| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. حميد البصري

 

 

 

الثلاثاء 8 / 10 / 2013

 

دور الموسيقى في ثقافة التنوير والتسامح
(1-3)

د. حميد البصري

بمناسبة انعقاد المؤتمر الثقافي الدولي لمنظمات المجتمع المدني الذي/ يقام تحت شعار (المجتمع المدني تجسيد لحقوق المواطنة وقبول الاختلاف والتنوع والتسامح) في يوم الثلاثاء الموافق 8/10/2013 ، وقد كنت مدعوا ً لكن للاسف الشديد ، عدم ارسال تذكرة السفر حال دون مشاركتي .

وبالمناسبة ، انشر هذا الموضوع الذي ارسلته للمؤتمر .

دور الموسيقى في ثقافة التنوير والتسامح

في البدء ، لابد لنا ان نعرّج بشكل مركز على مفهوم مصطلح التنوير وفكرة التسامح .

1 - تنوير : مصطلح يشير الى نشوء حركة ثقافية تاريخية ، قامت للدفاع عن العقلانية ومبادئها لتأسيس النظام الشرعي للاخلاق والمعرفة .

والتنوير ، حركة فكرية ظهرت خلال مرحلة مهمة من تاريخ اوربا الحديث في القرنين 18 و19 ـ قام بها الفلاسفة والعلماء الذين نادوا بالعقل وقدرته على فهم العالم وقوانين حركته .

وقد ظهر مصطلح التنوير عام 1780 م عندما كتب ( كانط ) مؤلفاته الكبرى . إن دلالته العامة ، الذي تشترك في فهمه كل الفلسفات والمناهج ، مضمونها تحرير عقل الانسان من القيود التي تعوق فعاليته كوسيلة للمعرفة ( كأنماط التفكير الخرافي والاسطوري ) ، وهو أحد شروط نقل أي مجتمع من التخلف الحضاري الى التقدم الحضاري .

اما دلالته المنفردة ، فهي المعنى الذي تفهمه فلسفة أو منهج معرفة معينين من مصطلح تنوير ، ومثالها المفهوم الليبرالي للتنوير ، المفهوم الماركسي للتنوير والمفهوم الهيجلي للتنوير . وطبقا ً لهذا التعدد الدلالي لمفهوم التنوير نخلص الى تعدد أنماط التنوير . وهنا يجب التمييز بين مصطلح العقلانية ذو الدلالة المعرفية ، أي الذي يشير الى العقل كنشاط معرفي أو وسيلة للمعرفة ، والتنوير الذي يحمل دلالة أكثر شمولا ، أي الذي يشير الى دلالات معرفية وثقافية واجتماعية وحضارية متفاعلة .

2 – التسامح : يقول الدكتور عبدالحسين شعبان ، الاكاديمي والمفكر العراقي :

" بدأت فكرة التسامح عندما كتب ( جون لوك ) رسالته عام 1689 م ثم (فولتير) عام 1763 ، حيث اصدر كتابا ً دعا فيه الى أخلاقية التسامح الديني بين الشعوب والامم المتعايشة في الغرب . يضيف الدكتور شعبان :

" اننا لازلنا حديثي عهد بخصوص فكرة التسامح ، في ظل استشراء التعصب وتفشي التطرف وانتشار الغلو إزاء الآخر ( الغريب ) ، وكل غريب ( مريب ) سواء كان هذا الآخر بعيدا ً أو قريبا ً ، عدوا ً أو صديقا ً ، طالما هو مختلف عنا ، حتى وإن كان مشاركا ً لنا في العيش والحياة والمصير . لكنه قد يكون مختلفا ً في الدين أو العرق أو اللغة أو التاريخ ، حتى وإن كنا في وطن واحد . ولعل هذه النظرة الانغلاقية ، التي لا تقبل التنوع والتعددية ، انتشرت على نحو واسع خلال السنوات الثلاثين الاخيرة ، على الرغم من التطور النقيض لها على المستوى الكوني .

وإذا اردنا الحديث عن فكرة التسامح بمعناها المعاصر ، إذ مرت بمراحل مختلفة ، وجرى تأصيلها بتجاوز بعدها الديني والطائفي الى البعد الثقافي ، وصولا ً الى البعد الحقوقي والقانوني . بحيث لم تعد واجبا ً أخلاقيا ً وسلوكيا ً ، أو مبادئ ودعوات سياسية فحسب ، بل هي واجب قانوني للمشترك الانساني . ولابد من فهم الفكرة وحيثياتها القانونية وخلفياتها الفكرية ومرجعياتها النظرية .

بدأت ثقافة التسامح تنتشر شيئا ً فشيئا ً ، ويعزز رصيدها صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 م ، بعد صدور ميثاق الامم المتحدة عام 1945م ، ثم صدور اعلان اليونسكو بشأن التسامح عام 1995 م .

إننا بحاجة الى نشر وتعزيز قيم التسامح لتصبح ثقافة سائدة ، فلحد الآن ، لا تتوفر إرادة سياسية جماعية على مستوى الدولة للاعتراف بقيم ومبادئ التسامح ، ناهيكم عن احترامها والالتزام بها اجتماعيا ً وسياسيا ً وقانونيا ً من جانب المجتمع والفرد . ... ويمكن للاعلام أن يلعب دورا ً ايجابيا ً لبناء لبنات التسامح بصورة تراكمية وتدريجية وتطويرية وعلى مختلف الصعد كمسار طويل . ....

كيف السبيل لبناء وترسيخ ثقافة التسامح ، في ظل ما آلت اليه أوضاعنا من عنف وارهاب ؟ ولعل الامر يتطلب ظروفا ً موضوعية تحتاج الى :

اولا: بيئة سياسية ولا عنفية ، ينمو فيها ويزدهر الاعتراف بالآخر وحقه في العيش بسلام دون خوف ، وضمان حقوقه كاملة على اساس المساواة والمشترك الانساني ، وهذا يتطلب :

1 – وجود قوانين وانظمة تشريعية تعتمد مبدأ المواطنة الكاملة والمساواة التامة والحق في الاختلاف واقرار التنوع والتعددية .

2 – قضاء مستقل ونزيه لتطبيق القانون وحماية الحقوق والحريات .

3 – مناهج تربوية وتعليمية تقوم على المساواة وعدم التمييز .

4 – بيئة اعلامية تتيح حرية التعبير ونشر قيم التسامح والتعايش .

5 – بيئة اجتماعية ومجتمعية من خلال منظمات مستقلة للمجتمع المدني ، تسهم في تعزيز التعايش المشترك وتقوم برصد ورقابة الممارسات غير المتسامحة حكوميا ً ومجتمعيا ً ، وفهم فكرة التسامح ، وتنزيه مبادئها عن الفكرة الساذجة حول تعارضها مع مبادئ العدالة ، وتفريق فكرة التسامح عن الفكرة الدارجة حول العفو او تناسي ما حدث من ارتكابات او عدم المساءلة .

وفي سعينا لبناء مجتمع المعرفة ، الذي ينبذ كل أشكال العنف والطائفية ، لابد لنا من توجيه خطابنا الثقافي التنويري الى الفرد أولا ً ، لبناء عقله على أسس علمية وأخلاقية سليمة ، تبتعد به عن الكثير من الافكار والتقاليد الموروثة التي تعرقل حريته ، وتوصله الى القناعة بقبول التنوع والاختلاف مع الآخر ، والاقـتناع بمبدأ التسامح .

ولتحقيق التنمية العقلانية للفرد ، لابد لنا من الاهتمام به في كافة مراحل حياته دون استثناء ، والتركيز على مرحلة الطفولة بالخصوص .





 

 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس