| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

الأربعاء 14/4/ 2010



ماهي دلالات الزيارات إلى دول الجوار
قبل تشكيل الحكومة

فلاح علي

هناك قلق كبير في الشارع العراقي من هذه الزيارات المكوكية لدول الجوار من قبل الكتل الفائزة في الانتخابات والتي بدأتها قبل تشكيل الحكومة الجديدة . ما أعلنته هذه الكتل في وسائل الاعلام من أن زياراتها تهدف على الانفتاح على محيطها العربي والاقليمي وبناء علاقات حسن الجوار . هذا الطرح غير دقيق وغير صحيح ويهدف إلى تظليل المواطن العراقي ولا يعكس الحقيقة المخفية التي تقف وراء هذه الزيارات التي سيكون لها الاثر السلبي على مستقبل النظام الديمقراطي في العراق .

ماهو المخفي من هذه الزيارات :
الزيارات لدول الجوار في هذا الظرف بالذات وقبل تشكيل الحكومة هي ظاهرة غير طبيعية ولا تدخل في إطار العلاقات الدبلوماسية التي هي من وظيفة وزارة الخارجية وليس من مهمة كتل لم تبثق منها حكومة بعد . وأن المتابعين والباحثين في الشأن العراقي لا يجدوا هناك صعوبة من قراءة المخفي وتشخيص الاسباب والدوافع التي تقف وراء هذه الزيارات فلنأخذ زيارة رئيس الجمهورية ومجموعة من أحزاب الاسلام السياسي إلى طهران . تدرك هذه القوى تماماَ أن إيران لاعب أساسي في الساحة السياسية العراقية وبيدها مفاتيح الملعب وهي طرف مؤثر ومباشر , فأن لايران فضل كبير على هذه القوى ومكنتها من الفوز فالزيارة هي لا تخلوا من تقديم الشكر لايران لرعايتها للانتخابات هذا أولاَ وثانياَ لمشاركة إيران وأخذ موافقتها في شكل الحكومة القادمة وشخص رئيس الوزراء لا سيما وأن السيد جلال الطالباني يطمح بتجديد ولايته على العرش ثانية فهذا الحلم الطالباني لن يتحقق إذا لم توافق إيران على شكل الطبخة وثالثاَ لتقديم الولاء والطاعة لطهران وليقسموا لها (الولاء نحن عَبدواَ بين يديك ) .وهذه الزيارة لم تكن بمعزل عن رضا وموافقة الولايات المتحدة الاميركية .
زيارات علاوي إلى دول خليجية إنه يدرك تماماَ أن الحكومة القادمة في العراق هي ستكون وليدة صفقات عربية إقليمية وبموافقة أميركية وهذه هي نتيجة طبيعية لان علاوي يدرك أن الانتخابات كانت برعاية هذه الدول ( تمويلاَ وتخطيطاَ وإخراجاَ ) . فأن علاوي يهدف من زيارته لاستخدام الضغط السعودي والخليجي ليصب في صالحة وترجيح كفته .
وما تبعها من زيارات أخرى للسعودية هو لاشراكها في الطبخة القادمة لتشكيل الحكومة الجديدة , لاسيما وأن جميع الاطراف أدركت تماماَ أن إيران إرتباطاَ ببرنامجها النووي وقرب عقد إجتماع لمجلس الامن الذي سيتخذ عقوبات إقتصادية وسياسية لتشديد الحصار عليها فهي لا تتردد الآن من أجل كسب ود الاطراف الخليجية من تقديم بعض التنازلات في الشأن العراقي هذا أولاَ . وإلا بماذانفسر الزيارة المفاجئة لجلال الطالباني إلى أياد علاوي وفي هذا السياق بماذا نفسر تصريحات الحكيم الاخيرة وتبرأته للقائمة العراقية من محسوبيتها على البعث وإنه لايشترك بأي حكومة لم تشترك بها القائمة العراقية . وثانياَ أن تأييد إيران على مشاركة القائمة العراقية في الحكومة القادمة هو لتخفيف الانتقادات التي وجهت إليها من دول عربية و قوى عراقية بأنها تتدخل في الشأن العراقي فهي تريد إرسال رسالة للسعودية وبعض الدول العربية وأطراف عراقية إنها تقف على الحياد , وما الزيارة التي ستقوم بها القائمة العراقية إلى طهران هي تأكيد لذلك .

ما هي مخاطر هذه الزيارات على مستقبل العراق الديمقراطي :
بالتأكيد هناك رؤى متباينة ومختلفة تنظر كل منها بمنظارها الخاص لهذه الزيارات , ولكن في المحصلة النهائية لها أن هناك مخاوف من هذه الزيارات , وهذه المخاوف تنطلق من أن هناك قضايا متعلقة بمستقبل الديمقراطية وطبيعة النظام السياسي يخشى منها إنها بحثت في هذه الزيارات و إنطلاقاَ من أن إشراك دول إقليمية وعربية في مباحثات تشكيل الحكومة القادمة يعطي عدة معاني ودلالات لا تصب في مصلحة الشعب بقدر ما إنها تدخل في إتجاه تلبية المصالح الذاتية لهذه الكتل التي قامت في الزيارة . ويمكن تأشير بعض المخاطر من هذه الزيارات الآتي :
1- أن هذه الكتل بزياراتها لطهران والسعودية هي ليس فقط تهدف لاعطاء الضوء الاخضر لهذه الدول للتدخل في الشأن العراقي , وإنما للتسليم بأرادة هذه الدول في رسم مستقبل العراق , من هذا فأن الزيارات هي مراسيم بين الطرفين لتسليم مفاتيح مستقبل العراق بنسختين لهذين الدولتين .
2- ما أعلنته الكتل لتبرير زياراتها هو للانفتاح على دول الجوار وتعزيز علاقات التعاون . هذا الادعاء لايصمد أمام النقد وهو يهدف إلى تظليل المواطن العراقي وإخفاء الاسباب الجوهرية وراء أهداف الزيارات أن هذه الزيارات بالذات تتنافى ومبدأ القانون الدولي في العلاقات ما بين الدول بالانفتاح وتعزيز علاقات التعاون فهذا شيئ وبحث تشكيل الحكومة مع هذه الدول شيئ آخرإن إشراك هذه الدول في هذا الموضوع هو يعد تدخلاَ في الشؤون الداخلية ويشكل إنتهاك لمبدأ السيادة الوطنية وهذا يشكل خطر على مستقبل العراق ويتنافى والهدف المعلن من الزيارات .
3- أن إشراك هذه الدول في تشكيل الحكومة يؤكد على غياب المشروع الوطني لدى هذه الكتل الذي يدعوا له التيار الديمقراطي في العراق . وهنا يطرح تساؤل هل لازالت هذه الكتل بلاهوية وطنية ؟ أم أن مصالحها الذاتية فوق أي إعتبار ؟ والتي تدفعها لتبني هذا النهج الضار بمستقبل العراق وأن بممارسات هذه الكتل الضارة فأنها سترهن العراق وشعبه وأرضه ومياهه وثرواته لهذين الدولتين وثالثهما المحتل .
4- أن تشكيل الحكومة بمشاركة هذين الدولتين لهو ناقوص خطر على مستقبل الديمقراطية في العراق , إنطلاقاَ من حقيقة أن الدولتين المذكورتين إيران والسعودية هما من أشد الدول عدائاَ وكرهاَ وبغضاَ للديمقراطية وهذا لايخفى على أحد , أن إشراكهم في تشكيل الحكومة هذا يعني هناك إستحقاقات غير معلنه على هذه الكتل عليها البر بوعدها لهذين الدولتين المعاديتين للديمقراطية في العراق .
5- وهذا يؤشر إلى أن هذه الكتل ستسير على نهج المحاصصة الطائفية والقومية الذي مقته الشعب هذا أولاَ وثانياَ أن تتبنى هذه الكتل مشروع هذين الدولتين بأن مكونات الشعب العراقي هم السنة والشيعة والاكراد ومنهم فقط ترسم خريطة العراق وتنكر وجود وحقوق قوميات وأديان وتيارات سياسية متنوعة لشعبنا وثالثاَ أن هذه الكتل إنطلاقاَ من مصالحها الانانية الذاتية فأنها تسهم بدون وعي بأنها تضع اللبنة الاولى على طريق لبننة العراق وهذا خطر جدي يواجه مستقبل الديمقراطية ومستقبل العراق .
6- أن الزيارات مهما كانت دوافعها ومبرراتها التي تتحفنا بها هذه الكتل إلا إنها تؤكد على حقيقة لا تقبل التؤويل أن هذه الكتل التي فازت بدعم ومساندة هذين الدولتين ترغب في إشراكها في تشكيل الحكومة وأن هذه الكتل بممارساتها الخاطئة تؤكد على نهجها البعيد عن خيار الشعب ألا وهو الخيار الوطني وأن هذه الكتل قد أكدت وبالملموس إنها ناقصة للرؤيا والثقافة الوطنية وغير قادرة على بناء الدولة المدنية الحديثة

الخلاصة والاستنتاج :
1- أن تخليص العراق من الارهاب وفرض الامن والاستقرار وتحصينة من خطر الطائفية وإرساء السلم الاهلي وتوفير الخدمات والقضاء على البطالة يتطلب من الكتل الفائزة الاسراع في تشكيل الحكومة وأي تأخير سيكون في صالح جماعات قوى العنف والارهاب ويساعدهم على القيام بعمليات إرهابية جديدة بحق أبناء شعبنا .
2- الوطنية الحقة تتطلب الانطلاق من قاعدة أن تشكيل الحكومة هو شأن داخلي يتطلب حسمه داخلياَ إنطلاقاَ من الحرص على المصالح الوطنية العراقية . وأن العراقيين هم وحدهم القادرون على رسم وصيانة مستقبل العراق وليس دول الجوار ذات النظم الاستبدادية الشمولية .
3- أن الناخبين العراقيين قد تحدوا الموت من أجل الوصول لصناديق الاقتراع ليكون لهم دور في رسم مستقبل البلاد فعلى الكتل الفائزة أن تحترم إرادة الناخبين بالكف عن السماح لدول الجوار بالتدخل بالشأن العراقي .
4- أن تكون الحكومة القادمة حكومة وحدة وطنية بعيدة عن المحاصصة الطائفية والقومية هذا ما يحتاجة العراق في الظرف الراهن بأن تتشكل الحكومة من كافة القوى والتيارات حتى التي لم تفز في الانتخابات لان البلد الآن بحاجة إلى التخلي عن منطق الاستبعاد والاستئثار والهيمنة والاقصاء والتهميش للآخر الذي عانى منه العراق طيلة 30 عام الماضية مضافاَ لها السنوات السبعة المنصرمة .
5- العراق يمر في أزمة سياسية خطيرة ومعقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية الخروج منها يتم من خلال برنامج وطني ديمقراطي فالعراق الآن بحاجة لكل صوت وطني ولكل رأي عاقل وحكيم من أجل تجاوز الازمة وبناء دولة المواطنة الدولة المدنية العصرية الحديثة بأرادة وطنية دون تدخلات أو الاستقواء بالقوى الخارجية .
 


14-4-2010

 


 

free web counter