| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فرات المحسن
F_almohsen@hotmail.com

 

 

 

                                                                الأحد  10 / 11 / 2013



انتخابات الخارج دعوة مفتوحة للسرقات

فرات المحسن 

وأخيرا صادق البرلمان العراقي على قانون الانتخابات منهيا خصومة كانت ملتبسة وعسيرة امتدت لعدة أشهر بين الكتل السياسية حول تقاسم مصادر السلطة والثروة عبر توفير آليات إجراءاتها وكيفية تصويت الناخبين ومن ثم احتساب عدد الأصوات لصالح ذاك الطرف وغيره.أثناء التصويت وبدايته استثني أبناء العراق من القاطنين خارج الوطن ولم يشار إلى إشراكهم في التصويت ولكن الأمر لم يترك دون تنبيه اللجنة القانونية في المجلس حول سقوط الفقرة المتعلقة بانتخابات الخارج مما تطلب التصويت مرة أخرى على الفقرة الموجودة في القانون القديم وضمها إلى النسخة الجديدة. وهذا الاستدراك جاء لصالح بعض الكتل التي تجد في أصوات الخارج ليس فائدة انتخابية بقدر ما تسعى فيها لتجارة رابحة تدر عليها وأنصارها أرباح مالية كبيرة. ولذا أعرض لكم تجربة العملية الانتخابية والتصويت والخدع والنهب والمحسوبية التي اشتملت عليها العملية في جميع البلدان التي قبلت أن تجرى على أرضها انتخابات للعراقيين المقيمين لديها،وكنت قد كتبت مقالي المدون أدناه نهاية انتخابات عام 2010 بعد تقصي ومراقبة، واليوم أعيد نشره لما يحويه من معلومة كنت قد رصدت وقائعها ذلك الوقت ولذا فان أبعاد المواطن العراقي القاطن خارج الوطن عن الانتخابات يشكل نقطة إيجابية تقطع شيء قليل من دابر السرقات وأيضا خدع وسفالة البعض من الذين يتاجرون باسم العراق والحقوق الوطنية.

لم تسجل المفوضية ( المستقلة ؟؟) للانتخابات عام 2010 سوى مشاركة ما يقارب 270 ألف عراقي من القاطنين خارج العراق في الانتخابات الأخيرة للبرلمان العراقي. واستبعد من أصل هذا الرقم أكثر من الأربعين ألفا بحجج واهية ودون مسوغ مقبول. لا بل كان الأبعاد نموذجا سيئا لعملية إقصاء متعمد لقوائم بعينها. ورافق تصويت الخارج الكثير من اللبس والإرباك وظهرت عمليات تلاعب وتزوير مؤكدة سجلها المراقبون والبعض من موظفي التسجيل. ولم تكن بعض المكاتب تمتلك الأمانة المهنية والشفافية في التعامل مع الحدث، بل دفعت نحو إثارة الشبهات في جميع إجراءاتها، وخير مثال على ذلك ما فعلته بعض المكاتب من ابتذال مارست فيه خدع خبيثة مع البعض من مواليد الخارج أو مع أخوتنا الاصلاء من الكورد الفيلية لتقصي الكثير من أصواتهم.
سجل المراقبون ملاحظات جدية على أداء مديري المكاتب واتهموهم بعدم الحيادية أو تبعيتهم لبعض القوى السياسية المتنفذة وهذا الأمر لا يخلو من الصحة. وظهر واضحا للكثير من المراقبين في مختلف الدول التي أجريت فيها الانتخابات أبعاد وفاعلية تلك العلاقات وتأثيرها على وقائع ومجريات الحدث الانتخابي، فقد عمل مدراء المكاتب على استقطاب نسب كبيرة لموظفين من عينات منتقاة وفق الميل الجهوي والطائفي أو الحزبي. وبني ذلك على وفق أغراض سياسية ومصالح شخصية وارتباطات مالية، مؤكدا السلوك غير المهني وغير الحيادي للمدراء الذين انتدبتهم المفوضية ( المستقلة ؟؟؟) للانتخابات لإدارة العملية الانتخابية في ما يقارب الستة عشر بلدا. وكشف جراء ذلك عن عمليات تزوير وتسويف واسعة، لتشطب أثرها الكثير من أوراق التصويت التي تخالف سياسيا توجهات مديري المكاتب وأتباعهم. ومورس ابتزاز علني ضد أصحاب الوثائق الأجنبية التي تشير لعراقيتهم و تثبت هويتهم الوطنية، وسجلت حوادث تفضيل ومحاباة بين مدراء و موظفي قاعات الاقتراع وبعض الناخبين.

ومع كل تلك الأحداث الإدارية، سجلت أيضا وقائع نهب للمال العام لا يمكن التغاضي أو السكوت عنها، لا بل حدثت وعلى المكشوف سرقات يستحي من ممارستها حتى شحاذي الشوارع. ففي أغلب مكاتب الانتخابات التي افتتحتها المفوضية ( المستقلة ؟؟) وانتدبت أليها أفراد من الأحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية لإدارة العملية الانتخابية في بلدان الشتات، ودفعت لهؤلاء المفوضين مخصصات مالية بلغت الملايين من الدولارات. وقد استغل هؤلاء تلك الأموال للبذخ والهبات والسرقات، وفي هذا السياق نذكر أن أحد المفوضين أستأجر له ثلاثة رجال كحراس شخصيين ( في البلد الآمن ) لحين نهاية العملية الانتخابية، وبراتب يبلغ آلاف من الدولارات للفرد الواحد. كذلك حجزت ثلاث سيارات للتنقلات الشخصية، وشقق سكنية إضافة لجناح خاص في أحد فنادق الدرجة الأولى (البزنس) يبلغ سعر السكن فيه 500 دولار لليلة الواحدة. وأحد هؤلاء صرح بأن مكتبه قام بطبع 2800 نسخة من الدعاية الانتخابية وبذات العدد لكراس أخر لشرح العملية الانتخابية، ولكن لم تظهر من تلك الكراسات غير بضع عشرات، لا بل لم يلحظ الناخب وجودا لها حتى في مراكز الاقتراع وطيلة أيام الانتخابات الثلاثة للتصويت. في حين أن تكلفة طباعة تلك الكراسات كانت بالغة الفحش وبالدولار الأمريكي. وجاءت مبالغ تأجير المخازن وشراء القرطاسية وصناديق الاقتراع وتأمين حمايتها لتسجل مبالغ خيالية تثير الكثير من الاستغراب والشكوك. وذهبت جميع تلك المبالغ والحصص الى شخصيات ترتبط بأصدقاء ومعارف مدراء المفوضيات ومشايعيهم من ذات الحزب أو باقي الأحزاب القريبة. واستدلالا على تلك المحاباة وتبادل المنافع الشخصية، فأن أحد مدراء المكاتب المرسل من العراق لإدارة العملية الانتخابية أستأجر من أحد أصدقائه ومن المقربين لحزبه مخزنا متهالكا دون حماية وبنوافذ محطمة لتأمين مواد الانتخابات بمبلغ خيالي، في حين أن في انتخابات عام 2005 تم وفي ذات البلد أيجار مخزن بمواصفات عالية الجودة مع توفير الحماية له من قبل سلطات ذلك البلد لم تتجاوز تكلفته ربع مبلغ ما قدم كمكافئة لهذا الصديق الرفيق المؤمن التقي الورع صاحب المخزن. وذات الشيء حدث في عمليات شراء القرطاسية وغيرها من احتياجات المكاتب التي أحيلت بعهدة أشخاص أغلبهم من تجار الدرجة الثانية ومن أتباع الأحزاب التي تدير العملية الانتخابية.

وسجلت أيضا نسب عالية وبإفراط ملحوظ لأعداد الموظفين المشاركين في إدارة مواقع وغرف الانتخابات كحراس ومفتشين وإدلاء، كان جل عملهم الوقوف بين الممرات وأمام الأبواب لاجترار الأحاديث وو. وأغلب هؤلاء دفعت أجورهم تحت الطاولة أي خارج نظام ضريبة دخل العمل المعمول بها في البلدان خارج العراق.

والغريب في هذا الأمر هو ورقة الدفع حيث سجل فيها على أن القابض عليه دفع رسوم الضريبة، وحين أعترض هؤلاء على هذه الصيغة أخبرهم أحد مدراء مكتب المفوضية بأن هذه الصيغة لا تعنيهم وإنما الغرض منها فقط يخص المركز المشرف للمفوضية الموجود في اربيل.

وتفاوتت أجور العاملين من الذين شاركوا في الإعداد والعمل للعملية الانتخابية في جميع مكاتب المفوضية وفي مختلف البلدان. حيث أن مركز المفوضية الرئيسي لم يضع قواعد ثابتة للأجور وحسب طبيعة العمل وإنما ترك الأمر لمدير المكتب ليتصرف على هواه وحسب تقديره الشخصي لمستوى المعيشة في ذلك البلد. مما جعل الأمر يدخل في دائرة المزايدة واللغط والشكوك في فرق المبالغ ولأي جهة ذهبت. حيث أن بعض مدراء المكاتب منح العاملين أجورا بلغت 1500 دولار أمريكي وفي مكاتب أخرى منح العاملين من نفس المواصفات الوظيفية مبلغ 1200 دولارا وفي أحد المكاتب منح العاملين ألف دولار ومن ثم مائة دولار بصيغة مكافأة أو إكرامية حسب قول مدير المكتب.

