| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

غسان حبيب الصفار

 

 

                                                                                الجمعة 1/7/ 2011

 

 هاجر الأبناء .. وضاع أرث الآباء ..

غسان حبيب الصفار

أن ما حدث ويحدث في بلدنا الحبيب العراق من عدم أستقرار سياسي .. وانعدام أمن وأمان وانتشار ثقافة الكراهية نتيجة التعصب الطائفي والحزبي .. وعدم قبول الآخر والأعتراف به .. لهو أقسى ما يكون , خاصة لنا نحن أبناء الأقليات .. وبالأخص نحن المسيحيين رغم أننا الاصل والأساس في هذا البلد العريق منذ آلاف السنين , وكنا رواد أولى الحضارات وبشهادات التاريخ كافة .. فكيف لصاحب الدار أن يصبح ضيفا ؟ لا بل وضيفا غير مرحب به ! ومهدد ومهجر.. ألخ

وكيف للذي أسس وبنى وشرّع القوانين وزرع بذرة أقدم الحضارات في العالم أن يُنبذ ويُطرد من أرضه ووطنه ؟ وبكل وقاحة من قبل أناس هم أبعد ما يكون عن قيم الحضارة والتطور وأغرب ما يكون من بشر !

أناس لا يستحقون أن نطلق عليهم هذا الأسم .. لا يقبلون بالآخر ولا يتحملون وجوده لأنهم بعيدون كل البعد عن قيم الأنسانية , متقوقعون على أنفسهم وغير منفتحين على العالم وما وصلت إليه العلوم والتكنولوجيا وثقافة المجتمعات المتحضرة .. بقبولها للآخر ومشاركته العيش بكل رحابة صدر وبساطة متجاوزة كل الفروق .. قومية كانت أم دينية أم عرقية .. ألخ . وكيف أن هذه الشعوب تطورت وصنعت مستقبلها وأعطت لأفرادها الحرية وتقاسم الحقوق والواجبات وتعمل المستحيل من أجل أن تكون مجتمعاتها حضارية ومتماسكة ومتطورة الى أبعد الحدود والكل يخدم
الكل ويقبل به رغم كل الأختلافات .

وما يحدث في وطننا الحبيب العراق من محاربة للأقليات وتهجيرها ومحو هويتها وطمس ثقافاتها وبكل الأشكال البشعة وأجبارها على ما لا ترغب به ! سواء بالتهديد والوعيد أو القتل والخطف والتهجير الذي عانت منه كل الأقليات لأرضاء أهواء وأشباع رغبات لا تمت للأنسانية بأي صلة ، لمجرد أنها لا ترغب بالآخر ولا تطيق وجوده دون ذنب جناه !! لتطبيقها أفكار متشددة وظلامية وتحت العديد من المسميات .. رغم تعايش هذه الأقليات معا ً وبنسيج أجتماعي واحد .. أعطى لهذا البلد العريق تنوعه الثقافي وأرثه الحضاري العظيم من أقصاه الى أقصاه وفي كل مراحل تاريخه الممتد لسبعة آلاف عام وأكثر وبشهادات الشهود وأثباتات المؤرخين حول العالم .

هاهو الآن هذا النسيج الجميل والرائع يتمزق ويتشوّه .. ويضمحل شيئا فشيئا خاصة بعد الأحتلال الأمريكي غير المبرر والذي كان السبب الأكبر في كل الكوارث التي حلت وأصابت الكل دون أستثناء ! هاهي أطياف هذا النسيج وألوانه تبهت شيئا فشيئا لتفقد بريقها ورونقها .. نتيجة الهجرة والنزوح الذي طال الكل ودمر الكل ولا زال .. هاهو الطيف البديع والرائع يخلو من الألوان ويفتقر الى الجمال والسحر الذي كان في تماسكه وأمتزاج ألوانه ..

هاهو أرث الآباء يضيع بهجرة الأبناء ! هاهو ما بناه الأجداد يضيع في غفلات الزمن ..

هاهو أرث الآباء يصيح بالأبناء ليحفظوه ويكملوه ويضيفوا إليه ..

هاهو أرث الآباء ينادي الأبناء .. لكن دون جدوى !

هاهو أرث الآباء يندثر ويمحى .. ولا من يحرك ساكنا ً .. أو يقول كلمة أو يعارض ..

هاهو أرث الآباء يضيع بهجرة الأبناء !!

هجرة الأبناء .. ويا له من داء .

 

22 / 6 / 2011 / كندا

 

 

free web counter