| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فائز الحيدر

 

 

 

الأحد 10/1/ 2010

 

في ذكرى الشهيد صالح هليجي شفيف

فائز الحيدر

الكحلاء تلك الناحية الصغيرة الهادئة الصغيرة والواقعة على نهر الكحلاء ... في هذه الناحية الوديعة ولد الشهيد صالح هليجي شفيف في عام 1941 من عائلة مندائية مناضلة متواضعة رتبط معظم أفرادها بالنضال الوطني منذ الأربعينات من القرن الماضي بسبب العلاقات الأقطاعية الجائرة آنذاك .

كان الشهيد صالح متواضعا" ، هادئ الطباع محبوبا" لدى جميع من عرفه من الأقارب والمحيطين به . كان ووالديه وأخته أم جاسب التي تكبره بخمسة عشر عاما" هم كل العائلة الصغيرة المتواضعة ، كان والده هليجي شفيف كغيره من المندائيين في هذه الناحية الصغيرة قد أمتهن مهنة النجارة والحدادة وصناعة القوارب الخشبية التي تتطلبها المنطقة ، حيث ورث هذه المهنة عن العائلة ومنذ سنوات طويلة .

دخل الشهيد المدرسة الأبتدائية في الكحلاء وكله رغبة وأمل بمواصلة الدراسة للحصول على شهادة تلبي طموحه وتمكنه من العمل بها وتكفل له العيش مع عائلته البسيطة في المستقبل ، ولكن الظروف المعاشية الصعبة التي كانت تمر بها العائلة في ذلك الوقت أجبرته على قطع الدراسة بعد أكماله الصف الثالث المتوسط ليتحول الى أحد صنوف الجيش وليدرس الكهرباء كجندي مهني متطوع في القاعدة الجوية في كركوك ، حيث تخرج منها وعمل فيها حتى الأنقلاب الفاشي في شباط عام / 1963 حيث أعتقل وعذب بتهمة الأنتماء للحزب الشيوعي العراقي ، وفي عام / 1965 وهو في السجن وصلته أخبار وفاة والده ، وبقي الشهيد يصارع آلامه ويتابع ظروف العائلة الصعبة بعد هذه الخسارة حيث بقيت عائلته بلا معيل . وبقي في السجن لغاية عام / 1966 حيث أطلق سراحه وفصل من الخدمة العسكرية وبذلك مرت العائلة من جديد بظروف معاشية قاسية للغاية .

في عام 1967 وبعد سنة من أطلاق سراحه من السجن ، أرتبط الشهيد صالح بأبنة عمه أم بشار التي شاركته حياته الزوجية ووقفت الى جانبه في أيامه الصعبة وهو يبحث عن عمل ، حتى وجد ضالته ليعمل كعامل بسيط في ورشة للصياغة في بغداد .

في نهاية عام / 1967 أعيد الشهيد الى الخدمة المدنية وعين بوظيفة كهربائي في أحدى دوائر الدولة إلا إنه لم يستمر في عمله غير ثلاثة أشهر فقط حيث فصل من الوظيفة للمرة الثانية بسبب نشاطه السياسي ألا إن هذا الحدث لم يمنعه من ممارسة حياته الزوجية والعملية بالشكل المناسب ، وواصل العمل ككهربائي في أحدى الشركات صباحا" ويعمل في الصياغة مساء" وعاشت العائلة حياة هادئة لبضع الوقت ورزق الشهيد بأبنته الأولى هدى عام / 1969 وثم ميرفت / 1972 وندى / 1976 وبشار / 1978 .

وعند أشتداد الحملة الشرسة من قبل النظام الدكتاتوري الفاشي المنهار عام / 1978 لتصفية الحزب الشيوعي العراقي ، وبسبب الملاحقة ترك الشهيد عائلته ليختفي في أحد أحياء بغداد الشعبية مواصلا" العمل السري حتى عام / 1981 ، حيث قامت شلة كبيرة من القتلة والمخابرات بتطويق الحي الشعبي وأحتلال سطوح الدور المحيطة بالمنزل الذي أختفى به الشهيد وثم داهمت الدار الذي يسكنه وأعتقاله حيث عصبت عينيه وأخذ الى جهة مجهولة ولم يعثر على إي أثر له منذ ذلك الحين .

ومرة أخرى تمر العائلة بظروف معاشية صعبة للغاية بسبب فقدان المعيل الأول للعائلة تبعها وفاة والدته عام / 1985 فتكفل أعالتهم الخوال وبعض الأقارب وحتى وصول البنات الى عمر مناسب يمكنهن من البحث عن عمل والأعتماد على النفس في تدبير أمور البيت .

بعد سقوط الصنم قامت زوجته أم بشار بطرق مختلفة بمراجعة منظمة حقوق الأنسان ولجنة الشهداء والمقابر الجماعية ومقر الحزب الشيوعي العراقي للبحث عن الشهيد عسى أن تجد أي دليل يساعدها في الحصول على رفاته على الأقل لكن دون جدوى .

ولظروف العراق الأمنية السيئة وما عانته الطائفة المندائية من خطف وقتل وإجبار على تغيير الدين ولبس الحجاب وغيرها ، غادرت زوجته أم بشار الوطن لتحافظ على مستقبل أولادها أسوة بالعديد من العوائل المندائية وهم ينتظرون عطف المنظمات الأنسانية ودول اللجوء لغرض لبحث عن بلد آمن يؤمن لهم الأمن والأستقرار وليعوضهم عن الفاقة والحرمان التي يعانون منها .

لك المجد والخلود أيها البطل الشهيد صالح ولكل شهداء الحركة الثورية العراقية .


كندا
كانون الثاني / 2010


 


 

free web counter