| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

الخميس 14/8/ 2008



النخب المهيمنة ما بين تنافر المواقف وسياسة الحمق

فلاح علي

من الظواهر والممارسات الملموسة عبر التأريخ بصرف النظر عن المكان أو الحقبة التأريخية أن كثير من النخب الحاكمة قد إتبعت سياسات أضرت بمصالح شعوبها وأوطانها وأحد أسباب هذه السياسات الخاطئة هو التعنت الذي يورث خداع النفس . أي أنه يدفع إلى تقدير المواقف في ضوء أفكار مسبقة وجامدة . وتجاهل أي أفكار معارضة لها أو رفضهاوالتعنت يعني التصرف حسب الأهواء دون السماح بتغيير السلوك وفقاً للحقائق والمعطيات أو المستجدات . وتوصف السياسة بأنها حمقاء عندما تصر بعناد على إمورأو تصورات أو تقديرات يتضح إنها غير قابلة للتنفيذ , أو معرقلة للجهود المبذولة من أجل تهيأة مستلزمات لحلول عملية لقضايا موضع خلاف أو مستعصية الحل . وإذا كان بالأمكان ضرب أمثله من التأريخ حول السياسة الحمقاء فهي كثيرة . ومن الأمثله على ذلك هي سياسة هتلر وما نتج عنها من حرب عالمية ثانية والخسائر البشرية والمادية للشعوب والأوطان الناجمة عنها إضافة إلى تدمير ألمانيا وإحتلالها وتكبيلها بمعاهدات مذلة للشعب الألماني وفرض شروط الأستسلام عليها . وإن كان من مثال ملموس واضح آخر هو مثال الدكتاتور صدام حسين بسياساته الحمقاء فقد جر البلاد لأتون حربيين مدمرتيين راح ضحيتها أكثر من مليون مواطن إضافة للخسائر المادية مع حصار إقتصادي دام 12 عام كان المتضرر منه الشعب ثم أعطى ذريعة للهجوم الأطلسي على العراق وإحتلالة.

من واقع بلدنا هل النخب السياسية المهيمنة قد إفترقت عن مسيرة الحمق ؟
إن السياسة الحمقاء تعني ( فقدان المعرفة ) والكفائه والحكمة والآهلية لمن يقف ورائها وعادتاً الحمقى لم يأخذوا بالبدائل السياسية المثمرة ويتمسكوا بسلوك التهديد والوعيد ويبتعدوا عن الواقعية ويدعوا القوة والزعامة وهذا سلوك الأدعياء . وفي الأزمات السياسية والمنعطفات الحادة فبدلاً من اللجوء إلى إسلوب الحوار الهادئ النابع من مصالح الشعب والوطن وينطلق من وجود مشتركات مع الآخرين يتطلب تعميقها وتوطيدها بالحكمة والسياسة المرنة نرى الحمقى في هكذا أزمات يلجؤون إلى التصريحات النارية والتشدق بلغة الخطابات النارية التي لاتخلوا من إتهام الآخرين .

وهذا ماشهدته شاشات التلفاز في كثير من الأزمات وآخرها ( الخلاف حول قانون إنتخابات مجالس المحافظات ) . حيث شاهد الشعب الكثير من هذه التصريحات وكل خطيب يظهر بلغة مثالية كأنه صاحب حق والشعب قد عرف هذه النخب جيداً وفهمها إنها تتصارع على السلطة وبسط النفوذ بدلاً من المنافسه فيما بينها على توفير الخدمات . والأنكى من ذلك إنها قد خالفت الحقيقة السائدة وهي ( أن الأفعال تقف وراء الكلمات ولكن أظهر لنا قادة المحاصصة الطائفية والحزبية بأن الكلمات هي التي تقف وراء الأفعال وتحركها ) . إنها تخفي شيئاً عن الأنظار وهو مكشوف للشعب هو مصالحهم الضيقة .

وإلا فأن العبارات الرنانة والتشدق بالدفاع عن مصالح الشعب والوطن والتمسك بالديمقراطية يجب أن تساندها أفعال تناظرها في التأثير حفاظاً على مصداقية قائليها . بدلاً من إتخاذ القرارات المتسرعه. وأن الشعب قد أدرك تماماً من خلال التجارب المؤلمة التي مر بها أن هناك فجوة بين اللغة الخطابية وظروف الواقع العراقي . على أقل مانذكره هنا أن هذه القوى قد عجزت عن توفير الخدمات والقضاء على البطالة وإيجاد فرص عمل للخريجين وإنها قد رسخت المحاصصة الطائفية والحزبية المقيته .

السؤال الذي يطرح هو ماهي أهداف هذه الكتل المهيمنة والمتصارعة والمتنافرة ؟
تعرف أهداف الكتل والأحزاب السياسية وتوجهاتها من خلال برامجها السياسية التي تصيغها وفقاً لظروف البلد وتطرحها على الشعب للتعرف عليها وإتخاذ موقف مؤيد لها لأنها تعبر عن طموحاته . وهذه هي أحد العناصر التي تشكل قوة للحزب السياسي لأنه ليس فقط لدية تنظيم وإنما برنامج سياسي يناضل من أجله . وهذه سمة الأحزاب اليسارية والديمقراطية لأنها تؤمن بالمنافسة الديمقراطية من أجل بناء الوطن وتشييد مؤسساته الديمقراطية وإقامة نظامة الديمقراطي وتحقيق طموحات الشعب . أما دعاة المحاصصة الطائفية والحزبية من هذه الكتل فأن أهدافهم هي أنانية ضيقة هو الصراع على السلطة يتباكون على الديمقراطية في الأعلام ولكن في الممارسة هم من يساهم في إضعافها ويلجؤون لأساليب غير ديمقراطية . لأنهم عاجزون عن طرح برامج سياسية يتنافسون مع غيرهم من خلالها لكسب الناخب العراقي .

النقد الموضوعي ضرورة لتصحيح الأخطاء وتطوير الممارسات السليمة وترسيخ العمل المشترك لبناء الوطن :
النقد الموضوعي والبناء والذي يقترح البدائل هو السلاح المجرب في الممارسة الديمقراطية من أجل تصحيح الأخطاء وتطوير الممارسة ويخلق فرص للتفاغل الصادق والنزيه من أجل تعزيز الوحدة الوطنية و بناء الوطن والمواطن وإقامة دولة العدل والقانون والوجه الآخر للنقد يحتل أهمية ومصداقية وهو نقد الذات وذلك من أجل تصحيح صورة الذات من أجل الأنطلاق للعمل المتفاني مع المجموع وهذه هي من سمات حملة مبادئ النضال من أجل الديمقراطية والحرية والتقدم وتحقيق العدالة الأجتماعية. ومن سمات منتقدي الذات أيضاًهم جماهيريون ليس من خلال الموقع أو الوظيفة وإنما من خلال العطاء والنضال وهم مع الشعب في كل الظروف .

أن الواجب الوطني يتطلب من هذه النخب السياسية المهيمنه في صنع القرار أن تتفاعل مع النقد وأن تمارس نقد الذات . من أجل أن تبتعد عن الأنفراد والهيمنه وعليهم أن يؤمنوا بتجارب الحركات والشعوب بأن الهيمنه وممارسة القوة والتهديد هو ضعف وإنعزال . ومهما تكن الكتل كبيرة ومتضخمة فأن أفول القوة وأفول النجم هو وارد وأمامها التفتت والتشرذم والضعف إذا لم تعالج أخطائها وتبتعد عن التفرد وتتحمل النقد وتمارس نقد الذات وأن الشعب سيختار من يمثله عاجلاً أم آجلاً .

أخيراً أن تأجيل مناقشة قانون مجالس المحافظات إلى ما بعد عطلة مجلس النواب هو خطوة صحيحة في الأتجاه الصحيح :
وأن كان تأجيل المناقشة على القانون يؤجل إستحقاق إنتخابي إلا إنه خطوة جيدة في الأتجاه الصحيح لكي تأخذ الكتل المتصارعة فسحة من التأمل وتعيد النظر في مواقفها المتشنجه وتلجأ للحوار والسياسة المرنه وتؤمن بأن الوطن للجميع ويبنى بتظافر كل الجهود وتبتعد عن التفرد والهيمنة والتصريحات الفضفاضة (وكسر العظام ) التي ليس لهذه المفردة موقع في القاموس السياسي وتلجأ بدلاً منها إلى المساومات السياسية التي لابديل عنها وهي سلاح فعال في الأدب السياسي . تم ممارستها في ( صلح الحديبية) وفي ( صلح بريست في آذار 1918 ) وفي كل الأتفاقيات والمعاهدات والتحالفات منذ عصر التأريخ إلى الآن . ينتظر الشعب بأن تتوصل هذه الكتل إلى الأتفاق حول قانون مجالس المحافظات من خلال الحوارالهادئ والمساومات المتبادلة والتوافق السياسي ووضع مصالح الشعب والوطن فوق المصالح الفئوية والحزبية الضيقة .


12-8-2008 .


 

free web counter