| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

                                                                                    الخميس 24/2/ 2011



التغيير الديمقراطي مسار الاتجاه الحالي
في الشرق الاوسط
(1)

فلاح علي

أن التطورات والتحولات السياسية التي حصلت في تونس ومصر , على ضوءالتظاهرات والاعتصامات الجماهيرية الواسعة ,التي قادها الشباب وبمشاركة كافة الفئات الاجتماعية والطبقة العاملة في البلدين , وادت الى انتصارالشعبيين التونسي والمصري على انظمتهما الدكتاتورية واسقاطهما بالاحتجاجات السلمية وصنعهما للتغيير الديمقراطي في البلدين , اصبح هذا النموذج مثالاَ يقتدى به وامتد تأثيره الى بلدان اخرى في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ,والتي تشهد ساحاتها الاحتجاجات الجماهيرية السلمية ومنها العراق, هدف هذه الاحتجاجت الجماهيرية ذات المشاركة الواسعة هو لتغيير الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالاتجاه الديمقراطي وبالطرق السلمية .

ملامح التغييرات الحالية في منطقة الشرق الاوسط :
من خلال متابعة الاحداث و نتائجها ورصد مسارالتطورات والتحولات التي حصلت في تونس ومصر والتي ادت بانتصار الشعبيين باحداث التغيير الديمقراطي في بلديهما , ظهرت حقائق ساطعة في هاتين الساحتين أشرت الى ملامح اساسية التي توسمت بها المتغيرات , والتي ستحمل نفس سماتها التطورات القادمة والتي تشهدها غالبية بلدان المنطقة ومن هذه الملامح التي تم رصدها واشرتها الاحداث هي :
1- ان الاوضاع المتردية الاقتصادية والاجتماعية وانعدام الخدمات واستشراء ظاهرة الفساد الاداري والمالي واتساع ظاهرة البطالة والفقر والجوع والجهل التي عانا منها هذين الشعبيين , سببه هو الانظمة السياسية وقوانينها اللاديمقراطية ومصادرتها لحقوق المواطنيين وحرياتهم . لهذا كان هدف المتظاهرون في هذين البلدين هو احداث التغيير الديمقراطي في النظام السياسي وبطريقة سلمية , وهذا الملمح الذي سيشكل هدف التحركات الجماهيرية في كل دول المنطقة .
2- أن التطرف والمتطرفون من احزاب الاسلام السياسي وكل دعاة التطرف لقد انهزموا وهزم معهم مشروعهم السياسي في هذين البلدين .
3- أكدت احداث تونس ومصر بانه لاتوجد هناك جاذبية لافكار التطرف الديني بين الشباب , ما اكدته الاحداث ان الشباب يتطلعون لنظام سياسي يضمن لهم الحقوق والحريات ويشيع الديمقراطية .
4- وحتى الاخوان المسلمين في تونس ومصر لم يرفعوا شعارات دينية , رغم انهما يوظفان الدين في السياسية ولكن حجم التحركات الجماهيرية كان باتجاه تحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمطالبة بالحقوق والحريات .
5- احداث تونس ومصر اكدت على ضعف حجج وذرائع كل المتطرفين وفي مقدمتهم القاعدة واحزاب الاسلام السياسي , بان هناك تعارض بين الديمقراطية والدين .
6- مصر كان يقال عنها انها قلعة حصينة للقاعدة وللاخوان المسلمين , ولكن تظاهرات ميدان التحرير باسلوبها السلمي وبشعاراتها الواضحة ( ارحل ارحل الشعب يريد اسقاط النظام .... الخ) اكدت تلك الاحتجاجات والتظاهرات في تونس وفي ميدان التحرير , انها بعيدة كل البعد عن آيدلوجية القاعدة والمتطرفون من الاسلام السياسي , الرافضين للديمقراطية والعلمانية , كما اكدت التظاهرات على طابعها السلمي وهذا يتعارض مع آيدلوجية القاعدة والمتطرفون الذين يدعوون للعنف والجهاد .
7- اكدت الاحداث ان كل المتطرفين من احزاب الاسلام السياسي ,الذين عزفوا ويعزفون على وتر الدين بما فيهم الماسكين بالسلطة السياسية , تنتظرهم اياماَ عصيبة لان مسار الاتجاه العام هو باتجاه التغيير الديمقراطي , وان اي رسالة سيرسلها المتطرفون والطائفيون لاحتواء تحركات الجماهير من خلال المناورات السياسية ستكون رسالة جوفاء لانه لايمكن الثقة بوعودهم .
8- ها هم الاخوان المسلمون في مصر وتونس ادركوا الدرس البليغ , بتلاشي جاذبيتهم وفشل مشروعهم وضعف مقاومتهم لتطلعات الشباب وفئات الشعب نحو التغيير الديمقراطي واطلاق الحريات , فقد قرروا في نهاية الاسبوع الماضي تأسيس حزب سياسي باسم ( الحرية والعدالة ) في مصر واعلنوا انه سوف لن يكون حزباَ طائفياَ وابدوااستعدادهم لقبول الدولة المدنية , وهم يعكفون الآن لتغيير برنامجهم واعلنوا عدم اعتراضهم على ترشيح مسيحي لرئاسة الجمهورية اذا فاز في الانتخابات رغم انهم لا يزالوا يعارضون تولي امراة منصب رئاسة الجمهورية , والمتوقع بان يكون حزبهم على غرار حزب ( العدالة والتنمية التركي) .
9- التغيرات التي حصلت في تونس ومصر جاءت مخيبة لآمال ايران ونظامها الاسلامي , لا بل اسهمت هذه الاحداث في اضعاف الدور الايراني في المنطقة , وآخر ضربة وجهتها جماعة الاخوان المسلمين في مصر لايران عندما اعلن في الاسبوع الماضي ناطق باسم الجماعة برفضهم ( للنموذج الايراني) في مصر واكد ان الجماعة تؤمن بالدولة المدنية التي سيكون فيها الشعب مصدر السلطات .
10- رغم لا تزال هناك شكوك حول مناورات الاخوان المسلمين في مصر ولا تزال هناك مخاوف حول حقيقة توجهاتهم , الا انهم امام ضغط الشارع المصري ارادوا الحصول على موطئ قدم فبدأوا باعادة النظر بسياستهم وتوجهاتهم وبرنامجهم وتنظيمهم , وحتى صلتهم بيوسف القرضاوي التي كانت زيارته الاخيرة الى مصر وصلاته في ساحة الميدان شكلت عبئ كبير عليهم واحرجتهم , من وجهة نظري التطورات اللاحقة ستدفع بهم لقطع صلتهم بالقرضاوي ليؤكدوا مصداقيتهم في تبنيهم للدولة المدنية التي يعارضها القرضاوي .
11- ما اكدته تجربة الشعبيين التونسي والمصري هو ان رياح الحرية والتغيير الديمقراطي السلمي وصلت الى غالبية دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا , وما تشهده المنطقة من احداث وتحولات متسارعة واتساع الاحتجاجات الجماهيرية في الجزائر وليبيا وايران والبحرين والاردن والكويت والعراق وستشمل السودان ايضاَ ... الخ , ما هي الا دليل على تأثير التطورات التي حصلت في تونس ومصر على دول المنطقة .
12- ان النموذجين التونسي والمصري رغم انهما اسقطى انظمتهما التي هي سبب في معاناة الشعبيين , فان من ضمن مزايا هاتين الانتفاضتين السلميتين هو انهما كشفا عن حجم الفساد المالي الممنهج في النظامين وكشف ارصدتهما في البنوك الدولية التي تقدر بمليارات الدولارات مالية حسني مبارك كحد ادنى 40 مليار دولار , وهذه احد العوامل الدافعة لحركة الجماهير في بلدان اخرى من اجل كشف المفسدين وانقاذ الوطن وثرواته من هؤلاء ومحاكمتهم علناَ .
13- اكدت تجربة تونس ومصر ان النظاميين الجديدين اللذان يديران المرحلة الانتقالية ويوهيئان لاجراء انتخابات برلمانية نزيهة باشراف دولي سيكونان مسؤلان امام شعبيهما وسيتعاملان بشفافية وعقلانية .
14- ان النظاميين سيسيران في ركب الانظمة الديمقراطية , والتي ستضمن الحريات والحقوق بما فيها حقوق الانسان وبشكل خاص حقوق المراة , وان النظام الديمقراطي القادم في مصر سيحدث تحولاَ جوهرياَ في منطقة الشرق الاوسط .
15- الخاسر الاكبر من التحولات في تونس ومصر هم الدكتاتوريون والفاسدون والارهابيون والقاعدة والمتطرفون من الاسلام السياسي بمختلف تلاوينهم وعلى صعيد الدول الخاسر الاول هو النظام الايراني لانه كان يعول على حركة تغيير دينية في مصر .
16- من وجهة نظري ان النظام المصري الجديد سوف لن يلغي معاهدة السلام مع اسرائيل , ولكنه سيحترم نفسه ولا يذهب بعيداَ في العلاقة مع اسرائيل كما فعل نظام حسني مبارك الذي أغلق الحدود اثناء حصار غزة ومنع وصول المساعدات الانسانية , سيلعب النظام المصري الجديد دور أقل تبعية لاسرائل وامريكا واكثر ايجابية في مواقفة من اجل حل القضية الفاسطينية واقامة السلام العادل في منطقة الشرق الاوسط , وسيؤثر ايجاباَ على الاوضاع الداخلية لدول المنطقة , والمثال القريب هو قيام الحكومة الانتقالية في مصر بارسال المواد الطبية والغذائبة الى المنتفضين في ليبيا من خلال منطقة السلوم الحدودية ونفس الشيئ قدم النظام الجديد في تونس المساعدات الانسانية للشعب الليبي المنتفض .


( يتبع)


23-2-2011
 

free web counter