| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

غسان حبيب الصفار

 

 

 

الأربعاء 27/1/ 2010

 

 بالله عليكم ..
لا تقطفوا .. زهور العراق

غسان حبيب الصفار

جمال الحدائق بزهورها .. والجنائن بأزهارها ورياحينها لتعكس البهاء وتنشر العبير الذي يبعث الراحة والسرور في كل النفوس , وهل في الدنيا كلها وفي البشر من لا يحب الزهور ويعشق الورود ويهوى عطرها وجمالها وشذاها ؟
وعراقنا الحبيب .. بلدنا الغالي وأرضنا المعطاء .. حديقتنا الكبيرة وجنتنا البديعة وزهورها وورودها هم أبناء شعبنا المسيحي بكل قومياتهم من كلدان وسريان وآشوريون وأرمن والذين سكنوا هذه البلاد وعاشوا على هذه الأرض منذ آلاف السنين , وكان لهم الفضل الأكبر في أنشاء أقدم حضارات العالم كسومر وبابل وآشور وأكد .. وهم سكان البلاد الأصليين بكل الدلائل والقرائن التاريخية التي لا تقبل الشك , والتي ما زالت آثار حضاراتهم باقية الى يومنا هذا شاهدا ًعلى أنجازاتهم وما قدموه للبشرية في كل المجالات .

وخلال كل مراحل التاريخ التي مرت على بلدنا ( العراق ) عانى أبناء شعبنا الغزوات والأجتياحات ودافعوا عن أرضهم ضد الغزاة والطامعين بكل شجاعة وبسالة .. والشواهد على ذلك كثيرة وعديدة , وقدموا التضحيات الجسام وقاوموا الانظمة الدكتاتورية التي توالت على العراق من أجل نيل حقوقهم في الحرية والكرامة حالهم حال باقي أخوانهم وأبناء وطنهم الذين رفضوا الظلم والأستبداد بأشكاله .

وبعد سقوط النظام السابق عام 2003 وتصاعد موجة العنف الطائفية والتي بلغت حدا ً يهدد مستقبل البلد ككل عانت الأقليات ومنها أبناء شعبنا المسيحي من كل أشكال العنف كالقتل والخطف والتهجير والتهميش ولا لشيء ألا لانهم اناس مسالمون .. طيبون خيرون ومحبون للحياة ومتفتحون ومثقفون وبكل معنى الكلمة , انهم حقا ً وحقيقة الزهور والورود التي تزين حديقة العراق وتعطيها رونقها وتنوعها الزاهي والجميل ..

تصوروا .. تخيلوا .. حديقة بلا زهور وجنينة بلا ورود أفهل ستكون حديقة ؟ وأن كانت .. فستكون جامدة وموحشة بلا روح .. وبلا فتنة أو جمال !
تخيلوا .. سماءً بلا نجوم .. وأقمار أفهل ستكون سماء ؟ وأن كانت .. فستكون كئيبة .. قاتمة .. داكنة تقبض النفوس .. وتثقل الصدور ..
تصوروا .. ربيعاً بلا خضرة .. بلا براعم .. بلا دفء وبلا عصافير ! أفهل سيكون ربيعاً ؟ وأن كان فسيكون شاحباً .. خالياً من أي بهجة أو حياة ..

واذ نقول هذا فأننا لا نبالغ في الكلام أبدا ً , فكم من كفاءات وكم من كبار الشخصيات وكم من مناصب ومستويات رفيعة شغلها أبناء شعبنا وفي كل المجالات سياسية وثقافية وعلمية ورياضية وفنية وكان لهم الدور البارز في الكثير منها .. وأبدعوا في مجالاتهم واختصاصاتهم والامثلة على ذلك كثيرة جداً وبالتالي .. كيف نتخيل العراق بدون المسيحيين ؟ وبالتالي نناشد الكل ونقول رفقاً ً.. رفقا ً ثم رفقا ً ..

بالله عليكم لا تقطفوا زهور العراق وتشوهوا منظر حديقتنا الجميل , لا تزرعوا الاشواك بحقدكم وغلكم اللامنتهي ! لا تزرعوا الطائفية المقيتة التي تدمر وتحطم كل القيم الانسانية وتمنع الأعتراف بالآخر وحقوقه وتهّمش الأقليات وتحرمها حق العيش على أرض الآباء والأجداد .. لا تقطفوا زهور العراق وتخنقوا الأبتسامة وتقتلوا الآمال لتزرعوا الحزن والاسى والتشرذم والضياع .. لا تقطفوا زهور العراق وتجعلوا حديقتنا موحشة ومقفرة لا حياة فيها, لا تقطفوا زهور العراق وتنشروا الحقد والكراهية.

لا تقطفوا زهور العراق وتزرعوا الشوك الخانق والجارح فشتان بين الورد والشوك وشتان بين الكره والمحبة .. وشتان بين الضغينة والتسامح .. وشتان بين الخير والشر ..
لا تقطفوا زهور العراق لا وألف لا .. فالمسيحيون هم فعلا ً الزهور والورود التي تزيّن حديقة العراق الزاهية والمتنوعة والبديعة .. هم الأصلاء وهم الأمناء وهم الاساس بشهادات التاريخ وعبر الأجيال وهم زينة وزخرفة الطيف العراقي البديع بكل قومياته ومذاهبه ..

فمن ذا الذي يقف وراء هذا ؟ من ذا الذي تسوّل له نفسه أن يعبث بزهور العراق ليقطفها ويسحقها ؟
بدل أن يرعاها ويحرسها لتشدو بالعبير والجمال ! من ذا الذي يطاوعه قلبه ويسمح له ضميره أن كان له ضمير بهكذا أفعال ؟ ألا أذا كان بلا قلب وبلا ضمير أو حس أنساني ..

بالله عليكم دعوا زهور العراق لتنمو وتتفتح وتنشر العبير وتبهج الناظر لتزدهي النفوس وتتصافى القلوب .. وتتعايش كل الأطياف في حديقتنا الرائعة ( العراق ) .




18 / 1 / 2010 / تركيا



 

free web counter