|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت 28/7/ 2012                                 حسين فوزي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

تعهدات ووعود

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com

من الجيد الإعلان عن خطط للإرتقاء بالإنتاج الزراعي، فنحن وادي االرافدين الأخصب في العالم نواجه مشاكل انتاج زراعي كبرى، بدأت عملياً مع سحق نظام الانتاج الزراعي القديم بعد  تموز 1958، ففائض الحبوب صار نقصاً متزايداً.

ليس هذا بقصد الدفاع عن علاقات الانتاج الزراعي قبل تموز 58، لكن "الطريق إلى جهنم ملئ بالنوايا والتعهدات الطيبة"، فليس المهم تهشيم علاقات الانتاج الأبوي شبه الإقطاعي التي سحقت الفلاحين، إنما تمكينهم من الإنتاج وتحقيق طفرة في مستواهم المعيشي، وهذا ليس مهمة سلطة تموز وحدها، إنما يشاركها الفلاح والمدافعين عن الشرائح المسحوقة. يؤكد الرئيس المصري د. محمد مرسي ان الإصلاح الزراعي في مصر وفر لعائلته فدانين من الأرض مكنته من الدراسة وتحقيق ما هو عليه. عندنا كان توزيع الأرض على الفلاحين بداية هجرة كبيرة من الأرض بحثاً عن "رفاهية" المدن، بعد إلغاء "القنانة" الخفية المقيدة للفلاحين بالأرض. فكان التدني المتواصل في المحاصيل حتى بارت الأرض و"سبخت"، ولم نشهد نهضة زراعية ملحوظة إلا في ظل الحصار المفروض علينا نتيجة مغامرة غزو الكويت، فالنظام عبأ  الكثير لزيادة الانتاج الزراعي لسد أفواه المواطنين برغيف تطحن فيه "عرانيص" الذرة والشعير، لمنع ثورة كانت استحقاقاتها صارخة، خنقتها قبضة القمع المنظم الذي لم يعرف مثيله منذ سقوط الرايخ الثالث.

اليوم تعلن وزارة الزراعة أن العراق سيصدر الحبوب الإستراتيجية بعد خمس سنوات وفقاً لخططها، وليس أمام المواطن سوى مباركة هذه الجهود ومساندتها بكل طاقته، لكن السؤال هل أن هذا التعهد موضوعي؟ هل يأخذ بالحسبان انحسار مناسيب مياه الأنهر القادمة للعراق، حيث باتت المزيد من السدود تحد من هذه المناسيب من تركيا وسوريا، أو تقطعها كلية من الكارون وغيره من المنابع الإيرانية؟ ثم هل يعقل إعلان الزراعة أنها رفعت مناسيب إنتاج الحنطة من الصفر إلى 58%؟!؟ كيف هذا؟ ماذا عن الانتاج الزراعي في ظل الحصار وحجم الانتاج المحلي الذي سد جزءاً كبيراً من الحاجة المحلية؟ إن مثل هذا الطرح غير الموضوعي يثير تساؤلات عن مدى جدية الاحصاءات ودقتها؟ يثير تساؤلات عن شطب حقائق نعرفها بغض النظر عن طبيعة النظام الشمولي المخلوع، لكنه سعى إلى زيادة الانتاج الزراعي المحلي بوسائل قسرية، ليس ضمن خطة وطنية شاملة، إنما محاولة للخروج من ورطته ؟

اخشى أن تكون وعود وزارة الزراعة مثل وعود وزارة الكهرباء التي حل علينا عام 2012 والهوة كبيرة بين الوعود والمتحقق، حتى باتت مدن الجنوب على شفير حراك خطير قد يصل من السلبية حد الإنفلات نتيجة حالة اليأس وفقدان الأمل في نفوس الفقراء؟

وما أكثر الوعود التي نسمع؟!؟

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter