| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فرات المحسن
F_almohsen@hotmail.com

 

 

 

الجمعة 28/8/ 2009



الجميع يمتطي ماطور سكلات السيد محمد العسكري

فرات المحسن

ما زالت الصدمة التي سببتها جرائم يوم الأربعاء الدامي وقبلها جريمة قتل حراس وسرقة الأموال من بنك الزوية، تشكل دوامة كبيرة تلف الشارع العراقي. وما يزيد ويصعد حدة الاضطراب والتشكيك والاستغراب، هي التصريحات المتضاربة والمعلومات المشوشة التي يعلنها أغلب الساسة وقادة أجهزة الأمن في العراق. ففي جعبة الكثير من السياسيين أسرار كبيرة وخطيرة، بعضهم يتكتم عليها، بل تبذل جهودا كبيرة وحثيثة لمنع تسربها الى وسائل الإعلام أو الشارع العراقي. وهناك أيضا من يحاول التضليل على المعلومة وتشتيتها من أجل أبعاد الشبه عن طرف ما. ولكن تبقى التساؤلات والشكوك تثار مع إصرار القادة في الأجهزة العسكرية الأمنية وأصحاب القرار عن حجب حقيقة الأمور وعدم عرض الوقائع على الشعب. وفي هذا الأمر لا يمكن وضع اللوم على من يثير الشكوك والتساؤلات وتوجيه الاتهامات لهذا الطرف أو ذاك. ولا يحق لأحد من جميع أجهزة السلطة أو رجال السياسة، وصم واتهام من يثير تلك التساؤلات، بالخيانة أو محاولة النيل من المسؤولين الأمنيين أو السياسيين ممن يدير سلطة الدولة، أو تصنيفه كطرف يقف بالضد من العملية السياسية.

اتهام سوريا بإيواء المناهضين السياسيين والمجرمين من البعثيين الذين يمارسون قتل العراقيين كمحاولة لمحاربة السلطة العراقية الحالية أو المحتل الأمريكي، لا يمكن الطعن فيه أو التمويه عليه أو حتى نكرانه، حتى وأن جاء النكران على لسان البعثيين أو قادة سوريا أنفسهم. فبشكل مستمر أعلنوا عدم ضلوعهم بتلك الجرائم وما قول رئيس الوزراء السيد العطري في زيارته للعراق حين سأله أحد الصحفيين عن محمد يونس الأحمد فأجاب بأنه لم يسمع بمثل هذا الاسم سابقا، غير كذبة كبيرة تفضح وتشير لحجم المشاركة الواسع والكبير للسلطات السورية بما يقترف من جرائم إرهابية في العراق. وأن كذب رئيس وزراء سوريا وتلك طبيعة راسخة ليس فقط في منظومة وسياق عمل السلطة السورية وإنما هي استراتيجية وخاصية في فكر حزب البعث بكل تفرعاته وانشطاراته، فهل ساستنا يختلفون ولو ببعض الشيء عن تلك الطبيعة وينأون بعيدا عن اجتراح مثل ذلك التضليل والكذب المفضوح والهزيل.

جميع الحوادث والدلائل والوقائع تشير الى أن منظومة الأفكار المشوهة والملتبسة الساعية للتدليس والنفاق والرياء والكذب المفضوح، باتت تشكل فكرا جمعيا نمى وترعرع بصورة تراكمية بين أوساط الكثيرين وبالذات منهم الطبقة السياسية العراقية، وأصبح يمثل ثقافة راسخة تقدم النموذج الأسوء والأقذر لتشكيلة وطبيعة عمل الغالبية من السياسيين وإداريي السلطة في العراق. ووفق منظور أن السياسة فن الممكن. مابرح رجال الإدارة في العراق يوظفون هذه المعادلة ليكون فن (الممكن) هو القدرة الفائقة على استخدام الكذب والتضليل ثم التمويه والتغليس، في إدارة العملية السياسية وليأتي بعدها ما يأتي.

اختفت مع تقادم الزمن والقدرة على التضليل وطمر المعلومة الكثير من معالم جرائم كبيرة وكثيرة وقع ضحيتها المئات لا بل الآلاف من أبناء الشعب العراقي. ولحد الآن لم يستطع أبناء الشعب العراقي إدراك طبيعة الحدث أو معرفة المسبب الحقيقي لمثل تلك الجرائم وما وصلت أليه نتائج التحقيق. والجميع أوشك أن يقتنع بأن دم أهل العراق عند أهل السياسة أرخص من حفنة تبن. فجرائم كبيرة هزت أمة العراق والعالم لا يمكن للمرء حصرها، وبقدرات وشطارة أهل السياسة والإدارة طواها النسيان وضاعت معالمها. وكمثل لذلك يتذكر الجميع حادثة جسر الأئمة التي راح ضحيتها 1400 مواطن. تلك الحادثة الأليمة والمفزعة التي طمست بالكامل معالم التحقيق حولها، ولم نعد نعرف من المسبب في حدوثها، وهل أن من أهاج الجمهور وأرعبه بتلك الشاكلة كان شخصا أم جهة أو المسبب كان طبيعة الإجراءات التي اتخذتها قوى الأمن. لاشيء بالمطلق عرفه الشعب العراقي لا بل الأدهى من ذلك، جرت في حينها حملة تبرعات قدمت فيها مبالغ ضخمة من قبل دول ومنظمات وهيئات وشخصيات وحتى من مواطنين بسطاء قدموا مدخراتهم على شحتها تضامنا مع أهل الضحايا، ولكن في النهاية ولحد الآن فأن بعض أهالي الضحايا لم يحصلوا على تعويض، والكثير من التبرعات سرقت تحت أنظار وسمع ومشاركة إدارة السيد إبراهيم الجعفري الذي كان حينها رئيسا للوزراء. تلك الحادثة ومثلها الكثير من الجرائم لم نرى مجرما ولم نسمع بتحقيق ولم نقرأ تصريحا يشفي غليل الناس ويطمئنهم على حياتهم وأملاكهم، وكانت جميع النتائج صفعة قوية ومؤلمة ليس فقط لأهالي الضحايا وإنما لعموم الشعب العراقي. وعلى ذات المنوال، ولحد الآن فقضية مصرف الزوية ضيعت معالمها بين تصريح لمسؤول يؤكد ضلوع أعضاء المجلس الأعلى الإسلامي الشيعي في الجريمة، ومسؤول ينفي عنه ذلك بالرغم من أن الفاعلين هم من حرس الرئاسة وأعضاء في المجلس، وقاطع الكرادة برمته وضمنه منطقة الزوية وبناية جريدة العدالة يقع تحت مسؤولية وحراسة أعضاء المجلس الشيعي. وأن تعرف الناس على بعض أسماء المنفذين للجريمة، فقد وضعوا في متاهة من تصريحات متضادة متنافرة لا تعني في النهاية غير تشويش أذهانهم ووضعهم ضمن قناعة استحالة الحصول على الحقيقة. وتبرأ الجميع من المسؤولية.

جريمة الأربعاء الدامي تعدت هذه المرة حدود العراق لتفضح اللعبة الإقليمية وفي ذات الوقت تؤكد ارتباط قوى وشخصيات سياسية بأجندات خارج الحدود. فقد توزع الفرقاء على عدة جبهات مثلما توزعت اتهاماتهم. فمنهم من يؤكد ضلوع سوريا في الأمر والأخر يؤكد أن هذه الجريمة تأتي على خلفية صراع سياسي داخلي مع قرب موعد الانتخابات، والبعض يصر على أنها رسالة من إيران تهدف لدفع السيد نوري المالكي للوقوف والاصطفاف مع الائتلاف الشيعي أو أن إيران قادرة على جعله يأتي متخلفا في أعداد كسب الأصوات عبر تفتيت الصورة والمكاسب التي حصل عليها مؤخرا. وهناك من يعتقد أن عمل القاعدة أو حزب البعث لا يعني التشاور مع الحكومات ومنها الحكومة السورية ومن الممكن أن تلك الأطراف تتصرف وتدير العمليات الإرهابية رغم أنف الحكومات. والبعض يتهم حلف غير معلن يريد إعادة حزب البعث الى السلطة. وتصل الاتهامات على كثرتها الى جمهورية مصر والبحرين وقطر والكويت والسعودية واليمن. ومع هذا التشرذم والتشتت والتناقض لا يستطيع المرء أمساك خيط بعينه، فربما كل ما يقال هو حق مثلما يمكن أن يكون كذبا. ولكن يمكننا القول أن هذه الاطلاقات والاتهامات تشي بشيء واحد يؤكد فعلا ارتباط أغلبية من سياسيي العراق الموجودين ضمن العملية السياسية أو خارجها بأجندة خارجية بشكل أو أخر، وهم ساعون لتنفيذ ما يوحى لهم تضامنا كان أو رغبة أم مشاركة عملية.

وأن كانت القوى السياسية مجتمعة ومنفردة توجه لها الاتهامات بممارسة التحايل والتلاعب بالألفاظ وتصدير الروايات المتناقضة وتنفيذ أجندات خاصة داخلية كانت أم خارجية، فأن اللوم كل اللوم يقع على عاتق السلطة التنفيذية وتوجه لها مباشرة أصابع الاتهام في جميع الجرائم وما يتبعها. فقد وقفت وبجميع شخوصها عاجزة عن أعطاء المعلومة الصحيحة عن الأحداث ومارست بدورها لغة الكذب والتضليل والتستر على المجرمين الحقيقيين لسبب وأخر. ولكن الحقيقة الناصعة تؤكد أن قدرة السلطة التنفيذية مكبلة بالكامل بنظام المحاصصة، والتغليس وإخفاء المعلومات عن الشعب أصبح من ضرورات الحفاظ على هيكل العملية السياسية والتوزيع الطائفي والاثني فيها. ومثلما أعتدنا سماع الوعود وصيحات الغضب التي يطلقها رئيس السلطة التنفيذية السيد نوري المالكي فأننا نجده بعد يوم أو يومين يتخلى كليا عن تلك التصريحات، مما يكشف حجم الضغوط وقوة الفعل الذي يوجه له من قبل حلفائه وخصومه أو من يشاركه السلطة. ولن يستطيع مهما بلغت قدرته وقواه على الخروج من دائرة ضغوط هؤلاء أو من طبيعة رؤية الإدارة الأمريكية لسير العملية السياسية وكيفية إدارة الدولة العراقية التي تريده بما يتوافق مع أجندها في الحاضر أو المستقبل. ولذا لا يمكن القول أن السيد المالكي قادر على تقديم ما يثبت ضلوع سوريا أو إيران أو غيرهما في جميع تلك الجرائم. وأن دفع بأدلته فعليه أن يتوقع خسائر لا طائل منها. وما أعلنه جهازه الأمني ولحد هذا الوقت لا يظهر أي دليل حيوي عن إدانة طرف بعينه. فالمتهم الوحيد ظهر مرتبكا في أقواله وهو الوحيد الذي أعترف بقيامه بالجريمة ولم يظهر غيره على الشاشة ولم تعرض أية وثيقة أو مستمسك يؤكد الجرم. أيضا فأن خصوم المالكي من شركائه في العملية السياسية وهم أقرب من باقي العراقيين للحدث وما يجري خلف الكواليس، هؤلاء حشدوا قوة فاعلة لتكذيب ما قدمه وإدارته الأمنية من معلومات، واستطاعوا التأثير على الشارع العراقي لتثار هناك الكثير من الاتهامات والشكوك التي بات معها فريق السيد المالكي في أقصى حالات الهشاشة والإرباك. ولم يقتصر الأمر على خصوم السيد المالكي وإنما جاء التكذيب والتشويش من داخل أوساط إدارته ومن المقربين له. فلوزير الدفاع تصريح خطير يشير فيه لضلوع الجانب الإيراني في الجريمة. وجاءت استقالة أو إقالة السيد الشهواني لتثير الكثير من الشكوك والأسئلة الحارقة حول سببها وتوقيتها. وهناك الكثير من التصريحات الخاصة بالسيد قمبر المسؤول عن خطة فرض القانون ومثله السيد قاسم عطا والسيد خلف وهم قادة أمنيون تضاربت بينهم أوصاف الوقائع ومسبباتها. ولكن السيد اللواء محمد العسكري الناطق الرسمي لوزارة الدفاع كان أكثرهم قدرة على التضليل والتشويش لا بل الطعن بمجمل ما قدم من دلائل. ففي ندوة خاصة عن جريمة الأربعاء عرضت على قناة البغدادية، صرح بالجزم والتأكيد القاطع على وجود دراجتين لشرطة المرور (ماطور سكلات) شك سائقيها بالسيارة الحمل التي كانت متوجه نحو وزارة الخارجية فقام رجال المرور بملاحقتها ومحاولة اعتراضها ولكن السائق لم يلتزم بالتحذير ولم يتوقف ولكنه اضطر لتفجير السيارة قبل أن يصل الى مدخل وزارة الخارجية بعد أن وضع الشرطيان دراجتيهما أمامه. وراحا ضحية مع باقي ضحايا الحادث.

من الجائز أن يكون السيد محمد العسكري في قوله ذلك يريد أن يعطي الانطباع الحسن عما يقوم به رجال الشرطة من واجبات ويظهر كذلك حجم الخطر الذي يتعرضون له. ولكن الفضيحة الكبرى هي ما سجلته كامرات المراقبة في أعلى وزارة الخارجية، حيث أظهر الفلم حركة سيارة الحمل ذات الغطاء ( جادر ) الأحمر. فقد خرجت السيارة من الفرع المجاور لمرأب ( كراج ) علاوي الحلة واستدارت لتدخل الشارع المؤدي الى كرادة مريم والذي تقع في بدايته من جهة اليمين بعد كراج العلاوي وزارة الخارجية وعلى يمينه مجمع الصالحية السكني. مع السير البطيء والواثق لعربة الحمل الكبيرة لم تظهر في الفلم أية دراجة (ماطور سكل ) لشرطي مرور لا وراء السيارة ولا أمامها. فمن أوحي للسيد اللواء محمد العسكري بمثل هذا الفلم الهندي. تفسير بسيط جدا يحمل احتمالين لاغيرهما. الأول وهو المرجح، أن يكون السيد محمد العسكري لم يشاهد الفلم قبل الندوة وأن أحد الحبربشية من ضباطه قد روى له تلك الحادثة لتمليح الجو وتطمين اللواء بإخلاص الرعية بعد أن دلت الحادثة على اختراق قوى الإرهاب وفساد مستشر وعمالة بين أفراد الجيش وقوى الأمن الداخلي لا تحتاج غير أقل من خمسين دولار لبيع وطن بكامله. والثانية وهو الاحتمال الممكن، فالسيد اللواء كان برتبة مقدم في الجيش ألبعثي السابق قبل السقوط وقد اعتاد مثل غيره أن يسجل ويقدم أمام قادته أنصع وأروع الصور عن قدرات منتسبي وحدته العسكرية، وهذا هو فن (الممكن في السياسة) وهي ذات الصورة التي كان عليها واقع الجيش العراقي في عهد المقبور صدام والتي قادت العراق الى الكارثة تلو الكارثة.والسيد محمد العسكري في روايته لم ولن يكون خارج السرب وإنما هو من صميم الواقع المرعب الذي يلف العراق. فالخيبة والهزيمة والموت والحرائق تتحول دائما الى بطولة ونصر مؤزر. وممكن لها أيضا أن تعرض لأجل استدرار العطف والبكاء على الأطلال، وهذا سوف يفعل فعلته المؤثرة ويجعل المرء يتناساها كنكبة ويشارك القاتل والقتيل وحتى السكراب ودخان الحرائق والبيوت المهدمة الحزن واللطم. أليس نحن أبناء وطن الفواجع المضحكة ......؟!

لمشاهدة حركة السيارة التي اقترفت بها الجريمة الإرهابية أمام وزارة الخارجية وكيف لاحقتها شرطة المرور بالماطور سكلات؟؟؟.أذهب الى الرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=5NxFg0TiKv8&eurl=http%3A%2F%2Fwww.burathanews.com%2Fnews_article_73172.html&feature=player_embedded




 


 

free web counter