فاطمة حسن

 

مظلمة الأكراد الفيلية

 

فاطمة حسن

نأمل ان تكون المظلمة الثالثة لمحاكمة صدام وأعوانه هي مظلمة الأكراد الفيلية ,هؤلاء الذين تم حجزهم وابعادهم قسرا عن عوائلهم الذين سفروا الى ايران ومنهم الطفل الذي لا يزيد عمره عن 14 سنة الذي كان يمسك بيد امه تارة وتارة بيد ابوه وهو يصيح لكي يجمع بينهما , ولكن رجال الأمن دفعوه الى ابوه حارقين قلب امه التي لم تنم يوما بعد طول السنين التالية كما ينبغي البشر ان يناموا وهي تذكر لجميع من يزورها هذه الحكاية ودموعها تنهمر من عينيها .
المحتجزين الذين اعدموا ودفنوا في مقابر جماعية يزيد عددهم عن ثلاثة الآلاف شاب , من خيرة الشباب وأذكر منهم رسول دارا , مالك المجبرجي , طه سليم , علي أسد ومئات غيرهم.
ما زالت العوائل المنكوبة لديها بعض الأشياء مما استطاعوا حمله في رحلة الغربة ومنها بعض ملابس الشهداء , حيث يشمونها ويتذكرونهم بها .
اقول لهؤلاء النسوة ان ابناءكم ما زالوا يتحدون السلطة المقبورة والطاغية صدام , رغم دفنهم في مقابر جماعية , والدليل هو محاكمة الطاغية على الجرائم التي اقترفها ومنها مظلمة المقابر الجماعية .
في ذكرى احياء يوم استشهاد الأبطال والذي يصادف 1 / 6 وهو اليوم الذي تم الاعلان فيه عن المقابر الجماعية , كنت في ايران حيث وجدت جموعا حاشدة من النساء في المسجد وهن يحملن صور شهدائهم , وأنا حملت صورة أخي وزوجته . بدأت المراسم حيث وقف الجميع وتشكلت حلقات وحلقات والصراخ يتعالى , ثم تأتي مجموعة من الحلقة الأولى لتعزي الحلقة الثانية وهكذا دواليك , وبعدها تتداخل الحلقات لتكون حلقة واحدة وتنتهي مراسم العزاء في الصراخ والعويل . في عصر نفس اليوم تنتقل الجموع الى مسجد في ( مروي ) , حيث تبدأ مراسم التأبين الرسمية وهي للرجال والنساء , وفيها يتم القاء الكلمات وبحضور الاعلاميين والكل يحمل صور الشهداء , من بين الصور صور عام 1985 وخاصة الصور من نقرة السلمان , حيث تبين درجة وعي الشهداء في تنظيم انفسهم وحياتهم في هذا السجن الرهيب وسط الصحراء , حيث تجمعاتهم الرياضية والحلقات الدراسية والمطبخ .
ان ما جرى للأكراد الفيلية تؤكد وجود دوافع عنصرية وأحقادا شخصية ضد هذه الفئة من المجتمع العراقي , وأرجو ان تذكر المحاكمة ذلك , كما نأمل ان تتهىء المؤسسات الخاصة بالأكراد الفيلية بما لديها من اثباتات ووقائع لهذه المحاكمة والتي نأمل ان تكون هي المظلمة الثالثة لمحاكمة صدام وأعوانه .