| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

الجمعة 25/12/ 2009



مهام قوى اليسار والديمقراطية في الظرف الراهن
ودورها في بناء العراق الجديد

فلاح علي

أن الخارطة التي وضعت لرسم مستقبل العراق بعد إحتلاله لقد بدأت ملامحها في الايام الاولى من الاحتلال في الوقت الذي كان الشعب يعاني ظلم الدكتاتورية , ووضعت آليات لتنفيذ هذه الخارطة في ظل الصراعات وإختلاف الرؤى وسيادة الفوضى وتنوع منشئ هذه الآليات , فأنعدمت الرؤيا لدى الكثيرين وأوكلت مهمة تنفيذ السناريوهات لأبطال (المحاصصة الطائفية والقومية) . وقد أسهمت هذه القوى في إطالة معاناة الشعب وتعقد الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلد . وعمقوا كوارثه وعرضوا الوطن للمخاطر والحق يقال أن الحزب الشيوعي العراقي , منذ الايام الاولى للاحتلال قد شخص مخاطر المرحلة ووضع رؤى وتصورات للخروج من خطورة المرحلة وإنقاذ الشعب والوطن وقيادة البلد إلى برالامان وفرض حالة الامن والاستقرار ووضع الخارطة الوطنية لبناء الدولة الحديثة ونظامها الديمقراطي الفيدرالي , لكن إرادة الاحتلال ومصالح الدول الاقليمية وذاتية وأنانية القوى الطائفية والقومية هي الاقوى .

ما الذي حصل :
الذي حصل هو أن كل قوى الاسلام السياسي والقوميون الذين ملؤوا الدنيا صخباَ إنهم ديمقراطيون ولكنهم في الواقع كانوا ولا يزالون يهرولون بأتجاه المشروع الاميركي- الايراني التركي وحتى السعودي . ومعهم الانتهازيون والوصوليون والنفعيون كل هؤلاء تبنو شعار هتلر الذي رفعه في عام 1939 عندما طالب بميناء( دانتزيخ ) الواقع في بولونيا . وقد إحتلت قواته الاراضي البولونية وسيطر على الميناء بالقوة في 1-9-1939 . والشعار هو ( مدفع جاهز للاطلاق أقوى من ألف وثيقة حق) إنها استراتيجية تهدف إلى ( بسط النفوذ والهيمنة والتفرد والاستئثاروإستخدام القوة في الامساك بالامتيازات والسلطة) . أن أبطال المحاصصة الطائفية والقومية تبنوا هذا الشعار من حيث المحتوى دون أن يعلموا بخطورته ولكن هدفهم كان ولا يزال الأنقضاض على السلطة وفرض إستبدادهم الجديد على الشعب من خلال تقاسم المواقع فيما بينهم وكأن العراق وشعبه مُلك لهم ولعوائلهم وتنظيماتهم وحاشيتهم , الذي وقف مع حق الشعب والوطن هو طرف واحد سيأتي يوم يعرف كل الشعب هذا الطرف الوطني الاصيل , ( إنه الحزب الشيوعي العراقي ومعه الديمقراطيون الحقيقيون) . فقد وقف الحزب ضد التفرد و الاحتكام للقوة في الصراع من أجل السلطة , وطرح تفضيل مصالح الشعب والوطن من خلال الحوار والحكمة وترجيح العقل . أي كان الشيوعيون والديمقراطيون ولا يزالون مع (وثيقة الحق) حق الشعب في الامن والاستقرار والحرية والديمقراطية والسلام والعيش الكريم , وحق الجميع في الشراكة في هذا الوطن المتنوع الاديان والقوميات والافكار والثقافات . وإستغلت قوى الظلام صراع الكتل الكبيرة على المنافع وصعدت من عملياتها الارهابية منذ ذلك التأريخ وإلى الآن . وتؤكد التجارب أنه كلما يتم الابتعاد عن الديمقراطية كلما يتصاعد العنف والارهاب والعملية هنا طردية . وزاد من تدخل دول المنطقة في الشأن الداخلي العراقي , ومن أهم ملامحة هوعدم إستقرار الوضع الامني في العراق .

ملامح يعرفها الجميع لا بد من تأ شيرها :
أن هذه القوى غير قادرة على بناء النظام الديمقراطي في العراق , ليس لأنها قوى طائفية وقومية وغير ديمقراطية فحسب وإنما هي تحمل رؤى إستبدادية إقصائية متأصلة في الظروف التأريخية لنشأتها هذا أولاَ وثانياَ إنها مرتهنة لقوى إقليمية لا تفهم هذه القوى الاقليمية من الديمقراطية وحقوق الانسان سوى اللفظ فقط لاغير . وثالثاَ أن هذه القوى الطائفية والقومية مع المشروع الاميركي في العراق والمنطقة وتنظر هذه القوى للولايات المتحدة الاميركية إنها الحاكم المطلق الصلاحيات العسكرية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والاعلامية ويعتبرونها بديلاَ عن مجلس الامن . ورابعاَ وهو الاهم إنهم يريدون تطبيق تجربة الحكم في الولايات المتحدة الاميركية ويعتبرونها دولة ديمقراطية ولكن من حيث الجوهر أن الولايات المتحدة الاميركية دولة غير ديمقراطية لأنها عملت على إضعاف التنوع الفكري والسياسي في المجتمع الاميركي وأجبرت الشعب على التصويت لواحد من الحزبيين ( الجمهوري والديمقراطي) أي ديمقراطية هذه في دولة عظمى لا يوجد فيها إلا حزبين قادران على خوض الانتخابات , وهذا هو ضعف جوهري داخلي في نظام الحكم الاميركي, أن قاطرة النظام الاميركي ومصدر قوته ليس الشعب وإنما الشركات الاحتكارية الكبرى . أن الطائفيون والقوميون أدوات تنفيذ للمشروع الاميركي الايراني في العراق والمنطقة , إنهم ممتثلون للقرار الاميركي والمثال لهذا الامتثال هو ( قانون الانتخابات الاخير وفي مادته الاولى والثالثة ) يعمل على إضعاف التنوع الفكري والسياسي في المحتمع , ويرسم ملامح ظهور قوى إستبدادية جديدة . وهذا يشكل إرتداد على الديمقراطية وبناء النظام الديمقراطي التعددي . ( في كل الدول الديمقراطية النظام الانتخابي يشرع على مبدأ البلد دائرة واحدة وإعتماد النسبية ) إلا في الدول التي تدعي الديمقراطية وهي من حيث الجوهر إستبدادية ( ومنهما أمريكا القائمة على إحتكار الشركات الكبرى والعراق القائم على إحتكار كتل المحاصصة الطائفية والقومية الكبرى) . أن قانون الانتخابات غير ديمقراطي ويصادر حق التنظيمات السياسية في مصادرة أصواتها . عدا ذلك ( لاحظوا مبدأ الكوتا السيئ الصيت يعطي للآزيدية مقعد واحد وللصابئة مقعد واحد وللكلدان والاشوريين والسريان 5 مقاعد ) . هذا ظلم فاحش ومصادرة للحقوق القومية ( بأمكان الازيدية بدون كوتا أن يحصلوا على ثلاث مقاعد ونفس الشيئ للصابئة المندائيين وحتى المسيحيين بأمكانهم بدون كوتا أن يحصلوا على أكثر من 9 مقاعد ظالمة ) وهذا ليس مثلب فقط وإنما هو الانقضاض على الديمقراطية بأسم القانون وتهيأة مستلزمات ظهور أقطاب شمولية إستبدادية معادية للحرية والديمقراطية والتنوع في المجتمع وبالتالي إستمرار لمآسي الشعب من خلال مزيداَ من الخصخصة ونهب ثروات البلد وإضعاف دور الدولة في الاقتصاد والخدمات والخضوع لآليات العولمة صندوق النقد الدولي والبنك والدولي ومنظمة التجارة العالمية وما ينتج عن ذلك مزيداَ من التهميش الاجتماعي ومزيداَ من الفقر والبطالة وإرتفاع الاسعار , هذه القوى الطائفية والقومية عراقية في الاسم وأمريكية في الجوهر .

أن القوى الطائفية والقومية هي بلا جذور جماهيرية :
إن هذه القوى في كل يوم يمر تنعزل فيه أكثر فأكثر عن الجماهير الشعبية لأنها تتحمل المسؤلية الاولى عن تردي أوضاع الجماهير كون هذه القوى ممسكة في السلطة ومنذ سبعة سنوات وإلى اليوم فأن البطالة في صفوف الشباب هي في تزايد مستمر , مع تردي الاوضاع الاجتماعية ( الفقر الحرمان غياب أو ضعف الخدمات , الكهرباء الصحة السكن والتعليم وحتى النقل ..... إلخ) . فقدان الثقة بهذه الاحزاب من قبل الشعب هي في تزايد مستمر مصحوبة بفقدان الامل في التعويل على هذه الاحزاب من أجل التغييير , وأن هذه الاحزاب وممثليها في البرلمان هي لا تمثل الشعب لهذا هي في عزلة وفي وضع لا يحسد علية . ومن نقاط ضعفها إنها بلا برامج سياسية وإنها ترفع شعارات تسويقية إنتخابية فقط , وإنها أدوات لدول أقليمية . قد يطرح سؤال كيف هي في عزلة وقد فازت في إنتخابات مجالس المحافظات والآن هي شكلت تحالفات من أجل الفوز في الانتخابات البرلمانية؟ الجواب لايحتاج إلى مختبرات تحليلية المعطيات التي تؤكد عزلتهم يعرفوها هم ويعرفها الواعون من أبناء شعبنا وواحدة من هذه المعطيات هو الدعم والاسناد الاقليمي لهذه القوى , كما أن هناك فئات إجتماعية واسعة في الريف العراقي , نتيجة الفقروالعوز والحرمان بسبب التصحر والجفاف وإنحسار الاراضي الزراعية والبطالة وإنتشار الامية والجهل تتطفل قوى الاسلام السياسي على هذه الفئات وتخدعها وتوظفها كأحتياطي لها , ولكن الحياة وتجارب الشعوب تؤكد أنه كلما إرتفع الوعي الجمعي في المجتمع كلما إنحسر نفوذ قوى الاسلام السياسي والعملية طردية . كما يدرك شعبنا أن هذه القوى والدول الداعمة لها يتحملان مسؤولية تردي الوضع الامني لأنهم فسحوا المجال لتدخلات هذه الدول في الشؤون الداخلية للبلد , وهذا ساعد على إختراق الحدود وعدم السيطرة عليها وتسلل الارهابيين , وإبتعادهم عن الاساليب الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية في بناء مؤسسات الدولة وحل الازمات .

مهام قوى اليسار والديمقراطية في الظرف الراهن :
1- أن الخطوة العملية الاولى الآنية والملحة الآن لهذه القوى هو إقامة وحدة عمل وتعاون مشترك فيما بينها , والمدخل لذلك هو التهيئ لعقد إجتماع لهذه القوى الآن ويعقد أثناء الحملة الانتخابية , وتجري له تغطية إعلامية واسعة , وتصدر القوى المجتمعة بيان يدعوا الشعب للتصويت لقوائم القوى اليسارية والديمقراطية وإذا كانت فقط إتحاد الشعب التي ستخوض الانتخابات عن هذه القوى فالدعوة تكون التصويت لاتحاد الشعب مع تعبأة كل طاقات وإمكانيات هذه القوى لخوض الحملة الانتخابية , من أجل توسيع وتجذير قوى اليسار والديمقراطية في المجتمع العراقي وأن يكون لهذا التيار ممثلين في البرلمان , وهذا يؤشر إلى جماهيرية قوى اليسار والديمقراطية في المجتمع .

2- أن تحقيق التقدم على طريق بناء نظام ديمقراطي تعددي تداولي , في أبعاده السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية والثقافية يتطلب في المرحلة الراهنة , العمل الدؤوب من أجل تغيير موازين القوى في المجتمع لصالح جماهير الشعب وقوى اليسار والديمقراطية . وهذه هي من أهم المهام الآنية لقوى اليسار والديمقراطية .

أن تغيير موازين القوى في المجتمع هي جوهر نضال قوى اليسار والديمقراطية في الظرف الراهن وهذا يتطلب تهيئة مستلزمات وإنجاز عدد من المهام :

- مهمة تطوير دور المؤسسات المستقلة للطبقة العاملة ( النقابات العمالية وإتحادها العام ) وبقية مؤسسات كادحي شعبنا وفلاحية والفئات الاجتماعية الاخرى ومنظماتها المهنية . وهذه تتطلب العمل المثابر وسط هذه المحتشدات , وإبداع أشكال جديدة للتنظيم تساعد على التوسع والتمركز بين هذه الحركة الواسعة وإيجاد أشكال للعمل المشترك بينها وتعميق التضامن , وبذل جهود على الصعيد التنظيمي و الفكري والاعلامي والاجتماعي .

- ثم تبدأ بعد هذه الخطوة التي تحتاج لجهود ميدانية مضنية المهمة الثانية هي تنظيم وتفعيل الاعمال الاحتجاجية الجماهيرية السلمية , وتنبثق من هذا العمل الاحتجاجي وحدة المطاليب والتوجه ووحدة القيادة الميدانية ونبذ التقسيم والتخندق والعزلة وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني وبعد إنجاز هذه المهمة يجري سد الطريق على الدولة والوقوف بوجه تدخلاتها لشق الحركة الجماهيرية الموحدة الصاعدة .

- ويرافق ذلك نشاط إعلامي وتثقيفي جماهيري في المدن والارياف وأحياء الثقافة الوطنية ونشرها وتنشيط حركة المسارح والفن والشعر والادب .والضغط على الدولة والمؤسسات الاخرى لدعم هذه النشاطات ونشر ثقافة حقوق الانسان وحقوق المرأة .

3- أي أن المهمة الاهم في الظرف الراهن لهذه القوى هو الارتقاء بعملها لتشكيل قطب يساري ديمقراطي لأنه لا يمكن بناء نظام ديمقراطي حقيقي بدون قطب يساري ديمقراطي ضاغط ومؤثر وفاعل في المجتمع تبقى كل المهام تمنيات وطموح إذا لم تتقوى مواقع قوى اليسار والديمقراطية في المجتمع , وأحد الوسائل في هذا الطريق هو وحدتها و تشكيل قطب يساري ديمقراطي , يقام وفق آليات نضالية وبرنامج سياسي يتفق علية على أن يمتلك هذا القطب إعلاماَ جماهيرياَ فعالاَ( التلفاز والوسائل الاخرى) .

4- وتبقى الحيوية والابداع في العمل والنشاط الميداني وليس في التنظير , ولكن الافكار مطلوبة وضرورية في هذا الظرف السياسي المعقد الذي بدأت فيه القوى الاقليمية منذ عدة سنوات بتشكيل أقطاب طائفية وبعضها قومية في العراق , أي أن هناك عقل سياسي إقليمي يخطط ويدعم هذه القوى .فلماذا قوى اليسار والديمقراطي إلى الآن لم تشكل قطباَ لها؟ مع الاشارة لجهود الحزب الشيوعي العراقي في هذا المجال ولكن بعض القوى التي إدعت الديمقراطية هي من حيث المنشأ ( برجوازية غير ديمقراطية) . فأظلت الطريق , وفضلت ذاتياتها على مصالح التيار الديمقراطي ومصالح الديمقراطية الحقيقية وركعت لوعود الاسلام السياسي (الذي لايفهم من الديمقراطية وحقوق الانسان إلا الاسم لا غير) وعلاوة على ذلك قد أنهت نفسها بنفسها , وهي بأنتظار المحاسبة القاسية للذات قبل محاسبة منتسبيها وجماهيرها لهالأنها خدعت نفسها وأعضائها وجماهيرها وأظلت الطريق من منطلق ذاتي .

أن تشكيل قطب يساري ديمقراطي حقيقي سيسهم في نهوض الحركة الجماهيرية ويعمق الفرز في المجتمع بأتجاه الفكر اليساري والديمقراطي ويساعد على بروز اصطفافات جديدة داخل القوى الاخرى , ويكون الضمانة الاساسية لبناء العراق الجديد القائم على التنوع وتشييد نظامه الديمقراطي التعددي التداولي الفيدرالي .
 


25-12-2009 .





 


 


 

free web counter