| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

الأثنين 29/10/ 2007



القوى اليسارية والديمقراطية العراقية دورها
وتأثيرها الجماهيري والسياسي

فلاح علي

طبيعة الأحداث التي يمر بها البلد ليس كونها معقدة ومتشابكة فحسب وإنما هي متغيرة بأتجاهات غير واضحة الرؤيا وقد تأخذ منحى قد يكون عاصفآ وضارآ إرتباطآ بأزمة البلد السياسية وطبيعة القوى المتنفذة و بالتدخلات الأقليمية والدور السلبي لقوى الأحتلال . كونها قوات محتلة فأنها تعقد اللوحة السياسية والأجتماعية والأقتصادية في البلد و تسهم في عرقلة حل أزماته دون وضع حل جذري لها وهي وراء حالة الأنقسام في المجتمع ورعايتها لنهج المحاصصة الطائفية والحزبية الضيقة التي كرستها نهجآ وممارسة قوى الأسلام السياسي والقوى القومية لمنطلقات ذاتية وفئوية بعيدة عن مصالح الشعب والوطن .

وتلقت هذه القوى الطائفية المتنفذة دعمآ وتشجيعآ من قوى الأحتلال لهذا النهج التدميري من أجل إستمرار الأزمة السياسية وهذا ما يخدم أجندة الأحتلال القريبة والبعيدة المدى في العراق والمنطقة .

الشروط مؤاتية لتوحد قوى اليسار والديمقراطية على أساس برنامج وطني ديمقراطي :
الوطن ينتظر دور و فعل وحراك هذه القوى داخل المجتمع وإيجاد صيغ للتنسيق فيما بينها سواء كان ( تحالفات – تقارب – تكتل – تنسيق ) . على أن يتم إزالة مناخ الركود فيما بينها أولآ بفتح حوارسياسي جاد بعيدآ عن التحامل والعصبوية التي تسمم الأجواء . إن فتح باب الحوار والنقاش هي ضرورة نابعة من واجب تقدير كافة مناضلي هذه القوى أيا كانت قناعاتهم منطلقين من مصالح الشعب والوطن في هذا الظرف العصيب  .

وأن الحركة الجماهيرية الشعبية التي تعول عليها هذه القوى في عملية التغيير لا يمكن لها أن تنمو وتتطور وتفك أسر قيودها ما لم تنظم هذه القوى نفسها وتنسق قواها على أساس برنامج وطني ديمقراطي ينقذ البلاد من الأزمة الراهنة .

وأن تأريخ الشعوب القديم والحديث يؤكد بما لايقبل الشك إنه لاتوجد قوى حية في المجتمع تتبنى مصالح الجماهير والحفاظ على الوطن وثرواته وبنائه وتطوره وإزدهاره غير قوى اليسار والديمقراطية .

ما هي المهام التي توحد قوى اليسار :
إن اليسار في نهاية المطاف هو الديمقراطية وبناء مؤسسات الدولة على أساسها ومهمة اليسار هو الدفع في الديمقراطية إلى أقصى حدودها أي تجذيرها ولا ديمقراطية حقة دون شمولها كافة مجالات الدولة والمجتمع وفي المجالات الأجتماعية والأقتصادية والثقافية وضمان الحريات الأساسية في المجتمع وحق المرأة وضمان حق العمل والعيش الكريم وتطور المجتمع ..... إلخ .

إذآ يناضل اليسار من أجل الحريات والنضال ضد الأستبداد السياسي وضد الأستغلال ومن أجل النظام الديمقراطي والتطور والتقدم وتلك هي الغاية الأساسية لفعل ودور اليسار .

فاليسار هو ليس شعارات وعبارات وجمل ثورية رنانة ترفع وتكرر في مناسبة ودون مناسبة وترديد مقولة المصالح الجذرية للعمال والفلاحين وهم لم يحصلوا بعد على تلبية حاجاتهم الضرورية للعيش كالعمل والضمان والأمن والسلام والحرية وحرية التنظيم النقابي أي كيف بنا أن ننادي بالمصالح الجذرية قبل تلبية المصالح الآنية وتحقيق برنامج الحد الأدنى وتجذير الديمقراطية . اليسار هو ليس قفزآ على الواقع الذي يعيشة المجتمع وليس العمل من خارج المجتمع .

اليسار قبل غيره هو من يحلل بشكل علمي وضع المجتمع ومعرفة تأريخة وتطورة وتكوينة وطبيعة الصراع وتطلع الناس وسلوكهم وحاجاتهم ومزاجهم .... إلخ وعلى ضوء ذلك يضع برنامجة الديمقراطي وخطة السياسي وأدوات نضالة وبلا شك فهو قادر قبل غيرة من رسم صورة المستقبل أيضآ .

