| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

الجمعة 19/2/ 2010



زكية خليفة
صاحبة المهام الصعبة

فلاح علي

لقد سمعت عنها الكثير من الذكريات عندما كنت طفلاَ تحدثوا عن صبرها وقوتها وشجاعتها وحبها للجميع ثم شاهدتها على خشبة المسرح , إلى أن تعارفنا في عام 1977 ورسخت في ذهني كلماتها وقوة شخصيتها وتواضعها الجم واهتمام الكبير بعنصر الشباب . حيث قالت لي في أحد المرات بالنص أنت الآن في منطقتنا منطقة الكرادة ولكونك غير معروف لاهل المنطقة وغيرهم نطلب منك أن تحافظ على ذلك وتبتعد عن كل ما هو مباشر كما عليك أن تبتعد عن النقاشات الجادة في وسطك الاجتماعي وعليك أن تعطي إنطباع من حولك أنك لا أبالي ولم تكترث للاحداث الجادة وتميل إلى المزح واللهو وهذه تحميك في الفترة القادمة وتبقى غير معروف لفترة أطول وبعد أن ودعتها كانت كلماتها قد نقشت في ذاكرتي لهذه اللحظة .
وبعد اللقاء فكرت هل أن هذه الانسانة الرائعة قد أعطت لي دور لكي أجيد إدائه ولكن في حينها تسائلت كيف لي بأن أجيد هذا الدور وإني الميال للحوارات والنقاشات .
ولكن في أحد الايام وعن طريق الصدفة كنا مجموعة من الزملاء جالسين وكان هناك حدث سياسي في الاتحاد السوفياتي وكان بريجنيف رئيساَ للاتحاد السوفياتي آنذاك. فسألتني أحدى الزميلات ممكن أن تحدثنا عن بريجنيف وفي هذه اللحظات هل بيه أن أنسى وصية وكلمات المناضلة الرائعة زكية خليفة , وبسرعة قلت لها هذه المرة الاولى التي أسمع فيها عن هذا الاسم بريجنيف فسمع الجميع كلامي هذا وبدأ الضحك من قبل الجالسين ولم أتوقف لحظة عندما سمعت الضحك من قبل الجلوس فسألتها هل هو ممثل فتعالى الضحك عالياَ وقال أحد الجالسين يبدوا أن زميلنا فلاح ( لا يقرأ ولا يكتب ) ففرحت كثيراَ لنجاحي في هذا الاختبار الذي كانت دروسه من قبل المناضلة زكية خليفة . ومضت الايام سريعة وتصاعدت هجمة الملاحقات والاعتقالات بحق الشيوعيين والديمقراطيين .

وفي آخر لقاء لي مع الانسانة الرائعة زكية خليفة كان على ما أتذكر في 14شباط 1979 في موعد في ساحة كهرمانة وكانت هي قادمة في سيارة يقودها أحد الجنود المجهولين الرائعين آنذاك هوالمناضل أبو مكسيم أتمنى له الخير والنجاح الدائم . فصعدت في السيارة ودار بيننا حديث طويل وسألتني عن الاصدقاء الذين حولي وتحدثنا في التفاصيل وحدثتني عن شابات في منطقة الكرادة وعن الدور الذي يقومن فيه وكانت جولة طويلة في السيارة وفي الختام قالت لي هيئ نفسك للسفر إلى بلغاريا لاكمال دراستك فسألتها كيف تحدثيني عن ما يقومن به هؤلاء الشابات وتطلبين مني السفر فقالت عليك أن تلتزم بذلك وتهيئ نفسك فكان رأي الآن لا أرغب في السفر لأني في وضع أمين فقالت نخشى عليك وإلى فترة قريبة عليك أن تهيئ 5 أماكن للسكن وتقلل من زياراتك إلى منطقة القصر الابيض , فقلت لها كيف أقلل زياراتي لهذه المنطقة وأنتم الذين عرفتموني على هؤلاء الاصدقاء وبعضهم بيوتهم مجاورة لدائرة الامن العامة .
وكان جوابها قاطع إلتقي بكم واحد خارج المنطقة .
وبعد جولة طويلة فأوصلوني إلى ساحة النصر وودعت الانسانة الرائعة زكية مع كلمات قالتها لي دير بالك على حالك .
بعد أيام معدودات سمعت بأعتقال زكية من قبل رجال الامن ففكرت بعدم ترك بيتي الذي تعرفه زكية خليفة والكائن في منطقة بستان الخس .
ولكن بعد لحظات من التفكير قررت الاخذ بنصيحتها فتنقلت في عدة أماكن مع الاصدقاء وأخذت إجازة من العمل ولكن بعد أكثر من اسبوع سمعنا بمواقفها الصلبة في الامن وإرادتها الفولاذية التي تجلت في تحدي الجلادين فعدت إلى البيت وإلى العمل وإني مطمأن من صمودها وهذا ما حصل فعلاَ .
ثم سمعت لاحقاَ بأطلاق سراحها ولكني لم ألتقي بها .

وفي صبيحة أحد ألايام الاولى من كانون الثاني عام 1980 كنت أتمشى في ساحة التحرير بجانب حديقة الامة في الساعة السابعة صباحاَ وكنت أحب صباحات بغداد وفي هذه المنطقة بالذات كنت متهيئ للتوجه للعمل وشاهدت الانسانة البطلة المقدامة زكية خليفة وكانت تترائى لي إنها متعبة وكانت واضعة كفية ملونة على رأسها تظهر وكأنها حجاب وتسير معها أمرأة ثانية وقد إتجهن للنزول في نفق ساحة التحرير, فترددت بين اللحاق بهم للسلام عليها والاطمئنان على صحتها أو الحفاظ على الصيانة لعلها كانت مراقبة ففكرت بخيار ألحق بهم وأتحدث معها ونحن نسير بدون توقف , لحظات قليلة وكنت أسير بجنبها وتحدثنا بصوت خافت ونحن نسير , فبعد السلام عليها إلتفتت جانباَ وأبتسمت وقالت هذا أنت إني كنت أعرف إنك بخير فسألتها عن صحتها ثم قلت لها بعتب كيف تطلبين مني أن تكون لي خمسة أماكن للسكن وأنت مستمرة في عملك في منطقة ذات السلاسل فأبتسمت وقالت هذا ماطلب مني وحييت موقفها وصمودها فكنت أخشى المراقبة فودعتها بالكلمات وودعتني وكررتها ثانية دير بالك على حالك.

ولم نلتقي بعد هذا التأريخ وفرحت كثيراَ عندما شاهدتها على التلفاز وفي الصحف في ساحة الاندلس في مسيرة للحزب الشيوعي العراقي بعد نيسان 2003 . إنها بحق كانت قائدة ميدانية نادرة المثال تبرز إمكانياتها القيادية في الظروف الصعبة وكانت داعية ومحرضة ومعبأة الصفوف وناشطة جماهيرية في آن واحد وتتحمل قساوة الظروف وترفع من معنويات وهمم من حولها وبالذات الشباب وتغني تجاربهم وترفع من قدرتهم على التحدي .
الذكر الطيب لصاحبة العطاء والصمود والتضحية زكية خليفة .


19-2-2010

 


 

free web counter