| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حميد البصري

 

 

 

الأحد 4/5/ 2008

 

الفنانون ونهج الاحتواء‏

حميد البصري

ظهرت منذ زمن بعيد وبفترات مختلفة آراء ونظريات حول وظيفة الفن وأهدافه في الحياة . فقيل الفن للفن ، والفن في خدمة الشعب ، والفن في خدمة الطبقة العاملة ، والفن في خدمة الحزب ، والفن في خدمة العقيدة الدينية ، والفن في خدمة السلطة الحاكمة ..... الخ من الآراء التي دافع أصحابها عما يعتقدوه صحيحاً ، وواجه المبدعون منذ بزوغ فجر ابداعاتهم الى ضغوطات من مراكز القوى المختلفة في المجتمع لسلب حريتهم ودفعهم الى هذا النهج أو ذاك ، فانصاع أغلبهم الى ذلك ، مقتنعين بالنهج او مرغمين عليه .

فقد مارست القوى الدينية منذ القدم لاستخدام الفن في خدمة العقيدة الدينية فأدخلت الموسيقى والغناء ، بأشكال مختلفة ، في الطقوس الدينية .

ومارست السلطات الحاكمة بتوجيه الفن في خدمة ايديولوجية النظام وتوجهاته ، وكانت ممارسات النظام الدكتاتوري المقبور في العراق مثلاً واضحاً لذلك ، وقد شهدت الساحة الفنية العراقية منذ سبعينات القرن الماضي وحتى سقوط الصنم عام 2003 أمثلة كثيرة من الفنانين الذين اصبحوا بوقاً للنظام ، بعضهم كان عن قناعة ، والبعض الآخر بسبب الترهيب . كما امتلأت وسائل الاعلام العراقية ، في ذلك الوقت بالمئات ، بل الآلاف من الأغاني التي تمجّد الصنم وتدعو الى حروبه العبثية التي كلفت الشعب العراقي ملايين الشهداء والمعوقين .

واتخذت سلطة الطبقة العاملة في البلدان الاشتراكية نهجاً بدفع الفنانين الى حصر نتاجاتهم في خدمة الطبقة العاملة وقد اتجه بعض الفنانين ، عن قناعة ، الى توجيه نتاجاتهم في خدمة الحزب ، وبذلك ، اصبحت فائدة ابداعاتهم محصورة على مجموعة محددة من الشعب .

والغريب أن غالبية اصحاب النظريات آنفة الذكر يعتبرون الفنانين ، المقتنعين بنهجهم أوالمرغمين عليه ، ملكاً لهم ، يضفون عليهم صفات التبعية ويوهموهم بأنه لولاهم لما اشتهر الفنانون ، فهم الداعمون وهم الذين قدموهم الى الناس ، ولا يجوز الخروج عن طوعهم .... الخ متناسين أن المبدعين صنعوا أنفسهم قبل دخولهم تحت سقف هذا النهج أو ذاك ، فالفنان يشتهر بإبداعاته في المجتمع وليس عبر وسيط معين.

وعندما ظهرت نظرية الفن للفن ، واجهت انتقادات ومحاربة من قبل مؤيدي النظريات الأخرى متهمين أصحابها بشتى التهم كالإباحية وغيرها ، لكن هذه النظرية لاقت استحساناً لدى مختلف صنوف الفنانين والأدباء لأنها خلصت الفن والأدب من النفعية والغائية والتبعية ، وجردت الفن من أي ملابسات فكرية أو فلسفية أو دينية عدا الفن والجمال . ول( العقاد ) رأي يقول فيه : " ايقاظ الحس الجمالي في نفوس الناس يعني أداء دور اجتماعي مهم ، لأنه ، متى أيقظ فيهم هذا الحس فقد حملهم على نشدان حياة أفضل وأسمى .

إن لنظرية الفن للفن ايجابيات وسلبيات ، ويمكننا الأخذ بايجابياتها والابتعاد عن سلبياتها ، وبذلك تتحقق لنا الحرية التي سلبت في المناهج الأخرى بفعل الالتزام .

 

Counters

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس