|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت 11/8/ 2012                                 حسين فوزي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

التوازن

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com

قال خبير دستوري إن منح رئيس الجمهورية بالتشاور مع رئيس الوزراء حق حل مجلس النواب ينبغي أن يوازنه حل مجلس النواب في اقصاء رئيسي الجمهورية والوزراء، لأن مثل هذا شرط من شروط الفقه الدستوري: التوازن، وهذا ما كان في المادتين: 61 سادساً وثامناً ب 1و2والمادة 64أولاً.
وفي مشروع قانون المحكمة الاتحادية المقدم إلى مجلس النواب هناك توازن في المادة 14 ثالثاً ورابعاً فيما يتعلق بتشريع أي قانون مخالف للشريعة الإسلامية أو المبادئ الديمقراطية اللتين نص عليهما الدستور في مادته الثانية، أولاً المتضمنة الفقرتين "أ"و"ب" و"ج"، التي تنص "لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الإسلام(أ)، و"لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية"(ب)، و" لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق الأساسية الواردة في هذا الدستور"(ج). فيما نصت الفقرة ثانياً على "الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب، وضمان كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد."
وكما يتبين فأن التوازن الذي احتواه مشروع القانون يتناغم مع توازن الدستور ومبادئه الأساسية في ضمان حرية معتقد "جميع الأفراد"، وهي ضمانة يصعب تطبيقها ما لم يتم الحفاظ على التوازن الوارد في المادة 14 بفقراتها ثالثاً ورابعاً، من حيث أن موافقة خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون شرطان متوازنان لضمان كفتي الحفاظ على هوية غالبية الشعب العراقي كذلك الحريات والمعتقدات الواردة بالدستور.
إن أية محاولة لإجراء تعديل على المادة 14 يعطي طرف خبراء دون الطرف الآخر حق النقض يعني خللاً ليس فقط في توازن القانون، إنما هو يتجاهل الضمانات الدستورية المتوازنة المنصوص عليها في فقرات المادة الثانية، أولاً وثانياً، إضافة إلى إثارة ضجة نحن في غنى عنها، على الأقل في تجنب ما يحلو للبعض بدمغنا بـ"التبعية" لنظام ولاية الفقيه، وعد عدم توازن قانون المحكمة الاتحادية مقتبساً من "هيئة تشخيص مصلحة النظام" الإيرانية، التي اعترض على بعض اجراءاتها رئيسها هاشمي رفسنجاني.
إن تمرير التعديل المقترح من بعض الأحزاب الدينية لا يعني مجرد بند قانوني إنما هو نهج فكري وموقف اجتماعي يتعارض مع القيم الدستورية حد الغائه الطابع المدني للدولة العراقية الذي نص عليه الدستور.
إن العراقيين الذين تستنزف دماءهم في القتل التكفيري، بحاجة اليوم اكثر إلى رص الصفوف التي يحققها إرساء الدستور على قاعدته القانونية، وليس بقاء بنوده معلقة في الهواء تردد فقط.
إن التشدد في المعتقدات وفرضها على الأخرين، من خلال منح طرف دون بقية العراقيين حق النقض، يقوض حرية الآخر الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية، لذلك فأن الكتل السياسية التي اصرت على منح فقهائها حق النقض مطالبة بالتراجع عن موقفها، لأنه لا يستقيم مع الدولة المدنية الديمقراطية، كما أنه قبل هذا لا ينسجم مع روح العصر التي "خلعت" النظام السابق ولو بعد حين.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter