| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

                                                                                     السبت 12/11/ 2011

 

هل قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني ضَلت طريقها
(2-2)

فلاح علي

استكمالاَ لما ذكرته في الجزء الاول من المقالة من ملاحظات انتقادية على قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني ودورها في تراجع دور الحزب في كردستان وتبعيته للقوى الكردية المتنفذه . . فلا بد من مواصلة طرح بقية الملاحظات ووجهات النظر . ويكون من المفيد هنا طرح السؤالين التاليين :

السؤال الاول لماذا وقعت قيادة الحزب في هذه التبعية المطلقه للقوى الكردية المهيمنة في كردستان ؟ والسؤال الثاني ما هي انعكاسات هذه التبعية على الحزب وبنائه التنظيمي والفكري وتطوره ودوره وحضوره وتأثيره الجماهيري والسياسي ومستقبله؟

هذين السؤالين من وجهة نظري هما جوهريان واساسيان وشكلا ركناَ مهماَ واساسياَ في الهدف من كتابة مقالتي التي هي بجزئين , وأعتقد ان دور وحضور وفاعلية ونهوض ومستقبل الحزب الشيوعي الكردستاني مرتبط بتحديد الموقف الفكري والسياسي من هذه المسألة اي التبعية التي وقعت فيها قيادة الحزب وكيفية التخلص منها , واعتقد ان اي خلل ممكن معالجته اذا توفرت الارادة الشيوعية للتوقف عند اهم الثغرات وتشخيص الخلل في السياسة والفكر والتنظيم والاداء وهذا يتطلب اعادة الدراسة لواقع كردستان والعراق من خلال التحليل العلمي ووضع سياسة صحيحة على ضوء الواقع الراهن وبعد تشخيص اسباب الخلل ومعالجته ووضع الحلول وعلى كافة الصعد الفكرية والسياسية والتنظيمية والاعلام والعمل الجماهيري .

أرى ان الخلل الفكري يشكل احد اهم اسباب التبعية :

من وجهة نظري ارى ان احد اهم الاسباب الرئيسية لهذه التبعية هو الخلل في الجانب الفكري وبما ان جميع الاحزاب الشيوعية في العالم , بنيت تنظيمها ورسمت سياساتها ووضعت توجهاتها وتاكتيكاتها من خلال الاسترشاد بالماركسية والفكر الاشتراكي الذي سميت آنذاك بالنظرية الماركسية اللينينية . فلا بد هنا من التوقف عند ظاهرتين فكريتين يشكلان جوهر هذا الخلل الفكري حيث مرت به غالبية الاحزاب الشيوعية واصبح احد اهم جوانب الازمة التي مر بها هذا الحزب او ذاك والظاهرتان هما .

الانتهازية والتحريفية : لا يختلف اثنان ان المنشأ والتكوين لهاتين الظاهرتين هما التأثير البرجوازي والبرجوازية الصغيره ودورها في قيادة التنظيم الشيوعي حيث انها حامله لهما , وعند النظر الى هاتين الظاهرتين من الناحية الطبقية والرؤية السياسية نجدهما يمثلان شكل من اشكال آيدلوجية البرجوازية , وهنا يكمن الخطر حيث ما اكدته التجربة ان هذه الفئات البرجوازية من حيث واقعها الاجتماعي انها تتصف بالازدواجية وحتى التناقض في الرؤية والتبني والطرح والتوجهات , اذاّ كيف بها وهي تقود الحزب. لا اريد الاسترسال بقضايا نظرية والحديث عن الانتهازية والتحريفية اليمينية واليسارية لان المقاله لا تتحمل ذلك .

