كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

الأربعاء 25/7/ 2012

مات جودي العطار مات صديق الفقراء حمودي عبد محسن ثلاثون يوما مرت على وفاة جودي العطار في غرفته البسيطة المتواضعة في حي البتاويين التي اتخذ منها ملاذه الأخير في سيرة حياة مليئة بالنضال الصعب سواء كان ذلك في بلدان المنافي أو في سجون الدكتاتورية المقبورة ، وهو حتى يومه الأخير كان يتواصل مع الناس ومعاناتهم ، فلم يستطع أن يكون بعيدا عن أسى العراقيين الذي حمل قضيتهم في كل تجوالهم كأن ألمهم ألمه ، وهو يتحدى الظلم دائما ، فكان عنيدا جريئا لا يهادن الظالمين ، ولم يتردد أن يقول كلمته إزاء ما يتعارض مع مبادئه وأخلاقه ومشاعره ، فعاطفته الجياشة إزاء محبته للكادحين والفقراء لم تفارقه طوال حياته ، فعاش زاهدا مقتنعا بقوته اليومي ، لذلك لم يدخر شيئا لنفسه أو بالأحرى لم يعرف كيف يدخر وهناك محتاجين ، فمات وهو راضي كل الرضا عن نفسه ، مات جودي دون أن يكون خارج دائرة الناس الذين أحبوه وأحبهم من الفقراء والكادحين ، وهذا ليس شيئا اعتباطيا ، فهو ابن عائلة كادحة مناضلة وهبت حياتها لتنير الطريق للآخرين ، وقد عرفت بانتمائها الوطني التقدمي ، فوالدته النبيلة الكريمة المتلفعة بعباءة سوداء كانت تقارع الظلم ، وتنقل تحت عباءتها بريد المناضلين سواء في حر الصيف اللاهب أو الشتاء البارد ، ولم يدخر والده الأبي شجاعته إلا أن تكون جزءا من حياة نضالية طويلة توجت باستشهاده من أجل وطن حر وشعب سعيد ، فمن هذا الانتماء النزيه الصادق خرج جودي العطار ، وترعرع في روح المقاومة للظلم والظالمين ، وكم عانى في سنواته الأخيرة وهو يشهد الخراب الذي حل بوطنه العزيز سواء كان على أيدي لصوص الاحتلال أو المجرمين القتلة الذين ضحيتهم أبرياء بسياراتهم المفخخة أو مسدسات كواتم الصوت ، إذ كانت مشاهد الموت ترهق جودي العطار ، وتعذبه خاصة وهي تطال الكادحين والفقراء والأبرياء . أجل ، مات جودي العطار بتاريخ 25 / 6 / 2012 وهو يحتفظ بطبعه العراقي الأصيل ، وقد قام بمراسيم الدفن أخوه الأكبر أموري ليوارى جثمانه بمقبرة النجف في وادي السلام ، ولا يسعني إلا أن أردد خاتمة كلماتي التوديعية بما قاله شاعرنا الكبير علي الشرقي وهو يصف وادي السلام : سل الحجر الصوان والأثر العادي خليلي كم جيل قد احتضن الوادي فيا صيحة الأجيال فيه إذا دعت ملايين آباء ملايين أولاد 25 / 7 / 2012