| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

الأحد 23/12/ 2007



هل سيتوقف التدخل الإيراني في الشأن العراقي

فلاح علي

لم يعد التدخل الأيراني خافيآ أو مستورآ في الشأن الداخلي العراقي وقد إتخذ أشكالآ متنوعة وإتجه بخطوات متسارعة و متصاعدة . لكي يفرض أمرآ واقعآ ولأيران أهداف عديدة لهذا التدخل أحدها من وجهة النظر الإيرانية هو الحفاظ على المصالح القومية للدولة الإيرانية من خلال إعادة التوازن في المنطقة بما يخدم الإستراتيجية الأيرانية وأحد مرتكزات إعادة التوازن في المنطقة هو التدخل في شؤون هذا البلد . ولهذا فهي في تدخلها هذا تهدف إلى إرتهان هذاالبلد لأرادتها وتخضعه كورقة رابحة بيدها لمساومات من خلال مفاوضات دولية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها لتفرض إرادتها في عقد إتفاقيات تضمن لها مصالحها أو السماح لها بتنفيذ بعض مشاريعها  أوخططها الستراتيجية أو لبسط نفوذها وإستمرار دورها في مناطق أخرى كأن يكون لبنان أو إفغانستان أو منطقة الخليج أو لتخفيف الضغط والأشتراطات فيما يخص سلاحها النووي ...... إلخ وهي بهذا تقايض لأيقاف تدخلها في شؤوون بلدنا .
وما جولات المفاوضات الدبلوماسية التي عقدت في بغداد بين وفدي الدولتين إلا هي أحدى تجليات الدور الإيراني كلاعب أساسي في الظرف الحالي لتحديد مستقبل هذا البلد وتطوره .
ولا يخفى على أحد بعد غياب التوازن الدولي وسيادة القطب الواحد في ظل العولمة ، ان أصبح مبدأ التدخل يعد مبدءا معمولا به إرتباطآ بالإختلالات التي حصلت في القانون الدولي . فتلجأ الدول القوية للتدخل في شؤون الدول الضعيفة والفتية من منطلق الحفاظ على مصالحها القومية والهيمنة وفرض الأرادة والتوسع وهناك شواهد عديدة قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها على التدخل في مناطق وبؤر عديدة في العالم وبالضد من إرادة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية .
فأيران في ظل غياب القانون الدولي تمنح لنفسها الحق في التدخل الصارخ والمفضوح في الشأن العراقي لأعتبارات ودوافع عديدة . من هذا فأن التدخل الأيراني سيستمر ويتواصل وسيتخذ أشكالا وتجليات عدة . حسب مقتضيات المصالح القومية الإيرانية لا مصالح الشعب العراقي ومستقبل البلد فهي لا تترك للشعب العراقي حرية بناء نظامه السياسي وإستقلال الوطن وتطوره السلمي . ولا يوجد مؤشر أو معطيات في الظرف الحالي والمنظور بأن توقف إيران من تدخلها في الشأن العراقي .

ماهي أسباب التدخل الإيراني في الشأن العراقي :
إن الدافع الأساس لهذا التدخل هو إختلال في توازن القوى وهذا ما تراه الحكومة الإيرانية ، بدأ هذا الإختلال بعد دخول القوات الأمريكية العراق وإحتلاله. والدافع الثاني هو سقوط النظام الدكتاتوري من خلال الحرب .أي قد حصل تغيير في النظام السياسي العراقي فالتدخل هو الخشية من البديل ومن القوات الأمريكية هذا من جانب والجانب الآخر هو لتهيئة حلفائها الداخليين للوصول للسلطة السياسية الجديدة ولأحداث إختلال في ميزان القوى الداخلي يحسب لصالحها . ومن أجل المساومة في صفقات مع الأمريكان لاحقآ . وقد إطلق على هذا التدخل بالتدخل (الدفاعي) . وهذا ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية حيث تدخلت في غواتيمالا وكوبا عام 1961 . للدفاع عن النفوذ الأمريكي فيها . ولكن التدخل الدفاعي الإيراني لن يحصل إنعطافه حاسمة لصالحها السبب يعود لثقل التواجد الأمريكي في العراق وقوات أخرى متعددة الجنسية . وهذا ما دفع إيران في ممارسة كل أشكال التدخل لتحدث تراكم لصالحها لتمارس التدخل (الهجومي) ومن داخل الإراضي العراقية فقد قدمت الدعم المالي والعسكري واللوجستي والمعلوماتي لكل قوى الإسلام السياسي وكونت ميليشيات من مختلف فصائل قوى الأسلام السياسي وأسست فرق الموت لأحداث توازن في الوضع الداخلي لصالحها وربطت إستمرار نشاط هذه الميليشيات بالدعم الذي تقدمه لها . وبهذا فهي جعلت جميع هذه الميليشيات أدوات تابعة لها تحركها متى ما تشاء لتحكم سيطرتها على الشأن الداخلي العراقي وتوظف تدخلها لخدمة مصالحها الستراتيجية في العراق والمنطقة . ومن أجل أن تستخدم نفوذها في العراق لمساومة الأمريكان والحصول على (تعويضات) من خلال المفاوضات الدبلوماسية مع الأمريكان لتحصل على موطئ قدم في العراق وغيره . وما تصريحات السفير الإيراني في العراق بأن إتفاقية الجزائر باقية كما هي . هذا مؤشر على فشل كل تاكتيكاتهم السابقة وقد بدءوا تاكتيكآ جديدآ هو اللجوء إلى المفاوضات الدبلوماسية لعقد صفقات مع الأمريكان من خلال الورقة الرابحة بالنسبة لهم هو إنهم لايزال لهم دور في الشأن العراقي . علمآ إن هذا الدور هو ليس ثابت وإنما متغير تكمن عناصر تغييره . هو كل ماضعفت الميليشيات كلما قل النفوذ الإيراني ولكن لن ينتهي النفوذ والتدخل الأيراني في العراق بل يضعف بتطبيق القانون وبناء المؤسسات الديمقراطية ومحاربة الطائفية والحفاظ على الوحدة الوطنية والأنهاء التام لكل الميليشيات .

التاكتيكات الإمريكية الجديدة قد أضعفت من النفوذ الإيراني :
إن الأمريكان يفهمون جيدآ مقاصد التدخل الإيراني في الشأن العراقي فبالإضافة إلى إنهم قد إستدعوا في بداية هذا العام قرابة ال20 ألف عسكري للبدأ بخطة جديدة فأنهم في نفس الوقت قد لجؤوا لتاكتيك جديد بأدخال الفريق المنهزم إلى صف اللاعبين الأساسيين فألزمت الحكومة بعودة ضباط ومراتب الجيش السابق من البعثيين من هم ليسوا بدرجات حزبية عالية ومن لم تكن أياديهم ملطخة بدماء أبناء شعبنا . كما إنها قد وجهت ضربات قوية لتنظيمات القاعدة في العراق من خلال تسليح ودعم العشائر في المناطق الساخنه وما سمية ( برجال الصحوة أو الصحوة العشائرية ) .
هذا التاكتيك الجديد قد أربك كل التاكتيكات الإيرانية . كما إن توجيه ضربات لبعض الميليشيات في بغداد والوسط والجنوب . قد ساعد على زيادة الأرباك الإيراني لأنه بدأ ت تضعف بعض مواقعهم ومرتكزاتهم وهذا يعني بالنسبة للإيرانيين إخلال في التوازن الداخلي الذي كان يحسب لهم ويقال هناك خطوط للمفاوضات والوساطة بين بعض المسلحين والأمريكان وهذا بالنسبة للإيرانيين إذا نجحت الوساطات والمفاوضات ضمن جهود إنجاح المصالحة الوطنية فأنها تعد نكسه لها . كما إن الإيرانيون يخشون من مسألة هو نجاح الأمريكان ومن خلال جهود عربية في العمل على إحداث تحسن في العلاقات السورية الأمريكية وهذا وارد جدآ إرتباطآ بمؤتمر نابوليس والجهود الدولية الجارية الآن لأنجاح المفاوضات بين الأسرائيلين والفلسطينين لأقامة الدولة الفلسطينية وحاجة سورية لتحرير الجولان بالمفاوضات السلمية ومن أجل إقامة سلام عادل في المنطقة وهذا لايتم إلا من خلال دور الأمريكان والمجتمع الدولي . وفي حالة حصول سورية على ضمانات هذا قد يسرع من فك تحالفات إيران الأقليمية ومنها مع سورية .

الإيرانيون هم اليوم أكثر حاجة للمفاوضات الدبلوماسية مع الأمريكان :
إن الطلب الإيراني الأخير من بعض الأطراف العراقية المقربة للأمريكان للعب دور وساطة بينهم وبين الأمريكان لعقد جلسة ثالثة من المفاوضات الدبلوماسية هي الخوف من التغيرات غير المتوقعة في المنطقة وفي الشأن العراقي والتي ستكون حتمآ في غير صالحهم . فأن هذا التعجل للمفاوضات هو الخوف من خسارة مواقع وأوراق أخرى . فأن موقفهم هذا هو لايخلوا من الإرباك ، أما الأمريكان فقد أدركوا اللعبة وقد نجحت بعض تاكتيكاتهم لذلك فهم غير متعجلين في المفاوضات مع الأيرانيين ورغم ضغط ووساطات أطراف عراقيه فأنهم غير راغبيين لعقد الجولة الثالثة للمفوضات لأن الظروف الآن ليس كما كان علية قبل سنة أو الستة أشهر الأخيره . حيث أن الوضع الأمني قد تحسن بجهود أبناء الشعب والقوات المسلحة العراقية وبدعم من قوات المتعددة الجنسية كما أن كل الأوراق التي طرحتها الدبلوماسية الأيرانية في سلتها في مفاوضاتها الأولى والثانية مع الأمريكان بدأت تسقط الواحدة تلو الأخرى وستبقى ورقتان رئيسيتان على طاولة البحث وهما ( السلاح النووي الإيراني – وتدخلاتها في شؤون البلدان الأخرى من خلال ما يسمى بتصدير الثورة الأسلامية ) وهذه هي تدين الأيرانيين لاسيما الأوراق الأخرى التي ستفقدها الواحدة تلو الأخرى ستضعف مواقفها في المفاوضات .
وأن الأمريكان وحلفائهم يدركون ذلك جيدآ فالذي سيحدد موعد المفاوضات القادمة هم الأمريكان وستكون هذه المرة تختلف عن المرات السابقة وسيملون عليهم إملاءات وإشترطات وإلا سيواجهوا المجتمع الدولي كلة وتستغل بذلك أمريكا الشرعية الدولية كما لأمريكا القدرة في إقامة تحالفات مع عدد من البلدان لعزل إيران ومحاصرتها وإن مبدأ التحالفات هو مبدأ معمول به في العلاقات الدولية وقد طبقته أمريكا في أكثر من مكان وزمان .
ولابد أن نشير ليس إيران لوحدها تتدخل في الشأن العراقي وإنما هناك دول عربية وإقليمية هي الأخرى تتدخل ولكن التدخل الإيراني هو الأثقل وزنآ والأكثر إضرارآ لأمن وإستقرار البلد وأكثر خطرآ على الوحدة الوطنية . كما لابد من الإشارة أن كل تدخل خارجي هو ضار . فأن نجاح العملية السياسية وتحقيق المصالحة الوطنية وإقامة النظام الديمقراطي التعددي وتطبيق القانون وتحقيق الوحدة الوطنية هي الضمانة لوقف كل تدخل خارجي و للخلاص من الإحتلال ونيل الأستقلال التام وبناء وطنآ حرآ .
وهذا ليس بأمر يسير بنفس الوقت إنه ليس بمستحيل فنضال شعبنا ووحدة قواة الوطنية والديمقراطية على إسس برنامج وطني ديمقراطي هو الكفيل لتحقيق طموحات الشعب وإنهاء كل الأزمات السياسية ووقف كل المخاطر التي تواجة الوطن .

22-12-2007 .




 


 

Counters