ولكن بالعودة قليلاَ الى التاريخ اثناء المد الذي شهدته الحركة الشيوعية في العالم , نجد ان هناك العديد من الحركات والتنظيمات ذات الاصول البرجوازية الصغيرة وذات التوجهات القومية واشخاص ومجموعات تبنوا الفكر الماركسي اللينيني آنذاك , ولكن من وجهة نظري رغم ان هذه الحركات والاشخاص من هذه الاصول الذين تبنوا الفكر الماركسي فهم من الناحية العملية والفكرية لم يتخلصوا بعد من تطلعاتهم ورؤيتهم البرجوازية ومن معتقداتهم القومية , ولكن نتيجة تأثير المد الشيوعي في العالم يبدو انهم حاولوا التقرب والتوفيق والملائمه والمعايشه بين معتقداتهم القومية وتطلعاتهم وتوجهاتهم البرجوازية وبين تبنيهم للماركسية . وما هذه الارتدادات في الحركات والاشخاص التي حصلت الا تأكيد لذلك . ما يهمنا على صعيد كردستان العراق كلنا نتذكر توجهات الكومله التي انبثق منها الاتحاد الوطني الكردستاني ادعت انها حركة ماركسية كما ادعى الاتحاد الوطني الكردستاني انه يتبنى الماركسية ولكن هل حقاَ في الواقع انهما حركات او تنظيمات ماركسية , وكثير من ناضل في صفوف الحزب الشيوعي العراقي سابقاَ ولاحقاَ في صفوف الحزب الشيوعي الكردستاني انتهى به الامر قومياَ متخندقاَ منغلقاَ منحازاَ للفكر القومي ومتطرف سواء كان من القومية العربية او القومية الكردية او القوميات الاخرى .

من اخطر ملامح الانتهازية والتحريفية :

ما اكدته تجارب الحركة الشيوعية في منطقتنا العربية وفي العراق , ان من اهم الملامح الملموسه للانتهازية والتحريفية واخطرها هو الرهان على الاحزاب والحركات القومية في تحقيق اهداف الشعب , كما تلجأ الانتهازية والتحريفية الى المبالغة بدور هذه الحركات والاحزاب القومية , ومن الملامح ايضاَ هو فك الارتباط بين الفكر والسياسة الحزبية من جانب والممارسة العملية من جانب آخر, وتجليات ذلك في الممارسة حيث يتغلب السلوك والرؤية القومية للظواهر والاحداث السياسية ويرى وينظر الانتهازيون والتحريفيون الى جميع الاشياء والظواهر المتنوعة المتواجدة على كوكبنا او المتواجدة على صعيد البلد الواحد ينظرون لها من منظار قومي وبهذا فانهم بفقدون بوصلة النضال , وغالباَ ما تنتهي بهم هذه الرؤية الى التعصب القومي وبهذا فان الانتهازية والتحريفية هي سبب الخلل وسبب الازمة التي يمر فيها الحزب واخطر ملامح هذه الانتهازية والتحريفية هو في تأثيرها على التنظيم وتسعى لاضعاف قواعده التنظيمية وتحويل التنظيم من تنظيم ثوري جماهيري له مهام واهداف الى تنظيم عادي يساير ويهادن الاقطاب الكبرى وتعمل على ادخال اللبرلة الى صفوف التنظيم , كما ان الانتهازيين والتحريفيين من ملامحهم او سماتهم الاساسية هو انهم نفعيون ذاتيون شرهون نحو مصالحهم الذاتية . وان ما اكدته التجربة الثورية ان احد اهم مخاطر الانتهازيين والتحريفيين على الصعيد التنظيمي هو انهم لا يعترفون بانتهازيتهم ويتبنون نفس الوجهه او الشعارات التي يضعها او يصوغها المناضلون الحقيقيون , لاجل ان يصونوا انتهازيتهم وتحريفيتهم من الكشف لأنهم يخشون المواجهه مع المناضلين الحقيقيين وان لا يتعرفوا على حقيقتهم ففي الممارسة العملية يكرسون سعيهم الجاد الى حرف التنظيم عن مبادئه وتوجهاته ومساره ومهامه واهدافه وهذا من اهم مخاطر الانتهازية والتحريفية , لانهم يقودون الحزب باتجاه الذيلية والتبعية للقوى القومية وهذا هو ما حاصل في الحزب الشيوعي الكردستاني . و كمثال للتبعية والتحرك من خلال الرؤية للمصالح الآنية النفعية الذاتية لا بد من طرح السؤال التالي الذي يتداوله غالبية اعضاء الحزب الشيوعي الكردستاني في الخارج وبلا شك في الداخل ايضاَ وهو : هل ان من مهام واهداف الحزب الشيوعي الكردستاني النضال من اجل الحصول على موقع الناطق الرسمي للحكومة فقط والتخلي عن المواقف السياسية والطبقية في الدفاع عن مصالح الجماهير وبالذات الكادحين منهم . هكذا مواقف تتحمل مسؤوليتها قيادة الحزب لأنها تجلب الضرر للحزب وتؤثر على حضوره وتأثيره التنظيمي والجماهيري والسياسي .

تحالفات الحزب الشيوعي الكردستاني :

ان القراءة الصحيحة لبرنامج الحزب الشيوعي الكردستاني وانطلاقاَ من سياسته التي حدد فيها مهامه الآنية نجد ان تحالفه النضالي الطبيعي والصحيح , يفترض ان يكون مع قوى التيار الديمقراطي في العراق وكوردستان . اذاَ هنا يطرح سؤال ماهي طبيعة تحالفات قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني ؟ من وجهة نظري ارى ان تحالفاتها هي بعيده عن المبدئية ولم تستند الى رؤية سليمة والى تاكتيكات صحيحة , تتميز تحالفاتها بالنفعية الضيقة وبالتبعية المطلقه للتحالف الكردستاني وهذا ما تؤكده وقائع الاحداث على الساحة الكردستانية لهذا ارى ان تحالفات قيادة حشك الآن تتجسد فيها الانتهازية السياسية وتحكمها حسابات المصالح الآنية النفعية المجردة والخالية من اي مبدأ سياسي او فكري .

ان كانت تحالفات قيادة حشك مبدئية لأتخذت موقف من التحالف الكردستاني لتصويته في البرلمان لتغيير قانون الانتخابات الذي كان الهدف من تغيير القانون هو لأضعاف وتهميش الحزب الشيوعي العراقي وقوى التيار الديمقراطي في العراق ولهيمنة المتحاصصون الطائفيون الاسلاميون والقوميون اللاديمقراطيون على البرلمان .

استنتاجات :

1- ارى انه كلما ابتعدت قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني عن المشاركة في الشأن السياسي العراقي كبعد نضالي للحزب , وعن العلاقة والعمل المشترك مع قوى التيار الديمقراطي , وكلما ابتعدت عن وحدة العمل والنشاط المشترك مع الحزب الشيوعي العراقي , وايضاَ كلما ابتعدت قيادة الحزب عن المنطلقات الفكرية للماركسية وعن المواقف الطبقية والاممية . هذا يساعد على ان يصبح وضع الحزب في خطر حيث بهذا تسهم قيادته طوعاَ لتعريض الحزب لعدة احتمالات , واحدة منها ابتلاعه أو اغتياله السهل وفي وضح النهار من قبل الاحزاب القومية الكبرى وهستيريا التعصب القومي .

2- ما يعرفه الجميع ان الماركسية والفكر الاشتراكي يمتلكان مخزون هائل من المعارف الفكرية والعلوم والحقائق والمبادئ , لكن تجربة قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني منذ عام 2005 الى الآن اكدت انها لم تمتلك اي شيئ من هذا المخزون لمواجهة ضغط التعصب القومي , وكأنها فقدت كل شيئ من هذا الرصيد المعرفي و الفكري المخزون , حالها حال من يدخل النهر دون معرفة السباحة او كحال الطفل الذي يفقد مفاتيح خزانته في المدرسة ويقف عاجزاَ امام هجوم معلمه عليه .

3- ما اكدته التجربة ان الانتهازيون والتحريفيون يتهربون او لا يظهرون جوهر الخلاف المبدئي معهم , كما انهم يصورون الخلافات المبدئية بانها مواقف وقضايا شخصية أو ثانوية تستهدفهم وبهذا لا يمكن التوقف عندها , ومع هذا انهم يخشون النقد عند مواجهتم باخطائهم وثغراتهم وانهم يلجأون للتبرير والهروب الى الامام خشية مواجهة الحقيقة.

4- تؤكد تطورات الاحداث في العراق وكردستان , بان هناك حاجة نضالية تضغط على قيادة حشك لأعادة دراسة التطورات في العراق وواقع كردستان , واعادة قراءة وتدقيق برنامج وسياسة الحزب ومهامه الآنية الديمقراطية ومواقفه وتاكتيكاته وانفتاحه على قوى اليسار والديمقراطية ذات البعد العراقي لأجل تصحيح مسار طريقها , وانقاذ الحزب من عزلته وازمته وضعفه واعادة الحيوية لدوره ونشاطه وحضوره وتأثيره الجماهيري والسياسي والثقافي بين جماهير كردستان العراق , وهذا يساعد على انتشال الحزب من وحل السياسة ذات الرؤية القومية الخالية من المضمون الديمقراطي ومن التبعية العمياء للقوى الكردية المهيمنه في كردستان .

5- الخطوة الشجاعه والجريئة الهامة التي يتطلب من قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني اتخاذها من وجهة نظري هي تخليص الحزب من التحالف الذيلي الانتهازي النفعي وذلك بالخروج من التحالف الكردستاني في اقرب وقت .

6- لاسيما وانه لا يوجد مراقب او متابع سياسي لم يفهم طبيعة القوى الكردية الكبرى وتحالفاتها في كردستان , حيث تميزت تحالفات هذه القوى بطبيعتها المتقلبة والمتناقضة منذ عقدين والى الآن , من التحالف مع ايران وتركيا والنظام الدكتاتوري المقبور, الى التحالف الطائفي القومي النفعي المعادي للديمقراطية ,حيث اسهم مهندسو السياسة الامريكية والايرانية بعد سقوط النظام الدكتاتوري من تشييد صرح هذا التحالف الذي يقف عائق ويحول دون بناء الدولة المدنية الديمقراطية في العراق ولا يضمن او غير قادر على ان يصون الحريات والحقوق بما فيها الحقوق القومية لقوميات شعبنا العراقي . ,كما ان هذا التحاف القائم على المحاصصة الطائفية والقومية لا يشكل ضمانه للفيدرالية لكردستان العراق , لان هذه المحاصصة الطائفية والقومية جوهرها او مضمونها معادي للديمقراطية .

هنا يحق لي ان اطرح سؤال : هل ان قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني هي جزء من هذا التحالف الطائفي القومي ؟ باعتبارها تشكل جزء ثانوي ذيلي من مكون للتحالف الكردستاني . ان صح ذلك فانها تتحمل مسؤولية تأريخية في جر الحزب لهذا المستنقع الذي اضر بالحزب حاضراَ ومسقبلاَ .

7- ما اكدته التجربه العالمية خلال العقدين الماضيتين ان هستيريا التعصب القومي والحركات القومية ذات الطبيعه الانفصالية والمنغلقة التي انتشرت في بلدان العالم , هي نتيجة لانهيار الاتحاد السوفياتي وفشل التجربه الاشتراكية وانتصار الرأسمالية في صراعها مع الاشتراكية وظهور نظام القطب الواحد في العلاقات الدولية الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية , فان تفكيك الكيانات واعادة بنائها وفق نظرية الفوضى الخلاقة هو احد العناصر الاساسية في سياسة و استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية , ان السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية هي وراء ظهور هستيريا التعصب القومي المغلف بالجهل والذي لا يحمل اي مضمون ديمقراطي لانه يخدم مصالحها الاستراتيجية .

8- من وجهة نظري ارى ان عمر النظام الدولي نظام القطب الواحد هو قصير , وان اقطاب دولية بانت آفاقها ومنها روسيا وسنشهد تأثيرها في اعادة التوازن في العلاقات الدولية وستظهر التوازنات الاجتماعية والسياسية على صعيد كل بلد ومنها العراق , ارى ان الحزب الشيوعي الكردستان عليه ان يأخذ ذلك في الحسبان عند رسم سياسته ومواقفه ويعيد النظر بتحالفاته وعلاقاته مع قوى التيار الديمقراطي في العراق ويهيئ تنظيماته فكرياَ وسياسياَ لانعطافات قادمه على صعيد العراق وكردستان يكون له فعل ودور فيها .

9- اخيراَ اكرر طرح السؤال للحوار كيف تتجاوز قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني المأزق الراهن الذي اوقعت فيه الحزب؟ او هل يتمكن مناضلو الحزب وكوادره وقاعدته من فك اسر الحزب من تأثير القوى القومية ويتخلص من تبعيته ويصبح حقاً حراَ في رسم سياسته واختيار تحالفاته طوعاَ وبمبدئية مع الحفاظ على استقلاله السياسي والفكري والتنظيمي وتنامي دوره وحضوره وتأثيره الجماهيري والسياسي والثقافي ؟ أخيراَ يكون من المفيد بان تلجأ قيادة حشك الى ممارسة ديمقراطية وتبادر بالرد على ملاحظاتي وتفتح حوار علني حول القضايا التي جاءت في هاتين المقالتين وأعتقد ان الجميع ينتظر ذلك .
 


11-11-2011
 

هل قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني ضَلت طريقها (1-2)
 

free web counter