و لا أدري ما هو موقف المركز الرئيسي لمفوضية الانتخابات في بغداد واربيل ومعهم هيئة النزاهة من الأجراء الذي اتخذه البعض من مندوبي المفوضية لإدارة عملية الانتخابات في البلدان الأوربية، حيث قام بعضهم باستدعاء جوقة من أقاربهم ومعارفهم ومن بلدان أوربية مجاورة للمشاركة في إدارة العملية الانتخابية. وتحملت دائرة المفوضية دون مبرر معقول أجور سفرهم الى تلك البلدان وكذلك مبالغ تنقلاتهم وسكناهم في أضخم الفنادق، في الوقت الذي أهمل وأبعد الكثير من العاملين الذين اكتسبوا خبرة كبيرة حين أداروا بنجاح عملية الانتخابات عام 2005 في تلك البلدان.

الأسئلة الكبيرة التي تثار والتي على السياسيين العراقيين من الحريصين على أموال وسمعة العراق أن يتأملوا ويدققوا في مسبباتها ونتائجها الحقيقية على الأرض.

ـ هل أن حجم أعداد المشاركين في انتخابات الخارج يوازي ما قدم وصرف من مبالغ لفتح مكاتب للمفوضية في بلدان العالم.

ـ ما هو حجم ونسب من شارك في انتخابات الخارج مقارنة بما أعلنته المفوضية عن أعداد الذين من الموجب مشاركتهم في الانتخابات في عموم العراق.

ـ ما هي النسبة الحقيقية لهؤلاء مقارنة بأعداد من شارك فعلا في الانتخابات والذي بلغت نسبتهم حسب إحصائية المفوضية 62% من 12 مليون ناخب. وهل شكلت أعداد من صوت في انتخابات الخارج رقما يعتد به ويمكن أن يشكل مركز لقضاء أو ناحية في خارطة العراق.

ـ هل أن عمليات الصرف الباذخ الذي يقوم بها مدراء المفوضية ( المستقلة ؟؟؟) للانتخابات الذين انتدبوا لإدارة عمليات الخارج، تخضع للمراقبة والتفتيش والتدقيق ومن ثم المسائلة.

ولو أخضعنا تصريحات المسؤولين في الأمم المتحدة ومعهم المسؤولين الدوليين عن المهاجرين العراقيين في بلدان الجوار العراقي وأيضا بلدان الشتات الأخرى وكذلك وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، للتدقيق والمراجعة لظهرت لدينا معطيات بائسة عن أعداد المشاركين في انتخابات الخارج، تكذب وتنفي كل تلك التبجحات والتقديرات المبالغ فيها والساعية أصلا لابتزاز الشعب العراقي وسرقة أمواله. وفي هذا النوع من الكذب والابتزاز توجه أيضا أصابع الاتهام الى شخصيات سياسية عراقية متنفذة تشارك تلك الجهات والدول ادعاءاتها وتقدم الدعم الكامل لها لابتزاز وسرقة أموال الشعب العراقي.

وبذات المعايير تخضع عمليات فتح مكاتب الاقتراع في بلدان العالم المختلفة حيث تتوافق الأحزاب المتنفذة وتتحاصص على تقاسم المندوبين وتوزيعهم على تلك البلدان وتقدم لهم التسهيلات المالية واللوجستية دون أية مسائلة أو تدقيق. ومن الجائز القول أن عمليات انتخابات الخارج أصبحت تشكل واردا جيدا للبعض من الشخصيات والأحزاب العراقية وباتت بابا مفتوحا للسرقات بمختلف أنواعها.

وعين اليقين القول أن السارق مثل المأبون لا يهمه ما يقال عنه بل هو سادر في غيه وابتذاله وسقوطه وينظر إلى الجميع بعين القبح والرذيلة، لذا لا نرى اليوم من يستمع لصرخة مظلوم وتضور جائع، وإنما نجد غلبة ساعية دائما لخطف حتى فتات الخبز من أفواه الجياع والعراة من العراقيين. وأبواب السرقة مشرعة ولا تغلق أمام شهية هؤلاء الظلمة قساة القلوب. وقيل أن المال السائب يعلم السرقة. ومع وفرة السراق، توجد هناك وفرة لأموال سائبة لا تجد من يؤتمن عليها.



 

free web counter