| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فرات المحسن
F_almohsen@hotmail.com

 

 

 

الأثنين 4/10/ 2010



من يربح البرلمان

فرات المحسن

قيل إن السياسة فن الممكن ولا معجزات تعلق بثياب سادتها أومن يسلك طرقها. ولكن كثرة المفاجئات واجتراح العجائب والغرائب في سلوك من يعمل في وسطها، يجعل المرء البسيط في حيرة من أمره.

في الساحة السياسية العراقية لن نجد من يبتعد عن تلك الحالة، ولكن تشعب الحدث والتباسه يضعنا في الكثير من عدم الاستقرار ويباغتنا في مفاجأته، وهذا لا يعطي المرء القدرة الكافية لمشاهدة اللوحة برؤية مكينة واضحة وإنما تعرضه للكثير من الإرباك والتشويش، وتدفعه في النهاية إلى خاتمة القول بأن العراق بلد العجائب بامتياز وهو عصي على من يريد وضع توصيف منهجي للحالات والتبدلات التي تحصل له وفيه.

المصالح الحزبية والشخصية والطائفية والقومية تعلوا فوق الوطنية العراقية، ذلك التوصيف يبقى لوحده الثابت في طبيعة العملية السياسية اليوم، أما الباقي فهو المتغير والمتحرك والمنفلت في طبيعة المشهد الحالي، ويفصح عنه الحراك والتصريحات والحوارات المنفلتة والضجيج الإعلامي.

هل كان اصطفاف السيد هادي العامري مع المالكي وخروجه عن سلطة السيد الحكيم مفاجئة غير متوقعة أم إن هناك جذور للحدث تمتد بعيدا وتحمل في طياتها خلافات كانت ترقد تحت السطح، كان السيد هادي العامري قد انكرها واستنكرها قبل شهرين حين وجه له سؤال عن صدق الإشاعات التي تتحدث عن انشقاق بعض قيادات وجماهير منظمة بدر عن قيادة السيد عمار الحكيم وهمام حمودي. وفي الوقت ذاته لم يكن موقف قيادات التيار الصدري ليدع مجالا لليقين عن الجهة التي سوف يختارها ليقف جانبها في سعيه نحو السلطة والتمتع بحلاوة طعم الحكم.

أما الأخوة الكورد فكانت لهم دائما ثوابتهم القومية يتشبثون بها ويلحون بلجاجة لاقتسام الإرث في الساعات الأول من احتضار الأب.
ومن باب تصديق الأنباء والتسريبات الإعلامية عن عدم تدخل دول الجوار والمحتل الأمريكي في عملية تشكيل الحومة العراقية، تلك التصريحات والأخبار التي هي نكتة غير موفقة وكاذبة من ألفها إلى يائها في عرف السياسة ووقائع الوضع في العراق، نضطر بحسن نية لقبول واقع صراع الأخوة الأعداء ونحاول الوصول نحو توصيف الصورة مبعدين تلك النكتة الباهتة وشديدة البؤس.

انتخاب السيد المالكي دون نيله مباركة حصة المجلس الإسلامي الشيعي وحزب الفضيلة في مجلس النواب أوجد معادلة صعبة ليس فقط بالنسبة له وإنما للقائمة العراقية بقيادة السيد علاوي أيضا. وبات المشهد أكثر تعقيدا من السابق. هذا المأزق البرلماني جعل من تحالف القوى الكردستانية بيضة القبان. أي بصريح العبارة، أن ليس لقائمة السيد المالكي وحلفائه الجدد القدرة على نيل الأغلبية البرلمانية ومثلهم حال القائمة العراقية، دون أن تكون قائمة التحالف الكردستاني السند الشرعي لكسب العدد الكافي لأغلبية برلمانية.

هذا المشهد سوف يبعد محاولات تشكيل الحكومة أشواطا بعيدة ولزمن ليس بالقصير كونه يحتاج إلى فترة صراع وحوارات طويلة لن يتخلى المتصارعون فيها بسهولة عن ثوابتهم، وربما سيكون الصراع أشد شراسة مما رأيناه قبل انتخاب السيد المالكي. فهناك الكثير من الاعتراضات تواجهه طبيعة المطالب الكوردية لا بل هناك رفضا لها من أطراف عديدة في التشكيلين السياسيين الكبيرين ولم تنل الورقة المقدمة من قبل السيد مسعود البرزاني، والتي تبناها التحالف الكردستاني، ولحد الآن، رضا وموافقة حتى أقرب حلفاءهم. لا بل إن بعض القوى الممثلة في القائمة العراقية تناصب العداء وترفض ما يطالب به الكورد وبالذات في ما يتعلق بالمادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها في كركوك والموصل وديالى وهذا الموقف مماثل لموقف التيار الصدري وبعض رجالات قائمة دولة القانون. إذن بيضة القبان لا يمكن لها أن تميل كفة الجبهات المتصارعة، واحدة على حساب الأخرى دون أن تجد سندا لمطالبها أو نزوع للموافقة على بعض الشروط التي يحصل بها التحالف الكردستاني على القليل من ما طرحته ورقة السيد مسعود. أو إن المقابل يتنازل عن الكثير من اعتراضاته على مطالب الكورد كي يضمن تحالفهم وقدرتهم التصويتية في البرلمان.

السيد طارق الهاشمي وصالح المطلق والنجيفي وظافر العاني بقوتهم التصويتية العددية لن يستطيعون منح الكورد الضوء الأخضر لتمرير ورقتهم، ويبقون سدا منيعا في وجه المطالب الكوردية ومثلهم العديد من رجالات القائمة العراقية، ومن هنا فمسألة عقد صفقة توافقية مع التحالف الكردستاني سوف تكون عصية أو شبه مستحيلة دون تقديم تنازلات كبيرة وموجعة لكلا الطرفين. مثل هذا الموقف يبدو في جانب دولة القانون وحلفائه من الصدريين والجعفري أكثر عسرا وتعقيدا ولن يكون لمطالب الاتحاد الكردستاني ردود فعل ايجابية مثلما يروج لها بعض السادة من أعضاء الاتحاد الكردستاني.

ومثلما الوضع العراقي وبما عرف عنه من غرائب يحمل دائما بين طياته الكثير من المفاجئات. وحسب ما تخبئه جعبة التيار الصدري دائما وهي مثل جعبة الحاوي التي لا نعرف ما تحويه من غرائب وتمنحنا دائما الكثير من الدهشة، وربما يخرج علينا بمفاجأة صاعقة حين يتخلى التيار عن تحالفه مع السيد المالكي ليعود ويغازل القائمة العراقية ومساومتها على ترجيح الكفة في البرلمان مقابل عدد ما يحصلون عليه من المنافع الحكومية.

ولإتمام شروط اللعبة { الديمقراطية ؟ } علينا أن ننتظر قوة تأثير المحتل ومعه دول الإقليم وما تلعبه جينات الارتزاق السياسي والمالي، وما أكبرها وأكثرها وأضخمها لدى الكثير من سياسيينا.

فهل يا ترى أن بوصلة السياسة بإرادة المحتل ورغبة دول الإقليم تتجه صوب إعادة الانتخابات كحل يختصر الكثير من المشاحنات والهلوسات والتخاريف. أم تراهم يدفعون لإعادة لحمة التحالف الشيعي ويتراجع السيد الحكيم ومجلسه عن عناده وتبدأ مرحلة بمعادلات جديدة.

كل تلك المساومات والحوارات والنقاشات إن كانت في العلن أو وراء الكواليس فأنها سوف تتخذ طابع لي الأذرع أو عض الأصابع، وألمها مهما كانت قوته لن يكون بمقدار ما يعانيه المواطن من آلام وأوجاع.



 

free web counter