| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. حسيى أبو السعود

aabbcde@msn.com

 

 

 

 

الخميس 24/8/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

عاشت الاسامي


د. حسين ابو سعود
aabbcde@msn.com

اذا اردنا ان نعرف اسم شخص ما نقول له بصيغة الاستفهام : الاسم الكريم ؟ فيقول احمد او محمد ويدعونا الادب ان نقول له : عاشت الاسامي ولكن ماذا نقول للرجل اذا قال بان اسمه : طاعون او حرب او فرعون ،فافضل عقلا ان نقول : ماتت الاسامي وبئس المصير.
وفي الاثر بان خير الاسماء ما حمد وعبد ويحرص الناس على اطلاق تسميات مقبولة على محلاتهم وشركاتهم ، و تحرص الحكومات على ان تكون للمدن والشوارع والمناطق اسماء ذات دلالات مناسبة على الاقل ، اذ لا يحق للدولة ان تطلق على مدينة ما اسم مدينة الموت مثلا او يسمى احدهم شركته بشركة الخاسرين لما للاسم من تاثير على المسمى، فالذين يريدون لابنائهم ان يكونوا شجعانا يسمونهم بـ حيدر واسد وعنتر ومن اراد ان يكون ابنه سخيا يسميه حاتما وليس حاتم الطائي واذكر بان احدهم تطرف كثيرا فسمى ابنه ( عمر بن عبد العزيز ) ليكون عادلا.
وفيما يخص التسمية فبعض الازواج يختارون اسماء اولادهم وبناتهم قبل الولادة بعد معرفة الجنس عن طريق الاشعة والبعض الاخر يختار اسماء لذريته قبل ان يتزوج والبعض يمضي الايام والليالي في التفكير دون ان يستقر على اسم يرضيه ويرضي باقي الاطراف ومع ذلك تراهم يقعون في المحذور خاصة ان بعض الاسماء تكون محببة في لغة وممجوجة في لغة اخرى ،واصرف النظر عن ذكر الامثلة لانها في الغالب تخدش الحياء العام .
وهناك اسماء تعرف منها جنسيات اصحابها فلا يمكن مثلا ان يكون مطشر الا عراقيا وشمندي الا مصريا وعبداللات الا اردنيا ، كما ان بعض الاسر الحاكمة تراوح في تسمية ابنائها وبناتها ضمن دائرة ضيقة من الاسماء، ويقال بان الحسين بن علي عليه السلام قد سمى اولاده كلهم عليا فهذا علي الاكبر وذاك الاوسط والاصغر وهكذا ، وانه سمى بناته كلهن بفاطمة فهذه فاطمة الكبرى وتلك الصغرى وهلم جرا .
وفي السابق كان الناس يعطون المولود بالاضافة الى اسمه الكريم اسما وكنية ولقبا وهو بعد رضيع ، والبعض كان يحصل على لقبه بعد البلوغ نسبة الى انجازاته مثل ابو العباس السفاح ومروان الحمار ومسيلمة الكذاب ، وعلى النقيض نرى اطلاق القاب حميدة على البعض الاخر مثل الصادق والامين والكاظم ، وقد ثبت ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد غيَر اسماء بعض الاشخاص، ومن هنا جاءت عمليات تغيير الاسماء في عهدنا الحاضر ، وان بعض الدول تجيز للانسان ان يغير اسمه فقط دون اسم ابيه وعائلته ، وذلك عبر اجراءات معقدة كالنشر في الصحف واللجوء الى المحاكم وغيرها ، في حين تعطي الدول الاوربية للانسان الحق في تغيير اسمه واسم عائلته ولكنها لا تسمح بتغيير تاريخ الميلاد منعا للتلاعب والاحتيالات ، ونحن في مجتمعاتنا مبتلين ببعض الاسماء غير المحببة ، يتمنى اصحابها تغييرها للتخلص من الاحراج الى الابد لولا صعوبة الاجراءات .
وجرت العادة في ايران وباكستان وافغانستان ان يتم تسمية الابناء باسماء مركبة منعا لسحر صاحبه من قبل الحساد والعذال لان السحر لو اصاب اسما فيخطئ الاخر ويقل الضرر تبعا لذلك ، وقد تعرض احد الاخوة الباكستانيين الى موقف لا يحسد عليه في مطار جدة الدولي عندما منعه موظف الجوازات من الدخول لان اسمه ينافي العقيدة الاسلامية وهو ( الله ديتا ) ولم يزل المسكين يعاني في المطار حتى تم اقناع الموظف بان هذا اسم مركب ومعناه عطية الله .
على اني رايت لدى غير العرب بعض الاسماء العربية الجميلة حقا و المستقاة من القران الكريم مثل : لنا وآتنا ولا ريب وغيرها ، وان كان هؤلاء لا يتوفقون دائما في اشتقاق الاسم الصحيح من المصحف ، وكان رجلا ينادى باسم (نكتل) قائلا بان والده اشتق هذا الاسم من القران وهو اسم اخ النبي يوسف كما في الاية الكريمة ( ارسل معنا اخانا نكتل).
واذكر ذات مرة ان جاءني مسلم هندي يستشيرني في تسمية مولودته الجديدة وقال بانه اختار اسم حمير وهو مستخرج من القران لانه يتناغم موسيقيا مع اسم ابنته الاخرى نمير ، فاخبرته بان حمير هو اسم جمع ومفرده حمار للذكر وحمارة للانثى وعندما عرف المعنى ولى مندهشا لا يلوي على شئ.
ومن المفارقات اللطيفة في اسماء النساء سؤالي لبائعة محل في لندن عن اسمها لولعي بمعرفة معاني الاسماء فقالت بان اسمها فاسية وهي كلمة عربية لا تعرف معناها فقلت لها ادعي ربك ان لا تكون الكلمة عربية حتى يتغير معناها ونصحتها بان تضع شدة على السين اذا هي ذهبت الى دولة عربية ليكون الاسم نسبة الى مدينة فاس المغربية وليس الى الفاس الذي وقع في الراس ، وعلى ذكر اسماء البنات سأل احد الحمقى فتاة عن اسمها قالت له : اسماء فقال : اها يعني مو اسم واحد .
لقد رأيت من الناس من يحرص على ان يكون اسم ابنه فريدا من نوعه لم يجعل له من قبل احد سميا ، ويذهب البعض الاخر الى تسمية ابناءه بأسماء تطلق على الجنسين مثل صفاء وسعاد وصباح وبعضهم يسمون الذكر باسم الانثى مثل وداد ونساء باسماء رجال ورجال باسماء حيوانات ونباتات وظواهر طبيعية ولله في خلقه شؤون ، فيما يحرص علماء الدين على عدم تسمية ابنائهم بأسماء خفيفة الظل اذ لا نجد بين ابنائهم من هو سمير او انيس او زمعة ، والظريف ان بعض الدول في العالم النايم تتدخل في وضع الاسم بأعطاء صلاحيات للمسجل لمنع تسجيل بعض الاسماء لاعتبارات طائفية او اخلاقية او ما يتعلق بالذوق العام .
وينتابني العجب من بعض الارجوزات لفرسان العرب الذي يثبتون حق التسمية للام ، حيث جرت العادة عند الحروب ان المقاتل عندما يخرج للبراز يرتجز ببعض الابيات وكان اشجع العرب علي ابن ابي طالب يفتخر عندما يرتجز ويقول: انا الذي سمتني امي حيدرة، او كما قال الامام الحسين عليه السلام للحر بن يزيد الرياحي : ما اخطأت امك عندما سمتك حرا ، ويبدو ان العرب كانوا يعطون للام حق التسمية تكريما لها ومكافاة لتحملها مشاق الحمل والوضع والتربية .
وعليه فانه ينبغي على كل معقد من اسمه ان يتفاءل خيرا ولا يلوم والديه والبدء بمعاملات تغيير اسمه ويرتجز مثل الفرسان ويقول : ايها الناس انسوني وانسوا اسمي وعنواني ... وعاشت الاسامي.