| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

الأحد 3/8/ 2008



قوى اليسار والديمقراطية وإنتخابات مجالس المحافظات

فلاح علي

بعد أن تسوى الخلافات على قانون إنتخابات مجالس المحافظات والذي سيصادق عليه البرلمان من خلال توافق الكتل علية . ستشهد البلاد إستحقاقاَ بالغ الأهمية ويعد تطور سياسي هام وستبدأ الحملات الأنتخابية إستعداداَ لموعد الأنتخابات . وستتنافس أحزاب وكتل سياسية في هذه الأنتخابات لكسب الناخب العراقي لهذه القائمة أو تلك وما هو معول علية هو المشاركة الشعبية الواسعة في الأنتخابات بعد أن تحسن الوضع الأمني في غالبية مناطق العراق السؤال الذي يطرح هنا هل أن المفوضية العليا للأنتخابات هي ستكون محايدة حقاَ وقادرة على ضبط الأنتخابات بدون تجاوزات وتزوير وخروقات ؟
و في ظل موازين القوى الحالية يصعب التكهن بنزاهة الأنتخابات ولكن لكي تبرر المفوضية حياديتها ونزاهتها في هذه العملية هو لابد من أن تشرك المفوضية مراقبين من الأمم المتحدة ومن الجامعة العربية لمتابعة العملية الأنتخابية ورصد التجاوزات وتحديد العقوبات التي تتخذ بحق المتجاوزين . وتبدأعملية متابعة الأنتخابات ورصد التجاوزات منذ اليوم الأول للحملة الأنتخابية إلى عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج . أن طموح غالبية الكتل على أن تجري الأنتخابات بنزاهه وشفافيه بعيدة عن التزوير والترغيب وتهديد الناخب . بلا شك أن قانون الأنتخابات سيحدد آليات لأجرائها مع تحديد ضوابط وإلتزامات تحددها المفوضية وتبقى المتابعة الميدانية وإشراك مراقبين من الأمم المتحدة وحيادية المفوضيه ونزاهتها هي عوامل لابد منها لوقف جموح القوى التي إعتادت على ممارسة الضغط والتهديد والتزوير.

ولكن المؤشرات تؤكد أن هناك كتل وقوائم تريد الأستحواذ على مقاعد مجالس المحافظات بوسائل غير ديمقراطية  إضافة إلى الضغط والأغراء والتهديد فأنها تتشبث أيضاَ بدون وجهة حق وتعطي لنفسها الشرعية برفع صور الرموز الدينية وإستخدام دور العبادة للدعاية الأنتخابية . هذه الكتل هي محسوبة على قوى الأسلام السياسي والتي لا تشاركها الرأي في هذه النقطة كتل أخرى من الأسلام السياسي . إنها بحق لا تؤمن بالديمقراطية وهي تلجأ إلى أساليب غير ديمقراطية للسيطرة علىالسلطة . إن هذه القوى التي لاتخلوا من التطرف في هذه القضية بممارساتها هذه من خلال توظيف الرموز الدينية ودور العبادة في حملتها الأنتخابية فهي لاتهدف فقط إلى تضليل وعي الناخب العراقي وإنما هي بحق تعيق بناء المؤسسات الديمقراطية وإقامة دولة العدل والقانون . ومن الأمثلة التي تدين هذه القوى أذكر مثاليين المثال الأول : إنها قد إختزلت شعب وادي الرافدين ( الشعب العراقي) بقومياته وأديانه المتعددة وثقافاته وأفكاره وتياراته السياسية وحضاراته المتنوعه وأطلقت على هذا الشعب المتنوع الأثنيات والأديان مفهوم غريب ( لا يرتضيه الدين ولا الأعراف والقانون والمواثيق الدولية) وبدأت تسوق مفهومها أن الشعب العراقي مكون من ( السنة والشيعة والأكراد) وإلتقت في هذه النقطة مع نفر من غلات القوميين المتطرفين الذين يدعون الديمقراطية أيضاَ وهم بهذا النهج غير الديمقراطي قد عبروا عن سلوك غريب إستبدادي صادرحق التكوين الطبيعي للشعب العراقي .المثال الثاني هو إنها قد قسمت السلطة على أساس المحاصصة الطائفية والحزبية وحولت هذه المحاصصة إلى نهج سياسي في البلد . من هذين المثالين إن هذه القوى رغم إنها وطنية ولكنها تسعى لبناء سلطتها غير الديمقراطية وفرض هيمنتها وإقامة دكتاتوريتها الأستبدادية وتسن قوانينها المعادية للأنسان وحرياته وحقوقه إذا سنحت لها الفرصه لا سيما إنها فشلت في بلدان أخرى .

أما القوى القومية : لا يختلف إثنان ان هذه القوى تناضل من أجل قضايا عادلة وإنها خليط بين قوى محافظة ومعتدله وديمقراطية وقوى إسلام سياسي وبعضها قوى متطرفه هنا المقصود بالقوى القومية هي قوى كيانات شعبنا المتعدد القوميات . وهي قد ناضلت لعقود طويلة من أجل تحقيق الحقوق القومية العادلة وناضلت معها القوى الديمقراطية وأن الشعب يدعم ويساند نضال هذه القوى من أجل نيل الحقوق القومية أو تحقيق التوجهات القومية لهذه القوى ومن أجل التحرر والديمقراطية .

إلا أن بعض قيادات هذه القوى التي لها قصر نظر ذات السلوك السياسي المزدوج قد وقعت في أخطاء أضرت بنفسها و بالقوى الديمقراطية وبالقضية القومية وحصلت إنتكاسات. وهي في الغالب تعتمد على عوامل خارجية إقليمية ودولية ومن هذه الأخطاء ليس فقط تاكتيكية وإنما إستراتيجية وهي إنها تعطي أولوية لتحقيق المهام القومية على القضية الديمقراطية في العراق ، وعلى ضوء هذا الخطأ الأستراتيجي تقوم بأخطاء تاكتيكية ومنها التحالفات . في حين تؤكد التجربة التأريخية لكل شعوب العالم أن القضية القومية تحل في ظل النظام الديمقراطي .
إن هذه القوى في الممارسة تقع في نفس الخطأ السابق كما وإنها قد وقعت في خطأ آخر وهو إنها قد كرست إسلوب المحاصصة الطائفية والحزبية مع بعض قوى الأسلام السياسي ، وربطت كل شيئ بالمحاصصة بما فيها حل القضية القومية وتناست أن الحقوق القومية للشعوب بما فيها (الفيدرالية) لا تأتي من خلال المحاصصة ( وإنما من خلال بناء مؤسسات الدولية المدنية الديمقراطية ولا يوجد غير هذا الطريق لتحل فيه المسألة القومية ) . وهذا ماهو قائم الآن في كل دول العالم ذات النظم الفيدرالية .
إن القوى القومية بحاجة إلى مراجعة فكرية من أجل إعادة النظر في أخطائها. أن مفهوم المحاصصة هو عامل معرقل ليس فقط لحل القضية القومية وإنما لتطبيق الديمقراطية وبناء دولة العدل والقانون . كما إنه لا يجمعه جامع مع مفاهيم ( العلم المعرفة النظام القانون السياسة النضال البرامج النظام الديمقراطي الفيدرالية وبناء الأوطان ...... إلخ) . وله دور سلبي آخر إنه يحفز نمو قوى نفعية (براغماتية) في المجتمع والدولة رغم إن البراعماتية مفهوم يشير إلى روح تجارية الربح والخسارة إلا إنه دخل ميدان السياسة بما فيها السياسة الخارجية حيث هناك دول تنتهج دبلوماسية براغماتية من أجل الحصول على المنافع الأقتصادية والتجارية والمساعدات المالية . وهذا نفس الشيئ ينطبق على المنظمات السياسية فالمحاصصة بيئة خصبة لنمو هكذا أمراض سياسية ، إنها بدعة المتنافسون في الصراع على السلطة والمال وقد بنيت الدولة على هذا المصطلح السيئ الصيت . لقد رفضته القوى اليسارية والديمقراطية ومعهم جماهير الشعب ولكن بعد أن ذاق الشعب الويلات من إسلوب المحاصصة . أوجد المخلصون لهذا الوطن مصطلحاَ سياسياَ آخر أكثر جمالية من أجل التخلص من المصطلح القبيح المحاصصة الطائفية والحزبية فأوجدوا مفهوم (التوافق السياسي) كونه أكثر مقبولية ويتماشى مع الواقع الحالي . وإن كان هذا الأسلوب ( التوافق السياسي ) قد تمكن من حل بعض الأزمات بين القوى السياسية وتمكنوا من خلاله للوصول إلى توافقات كما إنه حقق بعض النجاحات وتم سن عدد من القوانين وسارت العملية السياسية خطوات إلى الأمام . إلا أن هذا الأسلوب رغم أهميته فأنه لا يخلو من العيوب والسلبيات منها إنه لا يخلق حالة إستقرار دائم إنه عامل تخدير وتأجيل للأزمات ولا يحمل حلاَ جذرياَ دائماَ ولا يهيئ مستلزمات بناء الدولة المدنية الديمقراطية كما إنه لا يرتكز لمعايير الكفاءة والآهلية في تولي المناصب السيادية والأدارية وغيرها في البلد وتترافق معه دائماَ التجاذبات والصراعات وكسر الأرادات والهيمنة والأستئثار ويخلق بيئة خصبة ليس فقط للفساد المالي والأداري وإنما للفساد السياسي وعلاوه على ذلك إنه لن يلغي المحاصصة الطائفية والحزبية إلى الأبد.

وعندما يكون القرار السياسي بيد المجموعات المتعصبة والمتطرفة من القوميين . فهذا يضعف دور القوى المعتدلة والديمقراطية المحسوبة على القوى القومية . وتؤكد تجارب الشعوب أن هناك ثقافتان وبمكن القول ( حضارتان ) واحدة تدعو للتعايش المشترك مع الآخر وهذه الثقافة هي ذات التوجه الجماعي ويحمل لوائها اليساريون و الديمقراطيون من القوميات المكونة لشعبنا والمعتدلون. والأخرى ذاتية فردية فهي لا تقبل التعايش المشترك وتسعى لبلع الثقافات الأخرى فهي لا تستطيع العيش في فضاء روحي مشترك . وهذه ليست فقط سمة القوميين المتطرفين وإنما دعاة الأسلام السياسي المتطرفون والمحافظون وحملة الأفكار الأستبدادية . إن هؤلاء كما أشرت أعلاه ذوو سلوك سياسي مزدوج ، في الأعلام يوهمون أبناء الشعب بأنهم بناة الوطن وهم حملة رسالة المحبة والسلام وهم ديمقراطيون وقادرون على حل أزمات البلد السياسية وإقامة دولة القانون . ولكنهم في الممارسة هم ذاتيون جشعون ليس لديهم محرمات أمام سرقة السلطة . وهم معادون للديمقراطية ولبناء دولة العدل والقانون وهم حماة الفساد بكل أنواعه وهم البوابة الرئيسية لكل التدخلات الأقليمية في الحياة السياسية الداخلية وهم لا يتوانون من التلاعب بالوطن وثرواته وعرضة في سوق مضاربات البورصة .

الحل هو بتفعيل دور قوى اليسار والديمقراطية والعمل الميداني المشترك فيما بينها :
الحقيقة التي بدأ يدركها جيداَ شعبنا أن المصالح الوطنية العليا للبلد حملتها والمدافعين عنها والذين قدموا كواكب من الشهداء من أجلها هم اليساريون والديمقراطيون من كافة قوميات شعبنا العراقي ومن مختلف الأديان . ويقف معهم غالبية أبناء شعبنا العراقي بمدنه وأريافه وبعماله وفلاحيه ونسائه وكسبته وطلابه ومثقفيه . هذه القوى حقاَ هي القادرة على بناء دولة العدل والقانون وهم المدافعون عن مصالح الشعب والوطن . يصورهم الأعلام الذي يهيمن عليه (بعض قوى الأسلام السياسي والقوميون المتطرفون ) والذين يحملون أفكار العصور الوسطى والمدعومون مالياَ وسياسياَ من دول إقليمية وغيرها ، إنهم أقلية في المجتمع وأحياناَ يطلقون عليهم مصطلح العلمانيون وهم لا زالوا في وهَم عالق في أذهانهم من العصور الغابرة وتناسوا أن شعبنا يعيش في عصر المعلومات والأنترنيت وأصبحت الحقائق في هذا العصر لا تغطى وواضحة وشفافة أمام ملايين الناس . أن الدولة المدنية الديمقراطية التي تضمن حقوق القوميات والأديان و حق المواطن والتي تضمن له العيش الكريم والمساواة في الحقوق وتضمن حق المرأة . إن هذه الدول التي حققت الحرية والديمقراطية والرفاة الأقتصادي للشعوب والتقدم والأزدهار وضمنت حقوق الأنسان قد بناها العلمانيون ، التي يستورد منها بلدنا الآن التكنولوجيا والتجهيزات الطبية والمواد الغذائية وغيرها ويطلب بلدنا منها المساعدات ويدعوهم للمشاركة في عمليات الأستثمار من أجل إعمار وتنمية البلد أما المحافظون ومنهم بعض دعاة الأسلام السياسي فيوظفون دين الله لمصالحهم السياسية الضيقة والدين منهم براء لأنهم سراق سلطة وأصحاب نفوذ وهيمنه وإستغلال وإستحواذ . وبرنامجهم السياسي هو فقرة واحده لا غير وهي (إطلاق الأساءات للعلمانيين بمناسبة أو دون مناسبة) وهم وليس سواهم مغتصبي حقوق المرأة وحقوق المواطن ومصادري حق الشعب في العيش الكريم من منطلق الأقرباء أولى بالمعروف .

ومن هذا على دعاة الديمقراطية الحقة والوطنية الصادقة :
أفراداَ أو جماعات تنظيمات أو حركات سياسية سواء كانت في داخل الوطن أو في الخارج بأن تضع حداَ لتشتتها وتباعدها لاسيما وأن الظرف مؤاتي لتقاربها لقرب إنتخابات مجالس المحافظات ، إنها بحق منعطف سياسي تمر به البلاد ، يتطلب دوراَ وجهداَ جماعياَ ذو طابع عملي وميداني وعلى كافة الصعد ، تتظافر به جميع الجهود ويكون مؤثراَ وفاعلاَ في تجميع القوى والتأثير على الناخب العراقي في المشاركة في الأنتخابات من أجل أن تكون النتيجة لصالح قوى اليسار والديمقراطية وكل من يناضل من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية . وعندما تتوحد جهود دعاة الديمقراطية الحقة سيلتف الشعب حولها لأنها هي التي تحقق طموحاته وتطلعاته . وأن توحيد الجهود وتنسيق عمل قوى اليسار والديمقراطية لا يحتاج إلى مختبرات وتجارب وإنتظار نتائج أن الحياة قد زكت هذه القوى والممارسة الحية هي التي تخلق حالة التقارب بين هذه القوى . لاسيما وإنها تحمل مشروعاَ وطنياَ صادقاَ وهو تحقيق طموحات الشعب و بناء الدولة المدنية الديمقراطية .

فلتبدأ هذه القوى وكل من موقعه في أول خطوة عملية لها هو في توحيد خطابها الأعلامي وهو ضرورة هامة لا تقبل التأجيل في هذا الظرف الأنتخابي بالذات في المعركة الأنتخابية و مما له من تأثيرات إيجابية على الناخب العراقي وتبصيره ودفعه للمشاركة في العملية الأنتخابية وتعبئة الشعب لها وفي فضح التزوير والتلاعب في العملية الأنتخابية . إن توحيد الخطاب الأعلامي هو خطوة هامة في سلم العمل المشترك لقوى اليسار والديمقراطية وهو خطوة عملية لتوحيد كل الروافد في مصب واحد لأحداث إنعطافه في موازين القوى في داخل المجتمع لصالح الفكر والثقافة الديمقراطية . وإنها بحق هي التمرين الأول للأنعطاف السياسي الكبير وهو التهيئة والأستعداد للأنتخابات البرلمانية في العام القادم . ليكون موقع مؤثر في صنع القرار داخل البرلمان لقوى اليسار والديمقراطية وهي القادرة عملاَ وليس قولاَ من حل أزمات البلد السياسية وتحقيق طموحات الشعب وبناء الوطن والمحافظة على ثرواته , وتحقق له السيادة الكاملة بأنهاء الأحتلال , وتضع الأسس السليمة لأقامة النظام الديمقراطي التعددي التداولي الفيدرالي وتبني الدولة المدنية الديمقراطية . فلنبدأ من الآن بتنسيق الجهود والعمل المشترك على صعيد البلد الواحد في المهجر أو على مستوى المدينة الواحدة في داخل الوطن ولننسق مع حركة مدنيون من أجل تحقيق النجاحات في الأنتخابات.
 


2-8-2008


 

free web counter