وبهذا يكون اليسار بلا معنى إذا بقى مجرد شعارات وجمل ثورية :
إذا لم يعرف طبيعة الصراع الجاري في البلد و بهذا فهو لايستطيع أن يحدد مهامة إذا لم يعش في أعماق الجماهير ويخوض نضال يومي ملموس معها في المجالات الأقتصادية والأجتماعية والسياسية وفي المجال الوطني . من خلال خط سياسي وبرنامج وإستراتيج وتاكتيك تستهدف بمجموعها تحقيق المهام الوطنية والتقدمية في البلاد .

القوى اليسارية وتأثيرها في المجتمع العراق :
الموضوعية والواقعية والوطنية الحقة تتطلب قول الحقيقة التي لا يختلف عليها إثنان أن الثقل الجماهيري والسياسي للقوى اليسارية في العراق تأريخيآ وحاضرآ يتمثل في الحزب الشيوعي العراقي كأحد قوى اليسار حيث تجذر وجوده في المجتمع وكان له دور فاعل في كل نضالات شعبنا وساهم بتضحياته الجسام في صنع تأريخ العراق الحديث . إلا أن الضربات الكبيرة التي وجهت للحزب وللقوى الديمقراطية قد أسهمت في إضعاف مواقع اليسار مع 35 عام من حكم نظام دكتاتوري دفع الحزب وقوى اليسار والديمقراطية للعمل السري مع تشغيل ماكنة الدعاية الأعلامية المعادية وتضليل الناس وتغييبهم وتبنيه للحملة الأيمانية الزائفة قد ساهم عمدآ في تجهيلهم وهذا مما قوى مواقع قوى الظلام وتنامي دور الأسلام السياسي بتياراته المتشددة التكفيرية والمعتدلة .

وتيقن هؤلاء أن اليسار سائر في طريق الزوال لأنهم ظنوا أن اليسار عندما يضعف تنظيمه من خلال القمع سوف ينتهي وتناسوا أن لليسار جماهيرية كبيرة وجذوره عميقة في المجتمع .

لكن اليسار بقى في الساحة :
يحق لكل قوى اليسار والديمقراطية في داخل العراق والمنطقة أن تفتخر بالحزب الشيوعي العراقي حيث بعد أن تيقن الحزب أن إسلوب النضال السلمي من أجل الديمقراطية بات مسحيلآ فقد مارس بديلآ عن ذلك إسلوب الكفاح الثوري . وهذه هي أحد السمات الجوهرية التي تؤكد بما لا يقبل الشك على حيوية وفاعلية الحزب الشيوعي العراقي في المجتمع العراقي . وقد جسد هذه المقولة النظرية في ذلك الظرف إلى ممارسة عملية فبسرعة فائقة  إنتقل من إسلوب نضالي سلمي بعد فشل الجبهه الوطنية إلى إسلوب ثوري وشكل تنظيماته العسكرية بأسم ( قوات الأنصار ) . وإنخرط فيها رفيقات ورفاق الحزب وغالبيتهم كانوا في عمر الزهور وسجلوا ملامح بطولية نادرة من أجل رفع راية الشيوعية في العراق التي بقيت مرفوعة دائمآ في أقسى الظروف وفي ظل أعتى الدكتاتوريات والخلاص من الدكتاتورية وبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد وكان نضال الأنصار الشجعان بحق سجل صفحات مشرقة في تأريخ النضال السياسي لا يستطيع تجاوزها أي باحث في تاريخ العراق السياسي الآن أو مستقبلآ .

بهذه الممارسة الثورية للحزب الشيوعي العراقي :
قد جسد حقآ إنه يمثل اليسار بكل ما تعنيه الكلمة لأنه ليس فقط يردد شعارات وإنما هو جسدها إلى واقع فالسياسة ترسم على ضوء الظرف الملموس الذي يمر به البلد والمجتمع . وهو الآن كونه أحد قوى اليسار والديمقراطية الفاعلة إستطاع وبظرف زمني قصير أن يكون أحد القوى الفاعلة سياسيآ على الساحة له حضور متميز . ما يمتاز به الحزب الشيوعي العراقي كون له جذور قوية في المجتمع فهو قبل غيره لديه معرفة بطبيعة المجتمع العراقي وبتأريخه وتكويناته لهذا فهو يضع برنامجه السياسي وخطه السياسي على ضوء هذه الرؤية السليمه فنراه هو يعبر بشكل سليم عن حاجات الناس وتطلعاتهم ورؤيته الصائبة حول بناء الوطن وشكل نظام الحكم وينظر للمستقبل بتفائل وبثقة عالية بالشعب . وما يملكه أيضآ من مرونة وقدرة في تغير نضاله من شكل لآخر حسب الظرف الملموس .

الساحة العراقية لا تخلوا من قوى أخرى لليسار وقوى ديمقراطية :
مهما يقال عن حجم هذه القوى كونها بلا جماهير بلا تنظيمات واسعة وقد يقال إنها مجاميع متناثرة في الداخل وأفراد وشخصيات في الخارج . فأن إجماع هذه القوى على برنامج ذو وجهه سياسية وفكرية سليمة ولنذكر على سبيل التحديد المشروع الوطني الديمقراطي الذي طرحة الحزب الشيوعي العراقي الذي يشكل رؤية ومنطلق سليم لأنقاذ الوطن وبناء البلد ويشكل قاسم مشترك يلتقي عليه من لديه حرص على الوطن والشعب ومن يتطلع لبناء عراق جديد ديمقراطي ووطن حر . إن فتح باب الحوار على أرضية هذا المشروع وإغنائه وتطويره وتحديد الأولويات لغرض التنسيق للأنطلاق للعمل الموحد إنه بحق سيشكل رافد مهمآ وسيلتقي حولة السخط الشعبي الكبير من جماهير الشعب من أجل إحداث التوازن في مراكز القوى لصالح قوى اليسار والديمقراطية .

الظرف الراهن بحاجة لفعل قوى اليسار والديمقراطية :
لا يختلف إثنان إن الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد والمأزق الخطير الذي يمر به الوطن نتيجة سيناريوهات خارجية يرددها من تضخم وإنتفع وكون له مراكز نفوذ نتيجة دعم هذه القوى الخارجية له وفي ظل تدهور الوضع الأجتماعي والأقتصادي والصحي لفئات عريضة من القاعدة الشعبية وبهذا فأن قسطآ من السخط الشعبي الذي كان متجهآ صوب تيارات الأسلام السياسي الذي تيقن الآن إنها قد خدعته في شعاراتها الأنتخابية وإنتفعت هي ومن حولها بالسلطة والمال والأمتيازات في حين ظلت هذه القاعدة الشعبية محرومة من أبسط حقوقها في العمل والخدمات . هذا عدا أن الظرف السياسي الحالي يسمح بالنشاط السلمي ويسمح بأيجاد أشكال من التنسيق والنشاط من أجل العمل مع الجماهير وتشكيل ضغط جماهيري كبير لفك أسر الشعب من قوى الظلام والميليشيات والتنسيق بشكل مشترك مع القوى الأخرى للمساهمة في حل الأزمة السياسية وإنقاذ الوطن .

من أجل إنعاش الحركة الجماهيرية وتعزيزها فلتكن قوى بناء البديل الديمقراطي متواجدة  جميعآ معها كما هو حال الحزب الشيوعي العراقي الذي يعيش وإياها في أعمق أعماقها في المدن والأحياء الفقيرة والأرياف . وبهذا تعبر قوى اليسار والديمقراطية عن نفسها بفعل جماهيري ملموس من خلال توحيد وتنسيق جهودها من أجل الدفاع عن مصالح الجماهير وتكون معها وتقود نضالها في كل شكل من أشكال مطالبها .

المستقبل مع قوى اليسار والديمقراطية :
ما تملكه هذه القوى من أهداف إنسانية نبيلة ورؤية مستقبلية لعراق الغد وهذا ليس حلم وإنما حقيقة من حق شعبنا أن يعيش في مكان آمن تحت الشمس كما عاشت قبله شعوب الأرض وإمتلكت ناصية العلم والمعرفة والحرية والديمقراطية وبنت تجارب وصروح دول متطورة  إحتلت مكانتها في العالم وأسعدت شعوبها .

إن هذه القوى مهما يكن حجمها الآن في العراق وقد تظهر بعض قواها بسيطة فأن بتنسيق وتظافر قواها ونشاطها فأن المستقبل معها . لأن المستقبل مع النضال الشعبي وحركة الجماهير المنظمة الواعية في نضالها من أجل تحسين ظروفها الأجتماعية والأقتصادية والصحية وحقها في التنظيم النقابي وحريتها في التعبير وحاجتها لدولة العدل والقانون وبناء الديمقراطية والعدالة الأجتماعية والتقدم والأزدهار . هذه هي من برامج قوى اليسار والديمقراطية وإن الأوهام والتضليل وزيف الشعارات والخوف من الميليشيات وقوى الظلام بدت تزول من أوساط كبيرة واعية في صفوف الجماهير . فعلى قوى اليسار والديمقراطية أن تبادر في العمل على تنسق جهودها في نشاطات مشتركة وليكن لها فعل ودور وتأثير في إنقاذ الشعب والوطن . ولا توجد قوى سياسية أخرى في العراق تستطيع إنقاذ الوطن وبناء دولة العدل والقانون سوى قوى اليسار والديمقراطية وكل النماذج الأخرى في العراق والمنطقة قد فشلت هي وأدواتها وشعاراتها وأدخلت شعوبها في مطبات مرعبة من البؤس والحرمان والمرض والجهل والتخلف والأستغلال والأضطهاد والفساد والجريمة ونهب الثروات والحروب .

28-10-2007 .





 


 

Counters

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس