|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء 31/7/ 2012                                 حسين فوزي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لســعة قلــم..

دكتاتوريون

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com

يشكل إعلان المهندس محمد الدراجي وزير الإعمار والإسكان عن مفردات راتبه خطوة في الطموح إلى الشفافية والنزاهة، بإطلاع الشعب على مورد عمله الرسمي.

وهي خطوة ينبغي أن "يعمدها" ليس الإعلان عن الحالة المالية لأي موظف عمومي كبير فقط، إنما الحرص على الابتعاد عن حالة تضارب المصالح، إذ لا يعقل أن يتولى شخص وظيفة عمومية ويحرص على إدارة مشاريعه الخاصة، أو أنه يتولى ممارسة نفوذه لتسهيل معاملات مشاريعه أو أولياء نعمته ممن اغدقوا العطاء له قبل توليه المسؤولية، وحرصه على شفاعة خدماته لهم لحصوله على الامتيازات ذاتها بعد انتهاء عمله الرسمي.

وبعد متابعة إستقصائية لحملات على بعض المسؤولين، ولست هنا بقصد الدفاع عن نزاهة أي مسؤول، تبين أن هجمات نائبة بعينها ونائب بشكل خاص على وزيري الخارجية والتجارة نتيجة أن الأولى كانت تريد "تعيينها" وهي نائبة بدرجة وظيفية حتى إن كانت "كاتبة" في وزارة الخارجية، وحبذا في احدى السفارات. أما النائب الذي طالب بـ"إستقالة وزير التجارة" وليس استجوابه، فانه تقدم بمشروعين، أحدهما اعتماد مطحنته لدى الوزارة، وعندما رفض طلبه لعدم تطابق المطحنة مع المواصفات المطلوبة، كرس موقعه النيابي للمطالبة بـ"إستقالة الوزير لعدم كفاءته في ضمان آلية لإستيراد مفردات البطاقة التموينية وتوزيعها"، وهي الآلية العرجاء منذ سنوات، لكن عدم اعتماد مطحنته أيقظ اهتمامه بحقوق الفقراء في الحصة التموينية كاملة.

وإلى هنا والأمور تهون، لكن المعلومات تبين أن مسؤولاً كبيراً لديه مزارع مشهورة في الخالص يضغط على وزارة التجارة لشراء محصول حنطته "أخضراً"، وهي حالة كانت موجودة سابقاً لسرقة حقوق المزارعين الفقراء، لكن المسؤول الأكبر من وزير يصر على شراء محصوله وهو في الحقل بالأسعار المعلنة للوزارة باعتباره من الدرجة الأولى بدون اجراء فحوصات مختبرية ايضاً.

إن هذه التصرفات تعكس نمطاً من الخلط بين مهام العمل الوظيفي العام والمصلحة الخاصة، وهي حالة مرفوضة في الأنظمة الديمقراطية، بل نحن لم نجد لها مثيلاً قبل تموز 58 في القشرة العليا للسلطة، برغم كل عيوب ذلك النظام، كما لم نعرفها في زمن الجمهورية الأولى بقيادة الشهيد الفريق الركن عبد الكريم قاسم، وحتى المشير عبد السلام عارف لم يتورط في أية محاباة لمحسوبين، لكنها أستشرت في ظل الحرب على إيران، وتفاقمت في غزو الكويت.

إن مثل هذه التصرفات تبين حقيقة معدن هؤلاء المسؤولين الذين يرفعون صوتهم عالياً ضد سلبيات الوضع الراهن، لكنهم ليسوا مثل المواطنين الطامحين في تصحيح المسيرة، إنما يريدون فرض مصالحهم الخاصة غير المشروعة في ممارسة "دكتاتورية" مخالفة لكل القوانين، مستفيدين من نفوذهم في بعض وسائل الإعلام وإمتلاكهم فضائية تحمل أسم روافد العراق، لكنها تريد تحويل العراق إلى "رافدين" في جيوب اصحابها.

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter