| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حميد البصري

 

 

 

الثلاثاء 15/7/ 2008

 

في الذكرى الثالثة لرحيل الشيخ امام

حميد البصري

مرت قبل أيام الذكرى الثالثة لرحيل راثد الأغنية السياسية العربية وشيخها الشيخ امام . في البدء ، ليعذرني من لم ترد اسماؤهم في هذه المقالة بسبب جهلي بأخبارهم وليس تجاهلي اياهم . وقبل استعراض فرسان هذه الأغنية ، لابد من التوضيح بأن مفردة الأغنية السياسية انتشرت في النصف الثاني من القرن الماضي مرتبطة بالأغنية الرافضة ... الأغنية الملتزمة بالجماهير ... الأغنية التي تدعو الى التغيير ... الأغنية التقدمية ... ، رغم أن أية أغنية هي سياسية بامتياز لارتباطها بمفهوم معين من الحياة .

وإذا استعرضنا فرسان الأغنية السياسية ، نجد أن جلهم ينتمون الى الأفكار اليسارية أو يميلون اليها .

انتشرت فكرة الأغنية السياسية في الوطن العربي بشكل واسع مع شهرة المغني الشيلي ( فيكتور جارا ) خاصة بعد أن أقدمت السلطة الدكتاتورية في شيلي على قطع أصابع يده في احدى الساحات أمام الجماهير لكي لا يتمكن من العزف مما حدا بفكتور جارا الى الغناء بدون آلة موسيقية فرددت الجماهير معه أغنيته وطار عقل الجلادين من ذلك الموقف فقتلوا فكتور جارا .

كان ذلك الحادث – بتقديري – أحد الحوافز الذي أدى الى ظهور الأغنية السياسية على مستوى الوطن العربي .

ففي مصر ، بدأت أغاني الشيخ امام والشاعراحمد فؤاد نجم بالانتشار بشكل واسع اضافة الى فرقة ( أولاد الأرض ) في الاسكندرية ثم ( عدلي فخري ) و ( عزة ) و ( محمد حمام ) .

وفي المغرب ، اشتهرت أغاني فرقة ( جيل جيلالة ) و ( عشاق السلام ) .

في العراق ، بدأت الأغنية السياسية في سجون العهد الملكي ، ثم مع بداية ثورة تموز 1958 ، وزادت بعد انتكاسة هذه الثورة وسيطرة التيار القومي ، والبعثي بالذات ، على السلطة ، فكان للحزب الشيوعي العراقي أكثر من فرقة للأغنية السياسية حيث شاركت تلك الفرق والتي ضمت العديد من فرسان الأغنية السياسية في مهرجان الشباب العالمي في برلين عام 1973 ثم في مهرجان عروس البحر في بيروت بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني عام 1974 . ومن فناني الأغنية السياسية في العراق حميد البصري – شوقية العطار – جعفر حسن – طالب غالي - سامي كمال – كمال السيد – فؤاد سالم – طارق الشبلي . ومن الفرق ( جماعة تموز للأغنية الجديدة ) التي تحول اسمها بعدئذ الى ( فرقة الطريق ) و ( فرقة الشموع ) التي ضمت عددا من الطلبة العراقيين في موسكو .

في لبنان ، وبعد مهرجان عروس البحر ، ظهر ( مارسيل خليفة / فرقة الميادين ) و ( خالد الهبر ) .

في سوريا ، برز أخيراً ( سميح شقير ) بعد اختفاء فرقة الحزب الشيوعي السوري للأغنية السياسية .

انتشرت الأغنية السياسية بين الجماهير العربية بواسطة التسجيلات التي كانت تتداول سراً في أغلب الأحيان بسبب محاصرتها من قبل السلطات الرسمية ووسائل الاعلام في معظم البلدان العربية ومحاربتها بوسائل متعددة ، فحرّمت اذاعتها عبر وسائل الاعلام كما استخدمت اسلوب الترغيب والترهيب ضد فنانيها فابتعد بعضهم عن الأغنية السياسية بعد البدء بها وورّط آخر بسلوك غير مقبول – كشرب المخدرات وغيرها - .

وفي حالة الشيخ امام واحمد فؤاد نجم ، دق اسفين بينهما باسلوب معين ، فقد التقينا بالشيخ امام في اليمن دون احمد فؤاد نجم وكان مرافقه ومدير أعماله شخص قيل لنا بأنه من المخابرات .

أما في العراق ، فقد كانت السلطة الدكتاتورية آنذاك أكثر قسوة على الفنانين ودفعهم الى انتاج أغان تخدم توجهات السلطة ورئيسها المقبور ، فقتل الفنان ( صباح السهل ) وتحمس الآخرون تزلفاً أو خوفاً لإنتاج أغاني الحرب أو ما كانوا يسمونه أغاني التعبئة التي كانت تحمل مضامين تافهة تدعو للحرب وتمجد الرئيس ، بشكل موسيقي شعبي مقبول ومؤثر لارتباطه بمخزون وعي الجماهير .

في لقاء ، قبل ايام ، مع أحد المحللين باحدى الفضائيات ، سمعت ذلك المحلل يقول بأنه لا فائدة من الأغاني السياسية لأننا غنينا كثيراً لفلسطين ولم تحرر لحد الآن ، وهو كلام مرفوض برأيي ، فالأغنية السياسية ليست جيشاً ليحرر منطقة ما بل هي أغنية لها تأثير باتجاهين ، أولهما أنها أغنية توعية تؤثر بالناس وتكشف لهم الحقيقة ، والاتجاه الثاني هو انعكاس لأفكار المناضلين ونشرها بين الجماهير بشكل أوسع بكثير من الخطابات والمنشورات . وقد قال لي أحد المناضلين العراقيين الذين كانوا في سجون النظام الدكتاتوري بأنهم يسمعون أغاني فرقة الطريق مسرورين إذ كانت تعينهم على الصمود .

وإذا نظرنا الى واقع الأغنية السياسية اليوم ، نجدها ما زالت محاصرة في أغلب وسائل الاعلام مع الأغنية الجيدة أيضاً . وهذا الحصار الاعلامي مدروس ، فهو خوف من الأغنية السياسية من جانب ، ومحاصرة الأغنية الجيدة من جانب آخر لأسباب عديدة ومعروفة . فخلف هذا الحصار دول بكل امكاناتها المخابراتية الكبيرة . أما الأغنية الجيدة فحصارها من جانب واشاعة الأغاني المتدنية والهابطة من جانب آخر لتخريب ذوق الناس واسباب أخرى ، فخلفها مؤسسات كبيرة ذات رصيد مالي هائل أنتج عشرات الفضائيات التي نقلت نشاطات الملاهي والنوادي الليلية الى البيوت . لقد توقع الفنان الراحل ( محمد عبدالوهاب ) حين قال : " أصبحت الراقصات يغنين والمغنيات يرقصن " . هذا هو الواقع الآن ، فمن ينقذ الناس من هذا الانحدار الخلقي والفني في الموسيقى ؟ .



 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس