| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حميد البصري

 

 

 

الخميس 12/6/ 2008

 

لا تظلموا الأوبريت

حميد البصري

نسمع ونشاهد بين فترة وأخرى في وسائل الاعلام المرئية أعمالاً غنائية توصف بالأوبريت – عن عمد أو جهل - . ولإزالة هذا الالتباس اورد ما يلي :

تعرّف القواميس الموسيقية والمسرحية الأوبريت بأنه عمل مسرحي غنائي . والكلمة جاءت من الايطالية Operette ، وهي صيغة التصغير لكلمة ( اوبرا ) ، وتستخدم في كل اللغات كما هي .

ظهرت الأوبريت في القرن التاسع عشر كأحد الأشكال التي تطورت اليها الأوبرا المضحكة والفارس ( المهزلة ) والفودفيل ، ثم صارت نوعاً مستقلاً له طابع عاطفي وخفيف فرض نفسه بقوّة في الدن الأوربية . ورغم هذه الاستقلالية ، تتداخل الأوبريت في كثير من الأحيان مع الكوميديا الموسيقية ذات الأصول الانجليزية ، بحيث يصنف أحياناً العمل الواحد كأوبريت ، وتارة ككوميديا موسيقية ، وتارة أخرى كأوبرا بالاد .

تدل تسمية الأوبريت اليوم على نوع غنائي شعبي لا يخضع للقواعد الصارمة التي نجدها في الأوبرا ، وتستند الموسيقى فيه الى ألحان سهلة وسريعة الحفظ ، وهي تحتوي على حوار كلامي يطرح موقفاً درامياً فيه فكاهة .

ازدهرت الأوبريت منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى العشرينات من القرن العشرين ، واعتبرت من الأنواع الاستعراضية الناجحة التي تجد قبولاً من المتفرجين من مختلف الطبقات الاجتماعية .

في العالم العربي ، سمح الطابع الغنائي للمسرح في نشأته باستيعاب الأشكال والأنواع المسرحية الموسيقية والغنائية ومن ضمنها الأوبريت . فقد لاقت رواجاً كبيراً لدى الجمهور في مصر ، فأقبل عليها رجال المسرح في بداية القرن العشرين بعد أن اخفقوا في تقديم الأوبرا لعدم ارتباط الأوبريت بالقواعد الموسيقية الصارمة للأوبرا .

ففي عام 1919 ، وبعد أن قدمت " شركة ترقية التمثيل العربي " في مصر الأوبرا ، انصرفت عنها الى الأوبريت وحدت حدوها بقية الفرق ، فقدمت فرقة صدقي / الكسار سلسلة من أوبريتات مأخوذة في معظمها من نصوص فرنسية . وفي 1920 ، قدم نجيب الريحاني أوبريت " العشرة الطيبة " عن مسرحية " اللحية الزرقاء " الفرنسية والتي لحنها سيد درويش وأخرجها عزيز عيد . وفي عام 1921 ، قدم علي الكسار أوبريت " شهرزاد " ثم "الف ليلة وليلة " مع سيد درويش ، واستقت الأوبريت العربية من المؤلفات الأجنبية المعروفة ، عدا الحديثة منها مثل " هدية العمر " التي كتب قصتها احسان عبدالقدوس واعدّها درامياً يوسف السباعي والّف موسيقاها عبدالحليم نويرة ومحمد الموجي وشعبان ابو السعد واخرجها فتوح النشاطي عام 1966 .

في لبنان ، كانت تقاليد الزجل والشعر الشعبي العامي المدخل لتحقيق اسكتشات غنائية درامية تقترب كثيراً من الأوبريت والكوميديا الموسيقية ، قدمت في الاذاعة أولاً ثم في إطار مهرجانات بعلبك على شكل فواصل غنائية شعبية وفولكلورية قامت على نجومية بعض المغنين امثال فيروز وصباح ووديع الصافي ونصري شمس الدين . لكن الأعمال التي كتبها وقدمها الأخوين رحباني (عاصي ومنصور) كانت أكثر تكاملاً على الصعيد الدرامي .

ورغم صفة تلك الأعمال القريبة جداً من الأوبريت ، إلا أن الأخوين رحباني كانوا يتحفضون على تسميتها أوبريت ويطلقوا عليها مسرحيات غنائية . هذا شرح لمفهوم الأوبريت والذي نلاحظ التركيز على وجود الدراما في العمل خاصة .

إن ما نشاهده الآن هو وقوف مجموعة من المغنين صفاً واحداً على المسرح ، يتقدم احدهم الى مقدمة المسرح ليؤدي مقطعاً غنائياً يتراجع عند انتهائه الى الخلف ليتقدم آخر فيؤدي مقطعاً آخر .... وهكذا يستمر العمل ، الى نهايته . وفي أحسن الظروف ، يلقي أحدهم كلمات غير ملحنه أو يدخل عدد من الراقصين أمام المغنين ليؤدوا بعض الحركات التي لا علاقة لها بما يغنى .

هذا ما شاهدناه في أوبريت " الحلم العربي " وما يدور الآن حول انتاج أوبريت " الضمير العربي " وما شاهدناه في مهرجان المتنبي أو قبل ذلك وما سنشاهده مستقبلاً إذا أصرّ منتجوا هذه الأعمال على اطلاق اسم اوبريت على مثل أعمالهم تلك .

أتمنى أن لا تظلموا الأوبريت بتسميتكم أعمالكم لها والتي لا تمت بأي صلة للأوبريت ايها المنتجون .

 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس