| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسن حاتم المذكور

Smathcor@web.de

 

 

 

 

الأربعاء 11 / 10 / 2006

 

 

اهمية الأستقلاليــة لمنظمات المجتمع المدني ...

 

حسن حاتم المذكور

بداية ماذا تعني الأستقلالية في مجالات العمل المهني والنقابي ومجمل النشاط الوطني الديموقراطي .. هل يعني حقاً الوقوف على التل بعيداً عن مصير الوطن وهموم الناس ... ؟ او اللأابالية ازاء ما يعصف بالبلاد من كوارث ومصائب ومحن .. والترقب السلبي لما سوف يحدث من نتائج كارثية ... ؟ هكذا كما يعتقده البعض خطأ .
بالتأكيد ( لا ) .. ان مثل تلك المظاهر المخجلة والمشينة في اغلب جوانبها ليس لها ما يجمعها مع مبدأ النشاط المهني والوطني الديموقراطي المستقل .
الأستقلالية وبكل بساطة تعني تحرير الأرادة الجماهيرية من نفوذ السلطة السياسية ’ تدخلات اجهزتها ومؤسساتها ... تأثيراتها المادية والمعنوية .. شراك اعلامها المؤمم ... اضرار المحسوبية والمنسوبية ...الى جانب الأختراقات الأيديولوجية والمذهبية والتزمت النظري والبرنامجي المؤطر بضيق الأفق الحزبي والشللي .. وايضاً الرفض القاطع لحالات التحجم والذبول داخل ثكنات الوصاية المطلقة ثم التحجر كلافتات وواجهات دعائية وفي افضل حالاتها ’ كيانات سلبية لا وظيفة لها سوى الأستنفار اللاواعي لمناطحة مثيلاتها من واجهات الطرف المقابل .
الأستقلالية تعني كذلك ’ رفض الوساطة بين الناس والوطن وبين الفرد والمجتمع ’ وبين المبادرات الذاتية والأهداف المشتركة .. بين الوعي وارادة الأبداع .. بين التفكير السليم والممارسة الناجعة .. بين العمل المثمر واعادة تقييم المسار والنتائج .. انها الوقاية من اعراض عمى الطاعة والأنتظار السلبي لتلقي قوالب التوجيهات والتعليمات الجاهزة .. انها الحيويات الواعية والطاقات الخلاقة والأنجازات النقية في اجواء حرية الأخلاص للوطن والأيمان بالشعب والرغبة في ان تتوجه جميع الدوافع والقدرات والنوايا الحسنة للألتحام والتوحد والتجدد في احضان المجتمع .
تلك الحقائق لا تحتاج الى مجهر عقائدي للبحث عنها .. انها اكبر بكثير من حجم المذاهب والبرامج والأيديولوجيات والتحاصص وتقاسم الأسلاب والمنافع الفئوية والذاتية .. انها تصرخ وتتظلم وتستغيث وتدعو عبر الأنتكاسات والأنكسارات والمسلسل الدامي للهزائم .
احزاب الطوائف والأعراق والعشائر والأيديولوجيات والكيانات التي تشكلت على ارضية التوافقات والمحاصصات لاترغب ان ترى مثل تلك الحقائق وتستفاد من التجارب المريرة .. انها مصابة بالحول التاريخي وعطب الذاكرة ونوبات الأصرار الغبي على تكرار ممارسات وسلوكيات فقدت صلاحيتها نهائياً .. انها عاجزة عن فهم الواقع والتغييرات الجذرية التي طرأت على مجمل ظروف وحياة الأنسان العراقي ’ يقضته .. وعيه .. نظرته المستقبلية .. تعشقه للحريات الديموقراطية .. تعلقه في اسقلالية ارادته وقراره ورسم افاق مستقبله .
المؤسسة السياسية ’ طائفية .. عرقية .. مذهبية .. عقائدية ’ لم تستوعب بعد القيمة الأجتماعية لمنظمات المجتمع المدني المستقلة ’ والدور التاريخي الذي يمكن لها ان تلعبه على اصعدة الفكر والمعرفة والتحضر وتعزيز اواصر السلم الأجتماعي .
منظمات المجتمع المدني المستقلة : هي كالمرآة التي تستطيع عليها جميع اطراف المؤسسة السياسية ان ترى شكلها ... حجمها .. ايجابياتها ..سلبياتها ’ وبواسطتها فقط يمكن لها ان تشخص عيوبها وتصلح عاهاتها وتعدل اعوجاجها’ اما اذا كسرت تلك المرآة او لوثت وتشوهت ’ فستختلط الوجوه وتمتزج العورات وتختفي الفواصل بين ما هو جميل او قبيح’ وما هو ايجابي وسلبي ’ وتمرر الخيانات والأساءات ’ لهذا يجب على كل من يجد نفسه واثقاً من حسن طويته وصدق برامجه وادعاءاته ونواياه ’ ونظافة هويته الوطنية والأنسانية ’ ومستعداً لأستيعاب اهمية الممارسة الديموقراطية وتقبل الآخر واحترامه والأيمان بحقه ’ عليه ان يحافظ على تلك المرآة كاملة نظيفة بعيدة عن مصادر التلوث واغبرة الطائفية والعرقية والعشائرية واعراض الأختراقات المذهبية والأيديولوجية .
كثيراً من منظمات المجتمع المدني القائمة فعلاً او شكلاً ’ تكونت خطا وابتدأ نشاط بعضها كواجهات سياسية ومذهبية ودعائية لهذا الطرف او ذاك التكتل ’ بعضها مشدوداً الى وتد التمويل واخرى شكلتها عناصر مفطومة على الأرتزاق ’ مثل تلك المنظمات اصبحت لها تكلفتها على مستقبل منظمات المجتمع المدني ’ وعائقاً امام تحقيق اهدافها القريبة والبعيدة في مجالات النشاط الوطني الديموقراطي المستقل .
هناك من حاول ويحاول انجاز شيئاً نافعاً ’ لكن ظلت تنقصه اليقضة والحذر لتجنب اسباب الأنتكاسات والعثرات السابقة ’ فتعثر وانتكس وتراجع .. لكن هناك في الجانب الآخر وعلى نفس السياق محاولات جادة واعية تواكح الحصارات ومحاولات التهميش والأحتواء ’ تختصر المسافة بين واقع الجمود والتردي الراهن والأدوار المستقلة الرائدة في بناء منظمات المجتمع المدني .
لنأخذ مثلاً على صعيد جمهورية المانيا الأتحادية ’ هناك فعاليات ومبادرات وكيانات قائمة فعلاً ’ اختارت نهجها النقابي المهني والوطني الديموقراطي معتمدة على استقلالية ومشروعية واحقية نشاطها ’ وحققت على الواقع خطوات ثابتة وانجازات ناجحة مدعومة بقناعة اعضائها ومؤازريها .
في اللقاء التشاوري بتاريخ 10 / 09 / 2006 تم الحوار والتشاور الفعلي ’ وبموضوعية ورغبة ودوافع اخوية سليمة . خرج المجتمعون بأعلان لجنة تنسيق على عموم المانيا الأتحادية ’ وفي برلين وحدها عقد اجتماع لاحق تم فيه انتخاب لجنة تنسيق بين بعض المنظمات والشخصيات الوطنية المستقلة ’ وفي مدينة بون ينشط المركز العراقي الألماني الذي تشكل من عناصر تمتلك الخبرة والتجربة على صعيد العمل النقابي والمهني المؤطر بالأهداف الوطنية والديموقراطية ’ وهناك تجمع للآخوة في مدينة هامبورك ’ يعدون الآن الى الأجتماع التشاوري الموسع على عموم المانيا في بداية الأسبوع الأول من السنة القادمة ( 2007 ) ’ كذلك توجد تجمعات وشخصيات مستقلة تنشط في مدن المانية اخرى مثل مدينة دريزدن وهنوفر وشتوتكارت ومنشن وغيرها ’ بالتأكيد توجد مبادرات مماثلة على عموم ابناء الجالية العراقية خارج الوطن .
ان الأمر بمجمله يعبر عن ولادة حتمية لواقع جديد ’ يثبت اصالته عبر المبادرات والنشاطات المتواصلة وانبثاق الكيانات الرائدة ’ ولمثل ذلك الواقع توجد حاجة ماسة وضرورة تاريخية ’ وهنا يجب ان يقتنع الأخرين ’ بأن محاولات العودة الى مجمعات الأفكار والممارسات والسلوكيات الضارة اصبح امر ليس له ما يبرره ’ اضافة الى استحالته ’ لهذا يكون الزاماً على مؤسسات العملية السياسية وواجهاتها في العراق وخارجه ان تستوعب الدرس من جانبها ’ وتدعم بقوة ونزاهة منظمات المجتمع المدني وتضخ بين صفوفها الأيجابيين من عناصرها ومؤازريها الى جانب الحرص الشديد على استقلاليتها وسلامة نهجها وتماسك كياناتها مصحوباً بكل اشكال الدعم النزيه ومنه المعنوي بشكل خاص ’ وتحرص ايضاً وبمبدئية عالية على ان تكون منظمات المجتمع المدني المستقلة هي الأجواء الصحية التي يمكن ان تتنفس داخلها العافية جميع الأطراف والكيانات الوطنية المخلصة ’ وتجعل منها قوة مؤثرة ’ تراقب وتحاسب ويخشاها الجميع وعلى محكها يستطيع كل منها ان يمتحن صدقه واستقامته وقدرته وضعفه وثقته بنفسه .
منظمات المجتمع المدني وفي جميع الحالات ’ ثروة فكرية وسياسية ومعرفية وحضارية وطاقات خلاقة وابداع متجدد وثمرة للجميع ومن اجل الجميع ’ وسكة آمنة يسير عليها قطار الوطن والمجتمع نحو الأمن والأستقرار والأزدهار ومتانة وخلود السلم الأجتماعي .
هذا ما نأمله ... وسننتظره .. وليبقى الوطن هو الأكبر في عيون اهلــه .