| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

                                                                                     الأحد 17/4/ 2011



سحب القوات في موعدها واصلاح العملية
السياسية مهمتان وطنيتان لا تتجزءان

فلاح علي

الاتفاقية الامنية بين الحكومتين العراقية والامريكية التي تم التوقيع عليها في اواخر عام 2008 والتي تنتهي في اواخر عام 2011 , اثارت في الاوساط السياسية جدل حاد بين مؤيد لسحب القوات وبين من يرغب في تمديد بقاء القوات . اثير هذا الجدل الحاد على ضوء زيارة وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس الاخيرة الى العراق , وقد صرح جيتس ان بلاده لا ترفض بقاء جزء من قواتها ولكن الامر يتعلق بموقف الحكومة العراقية وعليها اتخاذ قرار في هذا الشأن اي الطلب ببقاء جزء من القوات .

ما هي دلالات تصريحات روبرت جيتس :
رغم ان الرئيس الامريكي اوباما قد اكد بعد تسلمه مهامه كرئيس للولايات المتحدة انه ملتزم بسحب القوات الامريكية من العراق في نهاية عام2011 , هنا يطرح سؤال اذاَ لماذا جاءت تصريحات جيتس بالضد من توجهات الرئيس الامريكي التي كانت احد وعوودة الانتخابية التي اوصلته الى رئاسة امريكا؟هل ان تصريحات جيتس تعبر عن وجهة نظره فقط ؟ علماَ انه عنصر مهم في طاقم الادارة الامريكية .

من وجهة نظري ان تصريحات جيتس تؤكد على التالي :
1- طالما ان وزير الدفاع روبرت جيتس جزء هام من الادارة الامريكية , فهذا يؤكد هناك تغيير في المواقف الامريكية من مسألة الانسحاب الكامل للقوات , ولكن الادارة الامريكية لا تطرح ذلك بشكل مباشر, ومن خلال تصريحات جيتس , نتلمس الى وجود حقيقة غير معلنه تؤكد على انها ستدخل في مفاوضات مع الحكومة العراقية والكتل السياسية للوصول الى اتفاق مرضي بينهما وتريد ان يكون استمرار بقاء القوات بطلب من الحكومة كورقة تلعب بها امام الراي العام العالمي وامام شعبها .

2- ما يحدد المواقف الامريكية هو مصالحها بالدرجه الاساسية في العراق والمنطقة , وفي العلاقات الدولية تؤكد الاحداث التاريخية انه ليس هناك وعود واتفاقيات ثابته وانما هناك مصالح ثابته.

3- ويبدو ان الحكومة الامريكية تيقنت تماماَ , ان انسحابها وعدم تمديد بقاء القوات انه سيترك فراغاَ في العراق وهذا الفراغ من وجهة النظر الامريكية انه يخدم مصالح ايران ويعزز تواجدها , لا سيما ان الولايات المتحدة الامريكية تدرك تماماَ ان القوات العسكرية العراقية لا تزال بحاجة الى دعم واسناد , لانها غير قادرة بالكامل على حماية الحدود او حماية الاجواء .

4- ربما ادركت امريكا انها قدمت خسائر كبيرة في العراق في الارواح وفي الجانب الاقتصادي, لقاء المكتسب الذي حققته من تواجدها في العراق وفرض ارادتها , وتصريحات جيتس قد تؤشر الى ان امريكا لا تريد التفريط بهذا المكتسب الذي حققته .

هنا يطرح سؤال هل ان الولايات المتحدة قادرة على اقناع الحكومة العراقية والكتل السياسية للوصول الى اتفاقات مرضية بينهما لبقاء بعض القوات بصفة مدربين للقوات العراقية مثلا ؟

الوضع في العراق غير مستقر ومعقد يصعب معه اتخاذ قرارمشترك :
ما يسمى بحكومة الشراكة الوطنية هي تمر الآن في ازمة سياسية حيث اتفاق اربيل بين القائمة العراقية ودولة القانون برعاية السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان لم يطبق بعد بسبب الخلافات حول صلاحيات المجلس السياسي للامن الوطني الذي من المؤمل ان يراسه السيد اياد علاوي , هذه الخلافات انعكست على عدم الاتفاق على مرشحي الوزارات الامنية حتى بين كتل التحالف الوطني , وانسحب الخلاف الى البرلمان ايضاَ بعدم اتفاق عدد من الكتل على الموافقة على نواب رئيس الجمهورية وهناك كثير من الخلافات ,والتي سببها الصراع على مواقع السلطة والنفوذ وهذه هي حصيلة طبيعية لسياسة المحاصصة . مع تفشي الفساد الاداري والمالي وغياب او نقص الخدمات واتساع ظاهرة البطالة , وغياب كثير من القوانين التي تمس حياة المواطنيين مثل غياب الضمان الصحي ونظام الرعاية الاجتماعية , فهذه الاشكالات التي انتجها نظام المحاصصة دفع البلد بان يمر بازمات عدة اضافة للازمة السياسية هناك ازمة اقتصادية واجتماعية , مع وجود التدخلات الخارجية وارتهان بعض الكتل لهذه التدخلات , فمع تعقد اللوحة السياسية هناك تعقيد في الوضع الامني وعدم استقراره بشكل تام , مع ضعف الاجهزة الامنية وعدم امتلاكها للتكنولوجيا والخبرات في محاربة الارهاب , اضافة الى عدم جاهزية الجيش العراقي بعد لحماية الحدود وضبطها والدفاع عن الوطن وحدوده واجوائه ومياهه , وعدم امتلاكه للتكنولوجيا العسكرية هذه مؤشرات تؤكد ان الوضع في البلاد بحاجة الى مزيد من الاستقرار واللحمة الوطنية وانجاز المصالحة وفرض سلطة القانون واصلاح العملية السياسية , في هذه الاجواء وبسبب الخلافات حول تمديد بقاء القوات ظهرت تصريحات نارية هجومية منها تصريحات التيار الصدري الذي هو مشارك بدور كبير في العملية السياسية.

ماهي دلالات تصريحات التيار الصدري :
على ضوء تصريحات جيتس وبمناسبة الذكرى الثامنه لغزو العراق جاءت تصريحات السيد مقتدى الصدر برفع تجميد جيش المهدي اذا لم تنسحب القوات الامريكية في موعدها المحدد نهاية عام 2011 , كما اكد السيد مقتدى على حق تصعيد المقاومة السلمية من خلال الاحتجاجات الشعبية والاعتصامات . وهذه التصريحات في الادب السياسي يفهم منها انها تهديد باستخدام القوة .

هنا يطرح سؤال ماذا سيحصل في البلاد وفي العملية السياسية لو ان التهديد قد نفذ فعلاَ ؟ لاسيما وان البلاد تشهد اوضاع صعبة ومعقدة على الصعيد السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي وخاصتاَ الى الآن لم تحسم مسالة تعيين الوزراء الامنيين . وعلى ضوء المشهد العراقي المعقد ستكون العملية السياسية والبلاد مفتوحة على العديد من الاحتمالات :

1- يحتمل تعرض التحالف الوطني الى الانهيار وبهذا قد يؤثر على طبيعة التنسيق المشترك داخل الحكومة واستمرارها .

2- قد ينعكس سلباَ على العملية السياسية وتراجعها الى نقطة الصفر .

3- يدفع باتجاه الى ان تلجأ مجاميع اخرى لعودة ميليشياتها وهذا قد يؤدي الى عودة العنف الطائفي في البلاد .

4- ربما يسهم الى توتير الاجواء مع حكومة الاقليم لان التحالف الكوردستاني مع تمديد بقاء القوات الامريكية وهذا ما صرح به السيد فؤاد معصوم .

5- قد يؤدي الى عودة الخطاب السياسي الحاد المتشنج الهجومي . لاسيما وان القاعدة والقوى الارهابية تتربص الفرص لانها تنمو في اجواء عدم الاستقرار الامني .

الخلاصة والاستنتاجات :
1- ان سحب القوات في موعدها المحدد وتحقيق الاستقلال التام هو ضرورة وطنية , لكن مصالح الشعب والوطن يتطلبان في الظرف الراهن التمسك بالخيار السلمي والمواثيق الدولية للضغط على الولايات المتحدة لتطبيق الاتفاقية وسحب قواتها في الموعد المحدد بالطرق السلمية وذلك بسبب هشاشة الوضع الامني وتعقد الازمة السياسية التي تمر بها البلاد الآن .

2- مستقبل البلاد سيكون في خطر , اذا لم تضع الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية مصالح الوطن والشعب ضمن اولوياتهم , ومن اولويات المصالح الوطنية هو البدأ بخطوات جاده لاصلاح العملية السياسية وتخليصها من المحاصصة , التي اكدت التجربه انها خطر على مصالح الوطن كخطر الاحتلال والارهاب , لانها من حيث الجوهر انها خنقت الديمقراطية وشوهتها وعرقلة بناء الدولة المدنية الديمقراطية دولة المواطنة .

3- ان المقاومة ضد الاحتلال حق ضمنه القانون الدولي ومواثيق الامم المتحدة للشعوب في التحرر وتقرير المصير , ولكن عندما تتهيئ المستلزمات القانونية والسياسية لهذه المقاومة وبالذات السلمية منها باستخدام الحق القانوني الدولي والتظاهر والاحتجاح والاعتصام وهذه المستلزمات لم تتهيئ طالما ان الشعب لم يحصل بعد الى الآن على حقوقه وحرياته التي كفلها الدستور والتي صادرتها الكتل المهيمنة جميعها على السلطة السياسية ولم يجري اصلاح العملية السياسية بعد بالاتجاه الديمقراطي والتخلص من المحاصصة وأضرارها على الشعب والوطن .

4- حتى لو تم تمديد بقاء القوات الامريكية لثلاث سنوات اخرى , سيبقى الوضع الامني هشاَ وستبقى ازمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية متواصلة ومستمرة وتبقى الوحدة الوطنية مهددة اذا بقيت المحاصصة .

5- بدون اصلاح العملية السياسية وضمان حقوق الشعب واقامة نظام ديمقراطي حقيقي , ستبقى الولايات المتحدة الامريكية تفرض ارادتها بكافة السبل لتضمن مصالحها ,ولديها مبررات قوية منها لايزال خطر القاعدة و الارهاب قائم ولا يزال الوضع الامني صعب وغير مستقر ولا يزال الجيش العراقي غير قادر على التعامل على بسط الامن والدفاع عن الارض ازاء اي تدخل خارجي انها تجد مبررات عديدة .

6- الاحتجاجات والتظاهرات السلمية الحضارية التي بدأها شعبنا في 25/ شباط 2011 في حالة تواصلها وادخال عنصر التنظيم فيها وعدم حرفها عن اهدافها وتصاعد سلم تاكتيكاتها مع الحفاظ على وحدة الشعب وايجاد قيادة مشتركة ميدانية, ستكون هي القوة الوحيدة في البلادالتي تتمتع بالشرعية السياسية والقانونية لانها تعبر عن ارادة الشعب , وهي المؤهلة والقادرة للربط بين المهمتين الوطنيتين اللذان لا يقبلان التجزئة وهما الضغط لاحداث التغيير بالاتجاه الديمقراطي للعملية السياسية , وتحقيق استقلال الوطن وضمان الوحدة الوطنية للشعب وتحقيق طموحاته في الحياة الحرة الكريمة ودحر الطائفية والطائفيون .
 


16-4-2011

 


 

free web counter