجابيـة في مجال الديموقراطيـة الوليـدة ’ حيث ليس هناك ثمـة ديمقراطيـة سليمـة ان لـم تضمـن حقوق الفـرد والمرأة والطفولة ’ انها العلاقة المتطورة انسانياً بيـن الأفراد وبينهم والمجتمع والمجتمع والدولـة ’ الديموقراطية والحريات العامة والحقوق والمساواة لهـا علاقة وثيقة بالعلم والتقنية فـي اطار الوعـي والمعرفـة والأبداع ’ وليس بأمكان القوميـة والطائفيـة والمذهبيـة والعشائرية القفـز بسهولـة على واقعهـا وتجاوز تلال التراكمات الماضويـة او اصلاح بصيرة اتلفهـا رمـد الظلاميـة لتصبـح مؤهلـة على رؤيـة التطورات والتحولات العملاقـة عالميـاً واقليميـاً ووطنيـاً ’ انهـا لديهـا شعوراً ووهـمـاً راسخـاً : لو انهـا حاولت الأنفتاح موضوعيـاً على محيطهـا الوطني والأقليمي والعالمي وجربت الخروج مـن شرنقتهـا التي تكون نسيجهـا مـن الثقافات والقيـم والعادات والقناعات التي كرست تهميش الأنسان والتنكر لدوره وفرضت رسوخهـا واستمراريتهـا عبـر العنف والدمـار والأساليب والممارسات السافلة ... لشعرت وكأنها خارج اطارالحقيقـة الوطنية المنفتحـة على مستقبلهـا ... مظلومـة مغـدورة وان الديمقراطيـة لا تحسـن مجاملتهـا والحريات لا تستسيـغ ظلام ماضويتهـا والوطـن يتنكـر لتاريـخ اجدادهـا فتوحات وتـوسع بحـد السيف ودفـع المعلقـات ولـم يحترم اطلالهـا الخالـدة ... والشعب يمارس الوعي والمعرفـة والأرادة الحـرة فـي تمزيق مـوروثاتهـا التي تكـون منهـا شـرف الأمـة وكرامتهـا وضميرهـا ومجدهـا ويحاول ان يلغـي تاريخهـا التليـد ليعيـد كتابتـه صحيحــاً .

اريـد هنـا التأكيد فقط ’ على ان الشعوب العراقيـة وجميع مكونات المجتمع ’ سوف لن تحقق خصوصيتهـا وترفـع مظلومياتهـا التاريخيـة عـن كاهـل حاضرهـا وضمـان مستقبل اجيالهـا ’ ان لـم تسارع الى تحقيق وحدتهـا مـن داخلهـا وتنفتح على وحـدة الأهداف والمصالح والمصير مـع غيرهـا داخـل اطار الوطـن المشترك استناداً على الوعي والمعرفة والعلم والأزدهـارفـي اطار الحريات الديموقراطيـة وتترك للعلاقات والروابط القوميـة والطائفية والمذهبيـة مرونتهـا وروحيتهـا ومثاليتهـا وعواطفهـا دون ان تخـلق منهـا جـداراً مـن التعصب والتطرف يبعدهـا عـن مشتركاتها الوطنية والأنسانية ويمزق ارادتها ويضعفهـا فـي مواجهاتهـا مـن اجـل استرجاع حقوقهـا وضمان سلامـة مستقبلهـا ’ فمظلوميـات العراقيين مشتركـة ومصادرهـا واسبابهـا واحـدة ربمـا تتخـذ واجهات قوميـة او دينيـة او طبقيـة لكن تبقـى المظالـم واحـدة والأنسان ضحيتهـا وهنـا يجب رفعهـا بجهــد واع مشترك .

13 / 08 / 2008


 

free web counter