|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد 1/7/ 2012                                 حسين فوزي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الوسطية أو الكارثة

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com

في يومين خطب رئيس مصر 4 مرات، في ساحة التحرير،  جارى المزاج الشعبي الأخواني حد اختزال التاريخ السياسي المصري بالأخوان المسلمين، دون محمد عبده وقاسم أمين والكواكبي، وحتى السيد جمال الدين الحسيني (الافغاني) والشيخ شلتوت وكثر غيرهم.

أما خطبتيه في المحكمة الدستوري وبعدها في العرض العسكري، ثم جامعة القاهرة، فأنها كانت أكثر اعتدالاً، حيث مال بوضوح لإسترضاء الجميع في معادلة صعبة، فأسترضاء الجميع قد يكون أصعب من المشي على حبل مشدود على أرتفاع شاهق.

لكن المهم أن د. مرسي القيادي في الأخوان بدا في حجم أكبر من أخوانه، فما يطرحه الأخوان فيه ملامح صدام، على الأقل بخصوص التركيز على القصاص وإعادة محاكمة النظام السابق، وليس المصالحة، فيما أكد الرئيس احترام الدستور (هنا الإعلان الدستوري وملحقه المرفوض اخوانياً) و بالقانون، مع أشارة غير واضحة بشأن مصير مجلس النواب الذي حلته المحكمة الدستورية، لكن الرئيس مرسي يحاول التمسك بنهج وسطي، معبراً عن الوعي بمكونات مصر دينياً، واسترضاء القوى المدنية بتأكيد "بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة"، شعار الأزهر للجمهورية الثانية.

لكن يبين التاريخ العربي والعالم "النامي" الهوة الساحقة بين الأقوال والأفعال، وتضارب إرادة الحاكم مع الدستور والقانون،  بالتالي فأن معيار المائة يوم الأميركي الذي قبل به الرئيس مرسي المؤشر على مدى انسجام اقواله وافعاله، واستقلاليته عن وصاية مرشد الأخوان، بالتالي ستكون الانعكاسات كبيرة على رغيف الخبز المتأثر بجذب الإستثمارت والسياحة والكفاءات، ومسك الوضع الأمني بالحرص على السلم الآهلي في تجسيد انه رئيس كل المصريين، الـ51% الذين صوتوا له والـ 48% لمنافسه باجراءات لا تقسر مواطنين إنما توافق إرادات في تشريعات تستوعب طموحات الجميع، قد يكون من أبسط معالمها انهاء الحشد غير المليوني في ساحة التحرير المطالب بإلغاء حكم القضاء بحل مجلس النواب، فالسابقة خطيرة إن أقدم الرئيس على كسر شوكة استقلالية القضاء.

الخلاصة مصر في مفترق طرق، وفي كل الأحوال توقعي تغلب الوسطية فمصر وسطية، كما أن الوضع في سورية متجه نحو حسم مصير التوريث، بالتالي فأن موجة الأعتدال التي قد لا تشمل ليبيا وسورية حالياً، قادمة، وما لم نعيد النظر في طريقة تعاملنا الوطني، ما لم ندرك قيمة فرصة المؤتمر الوطني، فأننا قد ننزلق نحو تداعيات تتخطى التجاذبات المتشنجة ومشروع الأستجواب والتطلع إلى سحب الثقة، إلى سحب البساط من تحت أقدام العملية السياسية وإلقاء الجميع في هوة ازمة تطرف كل الاحتمالات واردة فيها، والمؤكد من أبرز معالمها سيكون انفلات الوضع الأمني.

عسى أن يعي سياسيونا الوسطية التي كان عليها رسول الإسلام، وأفلح فيها كل السياسيين، وكيف خسر الأخرون ممن لم يعوا قيمة الوسطية أداة للبناء في تحشيد الجميع: طوائف وأديان وقوميات، نساء ورجالاً وشباناً؟!؟

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter