|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت 1/9/ 2012                                 حسين فوزي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

عصا طالباني

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com

تؤكد المعلومات الموثوقة أن الحالة الصحية للرئيس جلال طالباني، بعكس ما يروّج بعض المغرضين، على احسن حال، فهو يسير مسافة غير قصيرة يومياً لترويض ركبته، مستعيناً بعصا تسند جسماً مرشقاً.

وقد سعى الرئيس طالباني منذ فترة غير قصيرة، بل الأصح منذ إعلان نتائج انتخابات 2010 إلى صيغة تعاون وطني تضمن حقوق المكونات جميعاً، في حرص على عدم تهميش احد، منطلقاً من وعيه وتجربته النضالية من أن تهميش أي مكون يقود إلى "حتمية" متغيرات تعيد الحقوق لإصحابها، أو بداية صراع جديد، وهو ما يسعى إلى تجنبه بوضع الجميع في "قطار" بناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية. لكن المؤسف هو أن مغريات السلطة وعدم الاتعاض بدروس العراق والبشرية قاد إلى اشكالات عديدة، تبلورت في أزمة نظام تعتم عليها مكابرة البعض أو جهلهم حد إنكارها. فيما تلعب المصالح الشخصية والطائفية والحزبية الضيقة والفساد، دورها في التأزيم، ويزيد إعلام غير متوازن باحث عن ترويج رخيص التأزيم والتوتر الإجتماعي.

وجاءت مبادرة طالباني إلى التهدئة واستكمال اتفاق أربيل ببنوده التسعة بحماية حقوق الجميع وفق ما نص عليه الدستور وإعادة ما سلب، المنطلق الصحيح العريض لحل الأزمة، من منطلق الحرص  على عدم  تهميش اي طرف معني بالدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية، الذي اسفر عن حراك مطلع 2011 القابل للتكرار ما لم تعالج اسبابه.

صحيح أن عصا طالباني ليست عصا موسى، لكن العقل الذي يحركها يخاطب العقلاء باسلوب يتسم بقدر نادر من الموضوعية، وقدرة اقناع تساندها استنتاجات فترة غيابه للعلاج، التي اكدت ضرورة نهج معتدل يضمن "فوز" الجميع وليس سلب طرف النجاح على حساب الأخرين وتطلعاتهم المشروعة، تماماً كما كان اتفاق اربيل الأول، الذي شارك في صياغته بفعالية طالباني مع بارزاني، ليصبح ركيزة متينة لمواصلة بناء دولة اكثر عدالة.

وفي هذا السياق تبدو تحركات مسؤولة، منها النشاط المتواصل الذي دأب عليه رئيس مجلس النواب السيد اسامة النجيفي في العمل على التقريب بين "مراكز" الخلاف، منها لقاءاه مع السيدين رئيسي الوزراء والإقليم المالكي وبارزاني، وهو جهد مسؤول لرجل دولة ضمن المسار العام الذي سعى طالباني لـ "لم" شمل الجميع في نطاقه.

إن عودة طالباني متوكئاً على عصاه وبترشق ملحوظ، في اجواء جهود بناءة يبذلها النجيفي وبقية من يعملون فيما وراء الأضواء، يمكن له تمكين منهج طالباني الرحب الودود من تعزيز القناعات بضرورة توفير كل ما يعزز الثقة بتشريعات تكفل حقوق كل المواطنين في كل ارجاء الوطن اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً. وهو منهج يحتاج أولاً وقبل كل شيء الولاء للوطن والإيمان بحقوق الإنسان ضمنها القوميات، "العصا" الركيزة للمعاصرة.

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter