| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

 

السبت 19/5/ 2007

 


 

وجهة نظر حول اليوم الوطني وماهي مدلولاته القانونية والسياسية


فلاح علي – أوسلو

كل شعوب العالم تحتفل بيومها الوطني الذي يصادف أن تحصل فيه على الأستقلال ونيل السيادة الوطنية الكامله هذا هو المغزى من إعتباره يومآ وطنيآ وإنه يجسد الوحدة الوطنية للشعب. وهذا يتم بعد نضال طويل وتضحيات جسام تقدمها الشعوب من أجل تحررها من السيطره الأستعماريه وهذا ما مرت به غالبيه شعوب العالم ومنها العربيه وعلى سبيل الحصر منها شعبنا العراقي . وهناك بلدان صغيره المساحه جدآ وقليلة السكان حصلت على إستقلالها على ضوء معاهدات وإتفاقات بين الدول الكبرى وهي ليس بمعزل عن نضال الشعوب أيضآ مثل جزر مارشال وإمارة موناكو وإمارة أندورا وجمهورية نورو حيث الأخيره سكانها 10 آلاف نسمه ومساحتها 21 كم حصلت على إستقلالها في العام 1968 وكانت قبل ذلك خاضعه لأداره مشتركه من قبل بريطانيا وإستراليا ونيوزيلندا وهي تقع جنوب جزر مارشال . وهناك الكثير من الدول حصلت على إستقلالها على ضوء معاهدات وإتفاقات .

ما يعنينا في هذا الموضوع هو اليوم الوطني العراقي . وقرار مجلس الوزراء إعتبار الثالث من تشرين الأول من كل عام يوم وطني بأعتباره حسب ما جاء في بيان الناطق بأسم الحكومة ( لأنه يصادف إعلان الأستقلال وإنتهاء الأنتداب البريطاني وإنضمامه عضوآ كاملآ في عصبة الأمم .... إلخ ) .

لنتوقف عند هذا التصريح . فسنجد أن محتواه لا يرتكز على منطلقات قانونيه وسياسيه ولا حتى على معطيات تأريخية وعملية ملموسه .

من الناحيه القانونية هو أن ميثاق العصبه يختلف عن ميثاق الأمم المتحده وبالذات فيما يخص العضويه فأن العضويه في العصبه هي تكتل حكومات ولا تقتصر على الدول ولا تشترط على الدوله أن تكون مستقله أما الأمم المتحده فهي تمثل دول وتشترط على الدول أن تكون مستقله ذات سيادة .

فقد نصت الفقره الثانية من المادة الأولى من ميثاق العصبة ( يحق لأية دولة أو ممتلكه أو مستعمره تحكم نفسها بنفسها ولم يدرج إسمها في الملحق أن تصبح عضوآ في العصبه إذا وافق على قبولها ثلثا أعضاء الجمعيه ..... إلخ ) . أي أن العصبه هي تكتل حكومات ولا تشترط العضويه علىشرط أن تحصل الدولة على الأستقلال لا وإنما أبقت العضويه مفتوحه للممتلكات والمستعمرات ذات الحكم الذاتي وهذا يعني أن دخول العصبه لا يعني الحصول على الأستقلال .

وأشير إلى ما يؤكد ذلك أن من بين الموقعين على ميثاق العصبه ممتلكات بريطانيا آنذاك ( كندا وإستراليا وجنوب أفريقيا ونيوزيلندا ) والممتلكات لم تكن في العام 1919 دولآ بالمفهوم الدولي لهذه الكلمه وهي إستطاعت أن توقع على الميثاق وتكون أعضاء أصليين في العصبه.

فالهند مثلآ كانت عضوآ أصيلآ مع إنها لم تكن دولة مستقله طوال فترة وجود العصبة والكل يعرف أن الهند أخضعت للأستعمار البريطتني وحصلت على إستقلالها في العام 1947 .

ونفس الشيئ بالنسبه للصين قبلت عضوآ في العصبه في العام 1920 في حين أن الصين حصلت على تحررها ونيل سيادتها في العام 1949 .

سؤال موجه إلى السيد علي الدباغ الناطق الرسمي بأسم الحكومه العراقيه / هل الهند والصين الآن يحتفلان بعيدهما الوطني في يوم قبولهما في العصبه أم في يوم حصولهما على الأستقلال ؟

وهل أن قبولهما بالعصبه هذا يعني إنهما قد حصلا على الأستقلال ؟

وسؤال آخر / إن الأتحاد السوفيتي آنذاك قد فصل في الأيام الأخيره من العصبه في العام 1939 بسبب ما قام به ستالين من إعتداء على فلندا هل أن بقرار الفصل هذا قد فقد الأتحاد السوفيتي آنذاك على إستقلاله أم أن الولايات المتحدة الأمريكيه في العام 1919 لعبت دورآ أساسيآ ومحوريآ في تأسيس العصبه ورئيسها آنذاك ولسن ترأس إجتماعات دول الحلفاء وترأس إجتماعات مؤتمر فرساي وغيرها من أجل تشكيل تجمع دولي يصون السلام العالمي وحفظ الأمن وتجنب الحروب ووضع مشروعه عن العصبه إلا أن مجلس الشيوخ الأمريكي رفض إلأ نضمام إلى العصبه رغم الجهود التي بذلها ولسن بسفره ثانيه إلى فرنسا لتعديل الميثاق وقد نجح بذلك إلا أن مجلس الشيوخ أصر على الرفض . وبقت الولايات المتحده الأمريكية خارج العصبه منذ تأسيسها إلى تأريخ زوالها هل يعني هذا إنها بلا إستقلال سياسي أو قد فقدت سيادتها وإستقلالها . إذن العراق قبل في 3-10 -1932 في عصبة الأمم بعد أن إشترط عليه مجلس العصبة والأشتراطات جائزه في ميثاق العصبه فأشترط على العراق ووضع عليه تعهدات لقبوله وهي (التعهد بأقامة إداره سليمه ) . هذا يعني من الناحيه العمليه إننا كنا في العام 1932 لا نزال تحت الأنتداب البريطاني والدلاله على ذلك بعد أن أشرت للجانب القانوني أطرح الحقائق والمعطيات السياسيه والتأريخيه والعمليه لتؤكد إننا في عام 1932 لم نكن دولة مستقله ذات سياده .

بعد 3-10-1932 بقى العراق مكبل بمعاهدات وإتفاقات وأحلاف إستعماريه وإستمر ذلك إلى العام 1958 ففي الفقه القانوني الدولي إن المعاهدات والأتفاقات والأحلاف التي تفرض من قبل الدول الكبرى على الدول التابعه هذا يعني إن الدوله من الناحيه السياسية لاتمتلك قرارها الوطني المستقل وإنها دوله تابعه بدون سيادة أي دولة غير مستقلة . (الفرض هنا يختلف عن إنضمام الدول برغبتها ) كما يحصل في الأتفاقات الأقليميه لدول مستقله ( كالآنضمام لحلف وارشو سابقآ وإتفاقية الدفاع العربي المشترك سابقآ وحلف شمال الأطلسي ومنظمة الوحدة الأفريقيه .... إلخ ) .

ومن الناحية التأريخيه والعملية وإرتباطآ بتأريخ شعبنا الحديث ونضاله الطويل ضد السيطره الأستعماريه والتضحيات الجسام التي قدمها شعبنا العراقي وقواه السياسيه الحيه الفاعله على الساحه السياسية العراقية آنذاك وكل من هو متابع أو شاهد على تلك الأحداث رغم أن ذاكرة شعبنا حيه تؤكد تلك الأحداث وإنها موثقه إن شعبنا ظهر إلى الشارع ضد توقيع معاهدة بورتسموث في عام 1930 والكل يعرف ماذا تعني تلك المعاهدة . وكيف ينسى شعبنا وثبة كانون في عام 1948 التي خرجت جماهير الشعب إلى الشارع من مدن كوردستان العراق إلى جنوبه وهي ترفع مطاليب وطنيه وتطالب بتحرير العراق وثرواته وقراره السياسي من التبعيه للسيطرة الأستعماريه وإقامة حكومة وطنيه لتنجز عملية التحرر الوطني وتبني العراق الوطني المستقل . وفي تلك الفتره فتح سجن نكرة السلمان بوجه المناضلين من أبناء شعبنا وإمتلأت السجون والمعتقلات بالمناضلين ضد العهد الملكي العميل وقد نصبت المشانق للمناضلين من أبناء الشعب ومنهم قادة الحزب الشيوعي العراقي حيث إعدم فهد وحازم وصارم في عام 1949 بأوامر من الحكومه البريطانية وقنصلها في بغداد الذي كان يوجه حكومات العهد الملكي بالوجهه التي تريدها بريطانيا . كيف ينسى شعبنا وثبة تشرين الأول في العام 1952 والكثير من مآثر شعبنا في تأريخه الحديث ونضاله من أجل التحرر الوطني ونيل الأستقلال والسيادة الوطنيه . إذن لماذا ينتفض الشعب في تلك الفتراة ويقدم التضحيات إذا كنا بحق قد حصلنا في 3-10 -1932 على الأستقلال والسيادة .

إني أوجه سؤال آخر للحكومه وناطقها الرسمي / هو أن يعطوا دليل واحد لشعبنا إنه في يوم 3-10-1932
قد خرج في شوارع بغداد إثنان من أبناء شعبنا يحملون لافته تعبر عن إبتهاجهم وفرحهم بهذا اليوم يوم قبول العراق في العصبه ولكن قرار القبول هو عنصر إيجابي ولكن لايعني إننا في ذلك اليوم قد حصلنا على الأستقلال القبول شيئ يجيزه قانون العصبه والأستقلال والسيادة شيئ آخر لا أعرف كيف إكتشف أخيرآ إن العراق قد حصل على إستقلاله ونال سيادته في ذلك اليوم في أي مختبر صنع هذا الأكتشاف أو من أي سجل تم العثور عليه .

وأن كل الدلائل والمعطيات القانونيه والسياسيه والتأريخيه والعمليه تؤكد أن يوم 14 تموز من عام 1958 هو اليوم الذي حصل فيه العراق على إستقلاله التام وسيادته الوطنيه وفي هذا اليوم لقد إمتلك العراق قراره الوطني بعيدآ عن التدخلات الخارجيه والأقليميه وخروجه من كل المعاهدات والأتفاقات والأحلاف كحلف السنتو قبل هذا التأريخ كان العراق من الناحيه العمليه تابع لبريطانيا والحقائق التأريخيه تؤكد ذلك  .

إذن من الناحيه الشرعيه والقانونيه والسياسيه هو أن يوم 14/ تموز من عام 1958 يوم التحريرالوطني وأصبح هذا اليوم منذ ذلك التأريخ هو العيدالوطني لشعبنا العراقي .

وإذا كان مجلس الحكم قد أعاد لشعبنا الأحتفال بيوم 14/ تموز1958 الخالد بعد أن سرقه منه دكتاتور العهد المباد فكيف برجالات العهد الجديد يعيدوا الكره ويرتكبوا الخطأ السابق ويخرجوا علينا هذه المره بتخريجة دخولنا العصبه . وشعبنا والعالم أجمع والحكومه نفسها يعلمون جيدآ أن دخول العصبه لا يعني الحصول على الأستقلال والسيادة .

إذآ بالعوده إلى بيان الناطق الرسمي بأسم الحكومة إن في هذا اليوم المقصود 10-3-1932 يصادف إعلان إستقلال العراق وإنتهاء الأنتداب البريطاني وإنضمامه عضوآ كاملآ في عصبة الأمم .

إن القرار والبيان يحملان مغالطات وحسب ما رأينا إن الأنضمام إلى العصبه لايعني الحصول على الأستقلال ونيل السياده والخلاص من الهيمنه الأجنبيه وأخيرآ إنه بيان إعلامي لتبرير قرار غايته تغيير اليوم الوطني الشرعي والقانوني بيوم آخر لا يشكل أهميه ولا يعطي للأستقلال والسيادة والتحرر معانيها السياسيه والقانونيه ولا يعطي لشعبنا حقه في نضالة وتضحياتة من أجل الأستقلال والتحرر والسيادة .

أوسلو – 18-5-2007