| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حمودي عبد محسن

 

 

 

الأثنين 10/3/ 2008



مذكرات نصير

حمودي عبد محسن

لقد ابتدأت مذكرات نصير لفيصل عبد السادة الفؤادي من البؤرة الثورية التي تختلف عن مثيلتها في أمريكا اللاتينية في التحرر من الدكتاتورية ، فقد كانت نواتها الأساسية من الأنصار الوافدين من الداخل والخارج ، ليتحملوا وطأة وجودهم في بناء المقرات ، وتوسيعها ، بغية تهيئة الأجواء النضالية للملتحقين بهم ، كان ذلك عام 1978، عام تعرضت البلاد إلى أبشع مطاردة للمناؤيين لسلطة الدكتاتور التي شنت حملة اعتقالات واسعة ضد الشيوعيين ، والقتل ، والتشريد ، كان ذلك جبريا من طبيعة الصراع بين قوى التقدم ، وقوى الدكتاتورية ، ولا يوجد هناك حل آخر سوى ممارسة الكفاح الثوري ، بعد أن رسخت الدكتاتورية مؤسساتها القمعية ، ودخل الوطن في مرحلة جديدة لطبيعة النظام ، وأرست العنف والإرهاب ، واستحوذت على كل أجهزة الدولة رافقتها تصفيات للوطنيين الأحرار ، تلك التجربة أضفت إلى هذه البؤرة الثورية الحماس ، والتفاؤل في توسيع مدارها لتكون حركة جماهيرية تعتمد الكفاح المسلح كشكل رئيسي من نضالها ، فمذكرات نصير تدور في مدار شخصية عامل أتى من العاصمة بغداد ليلتقي كوادر في الحزب الشيوعي من مختلف القوميات العراقية ، وهم في زهرة شبابهم متفانين للقضية التي آمنوا بها ، وهي إسقاط الدكتاتورية ، واقامة نظام ديمقراطي ، واعطاء الحقوق المشروعة للشعب الكردي ، حاول الكاتب أن يبرز أبسط الأشياء في الحياة اليومية له ، والتي تتطلبها ظروف النضال الصعبة ، وهو يتشعب بها ، ويخوض في تفاصيلها ، أعتقد أنها مهمة بالنسبة للقارئ الذي لم يخض تلك التجربة ، ولهذا يمكننا أن نطلق على الكتاب ، كوثيقة يعتمدها ، وكمصدر يمكن الرجوع إليه في حقبة نضالية من حياة السياسة العراقية ، فالتفاصيل اليومية مشبعة بالمعرفة ، وتعطي الفهم ، والتفسير لما جرى لهؤلاء الشبان الشجعان ، وهم يبنون كل شئ ، ويهيئون كل شئ لنزول مفارز قتالية ، إذ تبدأ بالمواجهة الحقيقية مع جيش الدكتاتور ، ونشر الفكر الثوري لدى الجماهير الفلاحية ، التي راحت تستقبل المفارز بقراها ، ودعمها ، الكتاب يعطي تلك الأهمية للنصيرة المقاتلة التي شاركت في العمليات العسكرية ، والتي ساهمت بنمو الحركة وتطورها ، إذ زادت المفارز القتالية ، وبنيت مقرات في عمق الداخل ، التي كانت لها الأهمية بذات الصلة بالجماهير الفلاحية ، وتحسس معاناتهم ، وآلامهم ، وعاداتهم ، وتقاليدهم ، حيث بدأ البعض يتقن اللغة الكردية ، ويجيد التفاهم مع الفلاحين ، بالرغم من أن الكثير من شعب كردستان يجيد اللغة العربية ، هنا أعطى الكتاب بين سطوره إلى ارتباط الحركة المسلحة بالجماهير ، التي لولاها لفشلت الحركة في طورها الأول ، أخذت تمتد إلى القرى نفسها عندما التحقوا بها أهل المنطقة ، باعتبار الطريق الأمثل للنضال ، هذا ويبقى الكتاب يجسد ذلك التعايش بألفة في المقرات كقاعدة لانطلاق المفارز في عمق الداخل في كردستان ، فهو مسؤول إداري ، ثم مسؤول عن مشجب السلاح ، كل له مهمته حسب ما يتطلبه الوضع العام في المقرات التي كانت قيادة القاطع تتمركز فيها ، فكانت أعباء كثيرة على العاملين في المقرات ، وعندما انتشرت المفارز في عموم قاطع بهدنان ، وجدت ضرورة لبناء مقرات الفوج الأول في مراني ، والفوج الثالث قرب بامرني ، إن الكاتب جسّد وثيقة تاريخية يمكن الرجوع إليها ، بلغتها غير المثقلة ، خفيفة ، ذات تبيان واضح ، ومنهج في ترتيب الكتاب ، فأسماء الشهداء ، ونماذج لصور البيشمركة ، إن يتبادر للذهن أن يحفز نجاح هذا الكتاب على الاستمرار في الكتابة عن الأنصار ، لأنها تجربة غنية ، كانت تكبو ، وتنهض ، حتى بالغت الدكتاتورية الوحشية باستخدام القنابل والصواريخ الكيمياوية ضد مقرات قاطع بهدنان ، كما ورد في الكتاب بالتفاصيل ، أنني أشيد بالكتابة عن حياة البيشمركة التي لم تخرج سوى كتب قليلة لا تستوفي ثراء التجربة رغم النواقص العديدة فيها ، هذه الوثيقة " مذكرات نصير " مقدمة لأشياء كثيرة في البال يراد تسجيلها مهما اختلفت أو اتفقت وجهات النظر …

10 \3\ 2008

 


 

Counters